انهارت ميساء
وانخرطت في بكاء عنيف تكاد تقسم من فرطه أن عيناها لونها بلون الدم، طمأنتها
الطبيبة وأعطتها حقنة مهدئة مع الوعد باستكمال المشهد مرة أخرى في المرة التالية
وطلبت منها اخبار كلا من علاء وفريدة أنها ليست لقيطة وأنا لها أهل.
ذهبت ميساء
مع علاء وفريدة إلى المنزل واستلقت في سريرها لا تعرف كيف تخبرهم بحقيقة كونها
يتيمة وليست لقيطة، ولكنها ذهبت في سبات عميق ورأت نفسها تحلم بوالدتها تحتضنها
وتقول لها ألا تحزن:
-
حبيبتي وحشتيني يا ماما
-
وانتي كمان يا قلب ماما تعالي في حضني
-
محتاجة لحضنك يا أمي جدا أنا تعبانة
-
أنا جنبك ديما يا بنتي ومش بعيدة عنك وكمان
اخوكي جنبك
-
أخويا؟!
-
أه أخوكي
-
أنا ماليش اخوات يا أمي
-
لا ليكي أخ، دوري توصلي
-
خايفة ما يرضاش يعترف بيا
-
ما تخافيش وارمي حمولك على الله
استيقظت مساء
وهي تهتف أمي، لا تتركيني يا أمي. هرع إليها علاء وفريدة واحتضنتها وميساء تبكي
وتنادي على والدتها
علاء: بتنادي على مين بس يا ميساء
ميساء: بنادي على أمي وحشتني قوي
فريدة: سلامة عقلك يا ميساء، ما احنا عارفين
مالناش اهل
ميساء: بس أنا ليا
علاء: انتي بتقولي ايه
ميساء: بقول يا علاء أنا ليا أم وأب بس ماتوا
والجيران جابوني هنا
فريدة: انتي بتهرجي صح؟
ميساء: لا يا فريدة بتكلم صح وح احكي لكم
حكايتي
وقصت عليهما
ميساء قصتها وتدخل علاء
علاء: اسمك ايه بالكامل يا ميساء
ميساء: اسمي ميساء علي محمود الخازندار
علاء: يا دي المصيبة انتي عارفة دا معناه ايه
فريدة: مصيبة ليه يا علاء وايه المشكلة
علاء: المشكلة انك اختي يا هانم، أنا اتجوزت
اختي
فريدة: اختك ازاي مش انت لقيط يا ابني
علاء: لا يا فريدة أنا ابن علي محمود
الخازندار المدرس المزواج ودلوقتي المفروض نعمل ايه مش عارف وازاي عدى الاسم عليا
من غير ما أخد بالي
ميساء: دي غلطتنا أنا وأنت يا علاء عشان محدش
فينا فكر إنه يقول حقيقته فكرنا إننا مش فارق إننا لينا أهل أو لا المهم إنهم
رمونا هنا زينا زي أي حد
فريدة: يعني دلوقتي أنا الوحيدة اللقيطة
فيكم، أنا ......
علاء: ما تكمليش يا فريدة، إنتي مش قليلة ومش
أقل مننا ولا إحنا أحسن منك كلنا زي بعض وبعدين انتي مراتي يعني عيلتي كلها وقطع
لسان اللي يقول عليكي كلمة وحشة
ميساء: فعلا يا فريدة إنتي اختي ومرات أخويا
وعمر حالك ما كان نقص فيكي يا بنتي انتي فيكي طيبة تكفي الكرة الأرضية كلها وبعدين
أهم حاجة إني مش ضرتك
علاء: طب والحل يا بهوات دلوقتي
فريدة: مفيش حاجة يا علاء انت تطلق ميساء
رسمي يبقى معاها قسيمة طلاق وتروح انت وهي تعملوا قيد عائلي وتطلع شهادة ميلاد ليك
أنت وهي وتدورا على اخواتكم طالما الاب مزواج يبقى الاخوات كتير
علاء: أنا فعلا عملت قيد عائلي عشان الجيش
بعد الكلية وعرفت إن ليا تلت اخوات رجالة كبار بس ما فكرتش اروح لهم، على فكرة يا
ميساء احنا لينا ميراث من أبونا
ميساء: مش مهم الميراث الأهم هل اخواتنا فعلا
ح يقبلوا وجودنا معاهم وفي حياتهم ولا ح يبعدونا عنهم وعن حياتهم
علاء: أكيد ح يخافوا لنعيد تقسيم الميراث
علينا تاني ما تنسيش لينا ميراث أمهاتنا كمان لأن بابا مات قبل ما أمهاتنا تموت
يعني الميراث كله ح يتعاد تقسيمه تعتقدي كمان إن مرات بابا ح ترضى نصيبها يتقسم
على تلاتة، ونصيب ولادها يتقسم علينا كلنا، الحرب مش سهلة وصعبة
فريدة: بس دا حقكم ولازم يعترفوا بيكم مش
ذنبكم إن أبوكم كان مزواج حاولوا يمكن تقدروا تقنوعهم يعترفوا بيكم
في منزل
محمود
هناك أحد ما
يطرق الباب
أم محمود: طيب حاضر جاية أهو، محمود شوف مين
على الباب
محمود: حاضر، مين حضرتك؟
علاء: أنا علاء
محمود: اهلا أستاذ علاء أقدر اساعدك بحاجة
علاء: ممكن أدخل ونتكلم جوة عشان الكلام ح
يطول
محمود: اتفضل
علاء: ممكن حضرتك تقرأ الأوراق دي
محمود: فيها ايه الأوراق دي
علاء: فيها كلام مهم جدا، ومنها اسمي أنا
علاء علي محمود الخازندار
محمود: نعمممممممم!!!!!!!
علاء: ايوة، زي ما سمعت كده، الورق فيه كل
حاجة
قرأ محمود
الأوراق ونادى على والدته، التي أتت من المطبخ مع زوجته دعاء لترى سبب ارتفاع صوته
والدهشة التي تعلوه
أم محمود: فيه ايه يا ابني
محمود: ماما، انتي عارفة ان بابا كان متجوز
عليكي
جلست مرة
واحدة وهي تتنهد وتنظر للضيف الجالس في الصالون مع أوراقه ونظرت على الأوراق التي
في يده وقالت له:
أم محمود: أيوة يا ابني أبوك اتجوز كتير بس
ما اعرفش اذا كان خلف ولا لأ، هو كان بيخبي عليا إنه اتجوز بس أنا كنت بعرف واسكت
عشان احافظ على بيتي، ودلوقتي إنت يا ابني جاي ليه وعايز ايه؟
علاء: أنا علاء ابن زوجك وأخو ولادك وليا أخت
كمان من الأب برضه، كل اللي نفسنا فيه يكون لينا عيلة ونتلم كلنا
أم محمود: بص يا ابني ليكم عندنا ورثكم من
ابوكم الله يرحمه ودا حق ربنا ما اقدرش اني أخالفه، لكن يكون ليكم عيلة مع ولادي
أنا أسفة مش ح استحمل انكم تيجوا هنا وافتكر خيانة جوزي ليا
محمود: بس يا ماما من حقنا نعرف اخواتنا
طالما إنك عارفة إن بابا كان متجوز والورق سليم يبقى لازم نعرف اخواتنا خصوصا
بيقول فيه بنت كمان يبقى لازم نعرفهم ونكون ضهر ليهم كفاية إن عمي الله يرحموا سرق
ورثه من أمه ومنعه عننا واتربى في دار ايتام، فاكرة يا ماما دار الايتام
صمتت الأم
فهي تفهم ما يرمي إليه ولدها، إنه يذكرها بالفتاة التي طالما أراد الارتباط بها
وهي رفضت ذلك وأصرت على زواجه من أخرى حتى تزوج دعاء، تعلم إنه إذا وجد فتاته فسوف
يتزوجها على الفور ولكنه لا يعرف لها طريقا وهي تحمد الله على ذلك.
لم يخبرهم
علاء عن اغتصاب ميساء ولا علاجها نفسيا، فهو لا يعرفهم وهم لا يعرفونه وقد لا
يصدقوا أنها مغتصبة وليس لها يد في الأمر، أخفى عليهم ذلك ولكنه أخبرهم بزواجه من
فتاته التي يحبها وأخبرهم أنها يتيمة ولم يخبرهم أنها لقيطة خاف عليها من نظرتهم
إليها التي قد تضايقها لذا آثر السلامة وقال إنها يتيمة الأب والأم.
اتفق محمود
على زيارته مع اخوته ليتعرف على اخته وعلى زوجة أخيه وبدأت إجراءات إعادة توزيع
الإرث مرة أخرى وحصل كل من علاء وميساء على انصبتهم الشرعية في الميراث. لم يكن أي
منهما يتوقع ما حدث، بل توقعوا الرفض والادعاء عليهم بالكذب، ولكن السهولة التي تم
بها الأمر كانت مفاجأة سارة بالنسبة لهم، وتحدد موعد زيارة محمود واخوته لعلاء
وميساء. حتى تلك اللحظة لم تكن فريدة تعلم أن محمود حبيبها هو أخو زوجها، لم تعرف
أن حبيب العمر أصبح القريب البعيد، لم تكن تعرف أنه بحث عنها وأنه أحبها، ولك يكن
يعرف أنها ستكون بذلك القرب منه لأنها زوجة أخيه والبعد لأنه لا يمكن أن يطعن أخيه
في ظهره وتم اللقاء.
جاء محمود
واخوته الاثنين إلى منزل علاء، استغربا أن المنزل في منطقة شعبية للغاية، ولكنهم
وجدوا أن السبب يكمن في قلة الموارد المالية لأخيهم واختهم وصعدوا إلى الشقة
وضربوا جرس الباب وفتحت فريدة الباب، وبمجرد رؤية محمود أصيبت بالاغماء
علاء: مين يا فريدة
محمود: انا محمود يا علاء تعالى الحق فريدة
وقعت في الأرض
وحملها محمود
حتى أقرب كرسي عندما أتى علاء وحاول أن يجعلها تفيق من الاغماء الذي أصابها
علاء: أنا آسف يا جماعة ما اعرفش فريدة مالها
محمود: أنا محمود واحنا اتعرفنا قبل كده ودول
اخواتنا محمد وعمر
محمد: اهلا وسهلا يا علاء، هي فريدة هي
اختنا؟
علاء: لا فريدة تبقى مراتي، أختنا اسمها
ميساء. ميساء انتي فين تعالي
ميساء: حاضر يا علاء ثواني، مالها فريدة؟
علاء: مش عارف أول ما فتحت الباب اغمى عليها
ووقعت على الأرض
ميساء: علاء، هات البرفان من اوضة النوم جوة
بسرعة
وفاقت فريدة من الاغماء واعتذرت منهم جميعا
علاء: فريدة حبيبتي مالك انتي كويسة؟
-
فريدة: أنا كويسة يا علاء ما تقلقش ما اعرفش
ايه اللي حصل، أنا اسفة يا جماعة
علاء: مفيش اسف ولا حاجة
فريدة: أستاذ محمود ازي حضرتك مش فاكرني ولا
ايه
محمود: ازاي يا فريدة حد ينسى الطالبة
المجتهدة اللي رفعت راسه بمجموعها، صحيح انتي فين دلوقتي
فريدة: اشتغلت في نفس المدرسة مُدرسة لغة
عربية
محمود: ما شاء الله خليفتي في الملاعب، معلش
يا جماعة نسيت أقولكم إن فريدة كانت طالبة عندي ثانوي أما كنت في مدرسة البنات
واتخرجت من المدرسة ودخلت الكلية قبل ما أنا أمشي وما عرفتش أخبارها بعد كده
محمد: اهلا بيكي يا فريدة
محمود: وانتي يا ميساء دخلتي كلية؟
ميساء: لا أنا دخلت ثانوي تجاري
علاء: وانت يا محمد، محمد صح؟
محمود: ايوة محمد ودا أخويا عمر احنا دخلنا
كلية تجارة عشان نتابع الشغل مع الحاجة وفي نفس الوقت نقدر نكبر شغلنا
انقضى الوقت
في التعارف، لم يكن محمود يظهر أي من مشاعره الدفينة التي تمنت أن تحتضن فريدة
ويتركها في حضنه أبد الآبدين، وتمنى وهو يحملها بين يديه وهي في حالة الاغماء أن
يقبل ثغرها الجذاب الصغير، أن يلمس وجهها بيديه، ولكنه خاف أن تكون أخته فهو نسي
اسم اخته الذي قاله لهم علاء وكان يتمنى ألا تكون كذلك، وعندما علم أنها زوجة أخيه
شعر وكأن دلوا من الماء البارد ألقي عليه، لقد حرمت عليه مؤقتا بزواجها من أخيه
ومجتمعيا حتى لو طلقها علاء لن يستطيع الزواج منها بسبب المجتمع الذي رفضها سابقا
كونها لقيطة والذي سيرفض ارتباطه بها لأنها زوجة أخيه، الحل الوحيد الذي يسمح له
فيها المجتمع بالزواج منها أن تكون أرملة أخيه. جالت الكثير من الأفكار في خلده
ولم يكن يدري ماذا يفعل.
على الجانب
الآخر شعرت ميساء بالغضب عندما علمت أنه حبيب فريدة، الآن فقط يظهر والآن فقط بعد
أن علمت أنه أخيها هي وعلاء، ظهور حبه لفريدة يعني قطيعة رحم مرة أخرى وحرمانها من
أخوتها جميعا، وعلاء الذي كان حتى وقت قليل حبيبها سوف يكسر قلبه، كما خافت من رد
فعل فريدة على ظهور محمود المفاجئ، لم تكن تعرف كيف سوف تتصرف فريدة، كانت خائفة
ومرتعبة أن تكون فريدة لا تزال تحب محمود، الآن هذا الحب أصبح مستحيلا.
ومن جانب
فريدة، لم تحتمل فكرة أن حب حياتها هو أخو زوجها الحالي، أن الشخص الوحيد الذي
أحبته وتمنت أن تكون بالقرب منه يكون أقرب إليها لكونه أخو زوجها، أخو زوجها، ظلت
تلك العبارة تتردد في ذهنها حتى فقدت الوعي في الفترة القليلة التي شاهدت فيها
محمود، وعندما أفاقت وجدت محمود يلقي عليها دلوا من الماء البارد عندما اعتبر
وجودها مجرد فتاة متفوقة في الدراسة وخليفة له في الملاعب كما يقول، لم يدر أنها
تذوب في حبه وتتمنى لو أنها في حضنه، تتمنى لو أنه زوجها، وتخاف من هذا الوضع الذي
وجدت نفسها فيه بين ليلة وضحاها.
لم يتكلم
كثيرا كل من محمد وعمر، لم يستسغ أي منهما وجود اخوة لهم وهم في ذلك السن وأن تكون
اختهم مطلقة، لم يحتملا تلك الفكرة ولكنهما لم يصرحا بها ووجدوا أن والدتهم معها
الحق في رفض استقبال أولاد زوجها في بيتها، أما محمود فقرر وضع حدود في التعامل لا
يريد أن يضع نفسه في مواجهة مع حب حياته وأخيه الذي تعرف عليه توا.
شعر علاء هو
وميساء ببعد اخوتهما عنهما، ولكن دون أن يعلما السبب لذا اعتبرا أنها المفاجأة أن
يكون لهم أخوة آخرون، ولكن ميساء لم يفتها النظرات التي كانت في عيون محمود كلما
نظر إلى فريدة وتمنت من الله أن تكون على خطأ.
شذى: كان
احساسك ايه يا فريدة أما شوفتيه قدامك؟
فريدة: حسيت
قلبي اتاخد مني مكنتش لسه اعرف اللي حصل مع مامته زمان ماكانش حكاه وكان لسه في
زغزغة في قلبي لكن لما عرفت انه اخو جوزي كأن حد قطعني نصين وعرفت العذاب اللي ح
أعيش فيه لأني ح اشوفه باستمرار ومش ح اقدر اكلمه
ميار: وحكي
لك امتى اللي حصل؟
فريدة: بعد
زيارته دي اخد رقم تليفوني عشان التواصل بينا وبعد موت علاء الله يرحمه اتصل بيا
وحكى لي على كل حاجة عشان نتجوز وبعد اللي حكاه رفضت الجواز منه حتى لو لسه فاكرة
نبض قلبي ليه لكن العقل بيقول انه ضعيف ومش ح يقدر يواجه الدنيا بيا
شذى: عندك حق
فعلا يا فريدة هو ضعيف جدا غير علاء خالص
فريدة: علاء
كان راجل بجد راجل مواقف وبيتكلم حلو قوي قربني منه ونساني العالم كله وقبلني زي
ما أنا كده وقدر يواجه بيا اهله
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق