الخميس، 13 فبراير 2025

الفصل الثاني والعشرون

 

شذى: يا عيني يا عيني ايه الحب والهيام دا

علياء: كان متفهم جدا وعشان كده استريحت لما سمعت كلام ميار وقربت منه

فريدة: عندك حق الراجل لما يكون متفاهم فعلا الدنيا كلها بتهون

ولاء: بس برضه انه يكون فاهم وبيحب مش كفاية لازم يكون عنده الإصرار انك تفضلي في حياته وما يستغناش عنك عشان مرض أو مشكلة

ميار: ودا كان حمدي فعلا قرب مني وما استغناش عني عشان ظروفي وعشان مرضي بالعكس كان أقرب حد ليا

علياء: كملي بقى يا ميار الحكاية

شذى: يا ريت حكايتكم انتم الاتنين تحفة وفيها مشاعر كتير

ميار: حاضر يا ست شذى

بعد حديث الحب والهيام ضم محمد علياء لحضنه وهي استجابت له، وتأججت مشاعر الحب بينهما حتى وجدا نفسيهما معا في لقاء حب يحدث لأول مرة بعد ولادة علياء، أنهيا اللقاء وبعده خاف محمد أن يشعر ذلك علياء بالألم كما حدث أول مرة ولكنه اطمأن حين قالت له ببعض الغنج "مبارك عليك يا عريس" شعر تجاهها بالحب والحنين لها، حنين جعله يأخذها مرات أخرى شعر فيها محمد أنه امتلك الدنيا وما فيها، وشعرت معها علياء بالشوق لمحمد وبعد للقاء الذي امتد لساعات قضى فيها كل منهما شوقه للآخر، طلبت منه علياء أن يكون رحيما بها ولا يخذلها، ووعدها محمد بذلك، وكيف لا وهو يشعر معها كل يوم أنها جزء منه، رجل الصعيد الحازم الصارم، أضحى أمامها المحب الهائم، الذي لا يرفض لها طلبا، وعدها محمد بحضور خطوبتي وزفافي أنا صديقتها الوحيدة، التي يرى محمد أنني كنت سببا في حالة الحب التي يعيشها الآن وأنني كنت سببا في أبوته لولديه، كما طلب منها دعوة حمدي معي بعد الزفاف لقضاء بعض الوقت معهم في الصعيد كي يوطد صلته بحمدي لأن زواج حمدي مني يعني وجود حمدي معي أثناء زيارة زوجته لي، وعادات الصعيد وغيرته على زوجته تمنعه من وجودها في حضور رجل غريب؛ لذا وجد الحل في توطيد علاقته مع حمدي ليكون مع زوجته في وجود رجل غريب.

مضت الأيام سريعا، كنت قد اشترت ملابس جديدة لتكون فأل خير كما قالت أم حامد، واتفقنا على تفاصيل كل شيء، وحددنا موعد الخطبة بعد شهر من يوم الخميس حتى أكون مستعدة وحتى يحجز حمدي قاعة مناسبة للخطبة، كما حددنا موعدا لشراء الشبكة.

كنت سعيدة سعادة لا توصف، أشعر أنها أول مرة لي في الزواج؛ وكيف لا وكل شيء مختلف هذه المرة؛ فأنا أحب حمدي وأعرف أنه رجلا بمعنى الكلمة، أختار كل شيء في الزواج موعد الخطبة والشبكة والشقة والأثاث، قرر حمدي أنه سيتكفل بكل شيء بداية من الشقة وحتى الأثاث وما عليّ سوى الاختيار، لم يعجب ذلك والدته ولكنها وافقت على مضض حتى لا تحرج ولدها أمام الغرباء، لم تظهر مشاعر الحب تجاهي وكذا مشاعر الكره، كانت مشاعرها فاترة تجاه الأنثى التي خطفت منها وحيدها.

بعد تحديد موعد الخطبة، تحدث حمدي معي في تحديد موعد الزفاف

حمدي: متى تحبين أن يكون موعد الزفاف يا ميار

ميار: متى جهز كل شيء، لا داعي للتأجيل

حمدي: هل أنتِ واثقة من ذلك؟

ميار: نعم، لكي يعرف كل منا الآخر جيدا، ولن يكون ذلك ممكنا دون زواج، وأنا لا أريد أن تطول فترة الخطبة

حمدي: لكِ ذلك

ميار: ولكن لي شرط

حمدي: ما هو؟

ميار: ألا تحدث بيننا علاقة حتى اطمئن لك

حمدي: هل لازلت تخافين مني؟

ميار: أنا أخاف كل الرجال وأحتاج أن أشعر بالأمان، أنا أشعر به الآن ولكن العلاقة أنت تعرف ما مررت به

حمدي: لا تخافي لن يحدث شيء دون إرادتك

ميار: أحبك يا حمدي، وأخاف أن أخسرك

حمدي: لا تخافي يا حبيبتي، فأنا لا أستطيع العيش دونك

ميار: حقا يا حمدي؟

حمدي: نعم، إنك كل شيء لي في حياتي

ميار: إذن فليكن الزفاف بعد شهر من الخطبة يكون منزلنا قد اكتمل

ميار: فليكن بعد شهر من الخطبة ولكن ألن يكون ذلك عبئا عليك لظروف عملك

حمدي: لا عليك، سأستطيع التوفيق بينهم، كما أننا سنبدأ في التجهيز منذ الآن

وسأحجز قاعة الزواج وأخبرك بالموعد لكي تخبري أصدقائك به

ميار: ليس لي سوى علياء

حمدي: أخبريها بالموعد، وأخبريها في رغبتي في لقاء زوجها

ميار: لماذا؟

حمدي: أنتما صديقتان ومن الطبيعي أن تلتقيان وأنا لا أحب لقائك برجل غريب دون وجودي لذا من الطبيعي أن يكون زوجها صديق لي حتى أكون معه في لقاءكما

ميار: أتغار عليّ

حمدي: نعم، أغار عليك، أنتِ زوجتي وحبيبة قلبي

ميار: سأتحدث معها لتأتي في الخطبة وتمكث يوم أو أكثر بعدها حتى تستطيع التعرف على زوجها، الذي داعانا بعد الزواج لقضاء بعض الوقت في بلدته

حمدي: حسنا، إنه يفكر مثلي، نعم الرجل

اتصلت بعلياء وأخبرتها بموعد الخطبة وطلبت منها المكوث بضعة أيام حتى يتثنى لحمدي ومحمد اللقاء، وأخبرنا بعضنا بسبب رغبة حمدي ومحمد في التعرف على الآخر، وتمت الخطبة وبالفعل حضر محمد مع علياء ومكثا في القاهرة يومان بعد الخطبة التقى فيهما محمد وحمدي معا في النادي:

حمدي: أهلا بك يا أستاذ محمد في القاهرة

محمد: أهلا بك يا حمدي، يا ليت نتحدث بلا ألقاب فنحن أصبحنا أصدقاء، ولا داعي لتلك الألقاب

حمدي: معك الحق يا محمد

محمد: مبارك لك يا أستاذة، أستأذنك يا حمدي أن نمشي سوية ونترك النساء مع بعضهم

حمدي: لديك كل الحق هيا بنا

علياء: يبدو أن خطيبك يفكر كما يفكر زوجي يا ميار

ميار: بالفعل يا علياء، ولكن لماذا لم يذكر زوجك اسمي واكتفى باللقب فقط؟

علياء: عاداتهم في الصعيد تجد العيب في ذكر اسم المرأة لذا اكتفى باللقب وبعد زواجك ستصبحين مدام حمدي

ميار: عاداتهم غريبة كيف تعودتِ عليها

علياء: أنا في الأصل من الصعيد أنسيتِ ذلك

ميار: فعلا، لأني تعودت عليك تتحدثين لكنتنا وأسلوب حياتك خارج الصعيد

علياء: كان من الصعب المعيشة هناك ولكن محمد ساعدني على ذلك، خاصة بعد أن تحدثنا معا بصراحة في كل شيء كما أخبرتني، لقد وجدته شخصا آخر غير الذي تعرفت عليه في بداية زواجي، شخصا محبا هادئا، حسن المعشر، لقد أحببته

ميار: هذا جيد، لقد استمعت إلى نصيحتك وعجلت بموعد الزفاف على أن يكون بعد شهر من الآن لقد حجز حمدي قاعة الزفاف فاخبري زوجك بالموعد ليستطيع المجيء

علياء: حسنا سأخبره، دعينا منهم الآن أخبريني عن حالك

ميار: أنا الحمد لله في أحسن حال، أحب حمدي بشدة وكل يوم يمر يزيد من تعلقي به، وأتناول أدويتي بانتظام، فحمدي يتصل بي عند موعد كل دواء لكي يضمن تناولي للدواء، ولكن لازلت خائفة من الزواج، لذا اشترطت على حمدي عدم الدخول بي حتى يمكنني ذلك

علياء: نعم ما فعلت، صدقيني لن تندمي على الارتباط بحمدي فهو نعم الرجل ويحبك ويعلم كل شيء عنك، وأرادك كما أنتِ، فمن المؤكد أنه يستوعب حالتك ولن يخذلك أو يكرهك على شيء

ميار: أتظنين ذلك حقا؟

-         علياء: نعم أن على يقين من ذلك

ومضى لقائي بعلياء، وعلى صعيد آخر كان لقاء محمد وحمدي:

حمدي: من الجيد اقتراحك يا محمد ترك النساء معا، فأنا لا أحب الاختلاط

محمد: وأنا أيضا، من عاداتنا في الصعيد عدم الاختلاط وأنا تربيت على ذلك، كما أنني أغار على نساء الدار، لذا طلبت من زوجتي أن نتعرف على بعضنا البعض لصداقة زوجتينا معا، لنتركهما وحدهما ويكون بيننا شيء مشترك نتحدث به

حمدي: أحب صراحتك يا محمد، فأنا كذلك طلبت من خطيبتي أن نتعرف على بعضنا البعض لنتركهما على راحتيهما في المنزل ونخرج سويا، أو نتركهما وحدهما في النادي ونتحدث نحن وحدنا

محمد: إذن فهناك شيء مشترك بيننا وهو الغيرة على نساءنا، أنا جدا سعيد بمعرفتك يا حمدي، في أي مجال تعمل

حمدي: أنا طبيب نفسي، أعمل في مصحة في النهار، وليلا لي عيادتي الخاصة، وماذا عنك؟

محمد: أن أعمل مع والدي في إدارة الأرض والمزارع وتصدير منتجاتنا للخارج، وتوريد المحاصيل الأخرى لبعض المصانع في القاهرة وبعض الدول الأجنبية، وذلك بعد تخرجي في كلية الزراعة جامعة أسيوط

حمدي: أليس لك إخوة؟

محمد: لي أخ أصغر لايزال طالبا في جامعة القاهرة، أراد الدراسة بعيدا عن الصعيد وهو متزوج من أخت زوجتي الصغرى

حمدي: علمت من خطيبتي أن لك أولاد

محمد: نعم، لي فتحي وعليّ عمرهم الآن ثلاثة أشهر لا أدري بالضبط كم شهرا عمرهما

حمدي: مبارك لك، رزقك الله برهم وجعلهم قرة عينك

محمد: اللهم آمين، لقد علمت أنك ستتزوج بعد شهر من الآن

حمدي: نعم، وأنت مدعو في حفل الزفاف

محمد: بالطبع سأحضر، ولكن أنا أدعوك لقضاء بعض الوقت في دارنا في الصعيد، ولا تخف لا اختلاط هناك سيكون لك غرفة الضيوف وهي منفصلة عن الدار لك ولزوجتك كما سأدعوك لترى المزارع والأرض لدينا

حمدي: بالطبع سآتي لزيارتكم، فأنا أعلم أنه لا يوجد اختلاط لديكم كما أنني أحب جو الصعيد والخضرة الموجودة في كل مكان

محمد: إذن سأنتظرك بعد أسبوع من الزفاف

حمدي: اتفقنا

لم يكن كل من حمدي ومحمد يعتقدان أن تكون هناك روابط مشتركة بينهما، وعندما كانت رغبة عدم الاختلاط والغيرة على النساء هي ما تجمعها، كانت خير رابط بينهما، فالرجولة والغيرة على النساء هي خير رابط بين الرجال.

بعد مقابلة محمد مع حمدي، أخبر زوجته بسروره للتعرف بحمدي، لما وجده لديه من غيرة على أهل داره، مثل الغيرة التي يشعر بها هو تجاه أهل داره، وأخبرها بموعد زيارتي وحمدي لهما لتعد لها من الآن. بعد أن عاد محمد مع زوجته من القاهرة بعد خطبتي، كانت والدته تستاء من كثرة سفره مع زوجته، خوفا على الصغار من الأمراض والإرهاق لكونهما لا يزالان صغارا جدا على السفر، فأخبرت ابنها بذلك:

نحمدو: يا ولدي لا يصح أن تسافر أنت وزوجتك باستمرار هكذا، لابد من مراعاة وجود الصغار الذين يمكن ان يمرضوا نتيجة السفر المستمر وتغيير الطقس

محمد: لا تقلقِ يا أماه، فهما ولدي وأخاف عليهما كثيرا، ولكن أم فتحي لاتزال عروسا جديدة ومن حقها عليّ أن تقضي أول زواجها فيما ترغبه، وعموما بقيت لنا سَفْرَةً واحدة فقط، وبعدها لن نسافر قبل مضي فترة طويلة

نحمدو: يا ولدي والدك يشكو من الحمل الذي تضعه على عاتقه كلما سافرت

محمد: والدي معتاد على سفري، فأنا أسافر كثيرا لقضاء مصالح عمل والدي وليست المرة الأولى التي أسافر وأتركه يباشر أعمالنا، فما الذي يقلقك صراحةً

نحمدو: أصدقك القول يا ولدي، كثرة سفر زوجتك لا تساعدني على تعليمها عادات الصعيد كما طلبت مني، وفي الوقت ذاته بدأت أختها تشعر بالغيرة من زوجتك، فأم ياسر لا تخرج من الدار حتى أسمح أنا لها بذلك، وأخوك مشغول بمذاكرته وامتحاناته، وهي لا تذهب إلى دار والدها إلا مرة كل شهر عندما أسمح أنا لها بذلك، أما زوجتك فلا تمكث معنا في الدار كثيرا حتى أسمح لها بما يجوز لها فعله

محمد: لديك الحق في موضوع غيرة أختها، ولكن ذلك خطأ محمود، كان يستطيع قبل دخول الامتحانات أن يسافر مع زوجته، ولكنه حتى الآن يحملها ذنب عدم زواجه ممن يحب ويعاقبها عليه، أما أنا لا أجد سببا كي أعاقب أم فتحي عليه، فهي زوجتي وأم أولادي وتطيع كل ما أقوله، كما أنها تطيعك أيضا. أما فيما يخص أن تسمحي لها بما يجوز أو لا يجوز، فهذا شأني أنا، وأنا فقط من يحدده، دورك يكمن معها في تعليمها عاداتنا وتقاليدنا وكذلك لهجتنا كي تستطيع التحدث بها وترك لهجة أهل المدينة

نحمدو: إذا كان ليس لي حكما عليها فهذا يعني أني ليس لي حكما على أختها، وهذا لن يحدث، فأنا سيدة الدار وكلامي سيف على رقاب الجميع

محمد: يا أماه أنتِ أمي وأنا أطيعك ولكن زوجتي ليس عليها سوى طاعتي أنا، وهذه هي حياتي، هي تطيعك في شئون المنزل وتعلم عاداتنا ولكن أي شيء آخر فهو يعود لي

-         نحمدو: كما تشاء

بعد أن أنهت نحمدو حديثها مع ولدها شعرت بالغيرة من زوجة ابنها التي جعلته لا ينصاع لكلامها كما كان سابقا، ترى أنه يدللها كثيرا وأن ذلك سوف يفسدها، لم تنس أنها تركت لهم الدار دون إذن وذهبت إلى دار والدها ومكثت هناك، ورغما عنهم حضرت ولادة أختها، وتذكرت نحمدو ما حدث من ولدها هناك، وكيف رد عليها وأسكتها تماما، ثم لهفته عليها رغم ما اقترفته ليجد لها طبيبا وقت المخاض، وتذكرت أن محمودا لم يحضر مخاض زوجته لوجوده في القاهرة وعودته بعد يومان من ولادة أم ياسر، وهو من اختار الاسم دون الرجوع لأحد.

قررت نحمدو أن تتعامل ببعض الشدة مع علياء حتى تتعود على عادات الصعيد وأن تجعلها تكثر من مساهمتها في شئون المنزل، فهي تعلم أن إدارة المنزل من بعدها ستذهب إلى علياء لأنها زوجة العمدة وعضو مجلس الشعب، لذا أرادت أن تحضرها لهذا الدور بالشدة عليها كي تتعلم علياء الشدة في التعامل خاصة مع الخدم ونساء الدار لكي يكون كلامها سيفا على رقاب الجميع، لكنها لم تظهر ذلك أو تطلع عليه أحد حتى لا تعلم علياء سبب ذلك وتحضر هي نفسها بنفسها لإدارة الدار. بعد حديث نحمدو مع محمد أرسلت واحدة من خدم الدار تطلب من علياء النزول لحماتها:

علياء: كيف يا حالك يا أماه

نحمدو: لأول مرة تقولي لي يا أماه

علياء: أنتِ والدة زوجي وأصبحت الآن في منزلة والدتي

نحمدو: أحقا تقولين؟

علياء: أي والله، وأنا بالفعل اعتبرك مثلها

نحمدو: لذا لا تستمعين لكلامي

علياء: أبدأ، أنا أطيعك في كل شيء، ولكن انشغلت في التحضير للسفر بعد نفاسي مباشرة، وبعدها لحضور خطوبة صديقتي ميار التي حضرت لنا منذ فترة

نحمدو: أستتزوج؟

علياء: نعم ستتزوج بعد شهر من الآن بعد انتهائها من إكمال منزلها واحتياجاتها

نحمدو: وهل ستسافرين لحضور الزفاف؟

علياء: لا أعرف، إذا وافق محمد سنسافر وإذا رفض لن أسافر

نحمدو: لا تقولي محمد، إنه أبو فتحي، لا تقولي اسمه هكذا دون لقب، فهذا عيب هنا في الصعيد

علياء: حاضر، لن أقول اسمه وسأقول أبو فتحي

نحمدو: والآن اذهبي مع أختك للإشراف على إعداد الغداء

علياء: حاضر

ذهبت علياء لأختها للإشراف معها على تحضير الطعام، ووجدت حبيبة ساهمة بعض الشيء:

علياء: ما بك يا حبيبة، أراك ساهمة واجمة

حبيبة: لا شيء

علياء: أتخفين عن أختك

حبيبة: لا شيء ولكني متضايقة بعض الشيء فأنا لا أرى محمود تقريبا منذ الشهر، ولا يسمح لي بالمبيت عند والدتي

علياء: هل استأذنتِ زوجك ورفض؟

نحمدو: لا، إنه قال لي منذ أول يوم في زفافنا أن والدته هي من توافق وترفض، وأنا أرى أن زوجك يفعل العكس تماما، إنه بجانبك ويسافر معك ويتركك تذهبين لرؤية والدينا والمبيت هناك دون موافقة والدته

علياء: العيب ليس في والدته ولكنه في محمود لأنه أوكلها بالتصرف، ولكن قد يكون ذلك لانشغاله بالدراسة ويمكن أن يتغير الوضع بعد انتهائها، فهو في السنة النهائية، ولا تنسي أن الزواج جاء سريعا على غير رغبة من الجميع، وأنه كان يرتب حياته بطريقة مختلفة وفجأة تغير كل شيء، حاولي التقرب منه عندما يأتي

حبيبة: لن يتغير شيء، حتى في ولادتي جاء بعد يومين كاملين، وأشعر أن يحب ياسر أكثر من حبه لي

علياء: الحب يأتي بالعشرة يا حبيبة، انتظري حتى ينهي هو دراسته وأعدك أن يتغير الحال

حبيبة: آمل ذلك يا أختاه

علياء: تفاءلي، أنتِ تعلمين كم كنت أكره محمدا ولكن بعد الولادة تغير كل شيء إنه شخص مختلف تماما عما كنت اعتقد ولكني لم أدرك ذلك إلا بعد أن صارحته بكل ما لدي من مشاعر تجاهه وهو تغير في معاملته الجافة لي، كما تحدث مع والدته كي تحسن معاملتي، ومن الواضح أنها تفضلك عني

حبيبة: أشعر بالفعل أنها تتعامل معي منذ بداية زواجي بطريقة أفضل من معاملتها لكِ، ولكني أرجع ذلك لأني أطعتها منذ اليوم الأول

علياء: بالفعل، أنتِ لم تعترضِ على قرار لها منذ اليوم الأول كما لم تعترضِ عندما طلب منك محمود ترك دراستك

حبيبة: لم أكن لأستطيع التوفيق بين رعاية ابني والدراسة خاصة أن حملي كان صعبا

وأثناء حديثهما شعرت علياء ببعض الغثيان مع مغص خفيف ولم تدرِ بنفسها إلا وهي فراشها، وبجوارها أختها وزجها وحماتها:

علياء: محمد ماذا جاء بك الآن؟ وماذا حدث؟

محمد: لا شيء لقد فقدت وعيك وأخبرتني والدتي والطبيب في الطريق

علياء: ماذا حدث يا حبيبة لقد كنا نتحدث ولم أشعر بشيء بعدها

نحمدو: ألم أخبرك يا أم فتحي أن تنسي عادات القاهرة وتنادي على الجميع بألقابهم فأختك الآن أم ياسر

علياء: آسفة يا أماه لقد نسيت ولكن ماذا حدث؟

نحمدو: كما قال لك أبو فتحي لقد فقدتِ وعيك فأرسلت في طلبه وهو طلب الطبيب ليفحصك لنعرف سبب هذا الغثيان وخاصة أن أم ياسر قالت إنك شعرت أيضا ببعض المغص

علياء: نعم، لقد شعرت ببعض المغص، لقد كان شديدا

ثم حضر الطبيب وكشف على علياء في حضور زوجها وأخبره أنه يشك في حمل علياء ولكن لابد من إحضارها للمستشفى للتأكد من ذلك وبالفعل في اليوم التالي ذهب محمد مع علياء للمستشفى وأجرت الفحوصات التي طلبها الطبيب

محمد: خيرا ماذا بها؟

الطبيب: زوجتك حامل في منتصف الشهر الثاني ولكن حملها ضعيف يحتاج للراحة حتى نهاية الشهر الثالث، هي أخبرتني أنها مرضع

محمد: نعم إنها أنجبت منذ حوالي خمسة أشهر تزيد أو تقل

الطبيب: لابد من فطام الأولاد، الرضاعة تمثل خطرا على الحمل

محمد: ولكن الأطفال لا يزالوا في حاجة للرضاع

الطبيب: إذن أحضر لهم من ترضعهم

ذهب محمد مع علياء للدار وأخبر والدته بما أخبره به الطبيب وكانت حبيبة معهم لتطمئن على أختها:

محمد: لقد أخبرني الطبيب أن علياء حامل وحملها ضعيف تحتاج للراحة التامة وعدم الارضاع

نحمدو: وماذا ستفعل يا ولدي ولديك لا يزالان في حاجة للرضاع

محمد: سأبحث عمن ترضعهم

حبيبة: ولماذا تبحث يا أبا فتحي فأنا موجودة وأستطيع إرضاعهما مع ياسر

نحمدو: ولكن يا بيتي ألن يكون ذلك عبئا عليك

حبيبة: لا أبدا، فهي أختي ولن يرضع طفليها سواي

محمد: بارك الله فيك يا أم ياسر ولكن لابد من استئذان زوجك أولا

نحمدو: أنا موافقة يا أبا فتحي على ذلك لا داعي من استئذان محمودا

محمد: ولكنه زوجها ويجب أن يوافق

نحمدو: لقد أوكل لي محمود حرية التصرف في غيابه، بارك الله فيك يا ابنتي، تثبتين لي كل يوم أن اختيار زواج ابني منك جاء خيرا لنا جميعا. الآن يا أبا فتحي لا داعي للسفر حتى تضع زوجتك مولودها. وأنتِ يا بنيتي كيف لم تعرفِ بحملك، عندما تأخرت عادتك الشهرية

علياء: أخبرتني والدتي أن ذلك شيئا طبيعيا في الولادة، كما أنني لم أعرف أني لابد لي من وسيلة لمنع الحمل بعد الولادة

نحمدو: لا عليك يا بيتي، من الآن لا تغادري فراشك والطعام سيأتي لك في الفراش ورعاية فتحي وعليّ سأتكفل بها مع أم ياسر فلا تقلقي

علياء: شكرا لك يا أماه، وشكرا لك يا أختاه على إرضاع طفلاي

حبيبة: لا تشكريني فأنتِ أختي وكنت لتفعلي مثل ما فعلت

علياء: فعلا


ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق

الفصل الثالث والأربعون الأخير

  قرر اخوة علاء عدم زيارته مرة أخرى وغلق باب القرابة أمامهما، لم يفهم علاء السبب وكذا ميساء ولكنهما لم يحزنا كثيرا لأن هناك خبرا آخر جعل علا...