الأربعاء، 12 فبراير 2025

الفصل التاسع عشر


 

وافق البلتاجي على كلام المأمور لإتمام الاتفاق لعضوية البرلمان لما له من أهمية لعائلته، وأجبر محمود على عدم الزواج من أخرى على حبيبة. فأساء محمود معاملة حبيبة لأنها منعته من الزواج بمن يحب ولكنها استسلمت ولم تخبر أحدا عن سوء المعاملة التي تتلقاها من محمود ومن والدته هي الأخرى، إلا أن نحمدو بعد أن اطمأنت من أنها سيدة الدار وذات الكلمة الأولى والأخيرة فيه، وأن كلمتها نافذة على حبيبة، بدأت تحسن من معاملة حبيبة خاصة أنها هادئة لا تشتكي ولا تعترض على أي أمر.

أما علياء فكانت تشتكي من محمد وسوء معاملته لها هو نحمدو، ولم تهدأ علياء حتى تركت دار البلتاجي بعد مرور أقل شهر على زواجها، وذهبت لدار والدها دون إذن أحد، فكانت تلك مشكلة كبيرة بين البلتاجي والسمنودي، لم يستطع السمنودي ترك ابنته لدى شخص يسيء لها ويجعل والدته تسيء لها، ورغم خوفه على حبيبة إلا أن عدم شكواها لأحد جعل والديها يشعران أنها بخير. لم تَعُد علياء لدار زوجها مرة أخرى، وذهب والدها للمأمور موضحا سوء المعاملة التي تتلقاها علياء في بيت زوجها وأنها كانت في دار أبيها مرحبا بها وطلباتها مجابة. فكان حكم المأمور أن تظل علياء في بيت والدها ولكن تظل في الوقت نفسه في عصمة زوجها، ولا تعود له حتى يتعهد بحسن عشرتها وتعامل حماتها معها المعاملة التي تليق بها.

وبالفعل تحدث المأمور مع البلتاجي عن سوء المعاملة التي تحظى بها علياء فما كان منه إلا أن أصر أن هذه هي طباع المعاملة في الصعيد وأنها ليست في القاهرة تفعل كما يحلو لها.

مرت الأشهر والوضع كما هو زاد عليه أن علمت علياء بحملها بعد مرور ثلاثة أسابيع من ترك بيت زوجها ثم تبع حملها بشهرين حمل حبيبة، رجت والدها ألا يخبر أحدا بحملها حتى لا تجبر على العودة لذلك الدار مرة أخرى.

بعد حمل حبيبة تغيرت معاملة محمود معها، بمجرد أن شعر أنه سيصبح أبا، تحسنت معاملته لها قليلا ولكنه أوكل والدته في السماح لها أو منعها مما تريد حسب ما تجده، خاصة لسفره للقاهرة لإتمام تعليمه، كما أجبرها على ترك الدراسة حتى تتفرغ لحملها ولم تعترض، كانت مستسلمة لأبعد الحدود.

وكعادة الحمل لا يمكن أن يختبئ، عندما علمت حبيبة بحمل أختها أخبرت زوجها الذي أخبر والده وأخيه بحمل علياء، شعر محمد بمشاعر مختلطة تجاه علياء بعد أن علم بحملها، لم يعرف إن كانت حبا أم أنها مشاعر الأبوة التي تلوح له في الأفق، ولكن بُعد علياء عنه جعله يوقن تمام اليقين أنه أحب علياء، ولكنه لا يعرف لماذا يسئ معاملتها، هل ذلك لكي يثبت لنفسه أنها عنيدة وتريد الحياة كما كانت حياتها في المدينة، ولكنه يأبى ذلك، يريدها أن تعتاد على حياة الصعيد، فقرر تركها على هذا الحال مع منع أختها من زيارتها، وأن يأتي والد حبيبة ووالدتها لزيارتها كما يحلو لهما ولكن لا تذهب حبيبة لدار والدها حتى لا تراها علياء. كان ذلك القرار صعبا للغاية على حبيبة ولكنها اعتادت عدم الاعتراض على قرارات حماتها وعائلة زوجها فأذعنت لذلك.

في تلك الأثناء كانت علياء تتحدث يوميا معي تخبرني ما هي فيه وتشكي حالها، هي التي اعتادت أن طلباتها أوامر وأنها مناط تدليل العائلة، اليوم يساء إليها ولا أحد يكترث،

علياء: أتتخيلي يا ميار مدى الهمجية التي يتعامل بها محمدا، لقد صفعني لأني لا أريده أن يقترب مني

ميار: احمدي الله أنه صفعك فقط، أنسيتي ما كان يفعله عماد بي، لقد رأيتِ ما حدث بيننا

علياء: ولكن هيثم لم يكن كذلك، لقد كان رقيق القلب، أشتاق إلى كلماته

ميار: يجب أن تنسِ هيثم يا علياء، فهيثم لا يستحق لحظة واحدة في التفكير به

علياء: لماذا؟ ماذا حدث؟

ميار: لقد تزوج هيثم من ميادة ابنة حسن عاشور

علياء: حسن عاشور رجل الاعمال؟

ميار: نعم هو، تزوجها بعد شهر من سفرك تقريبا، ووالدها هو الآخر عضو في مجلس الشعب

علياء: يا له من نذل خسيس، هذا يعني أن كل كلمات الحب والغزل كانت بسبب عائلتي ولم يكن يحبني فعلا

ميار: فعلا يا علياء، هذا ما حدث، حاولي إصلاح العلاقة مع زوجك أو اصبري حتى انتهاء الانتخابات إنها مجرد أيام حتى تنتهي هذه المأساة

علياء: كيف أستريح يا ميار وأنا حامل، كما قاموا بمنعي من رؤية حبيبة، ومنعوها من المجيء عندنا وتذهب لها والدتي لرؤيتها، وهي حامل هي الأخرى ولا أدري عنها شيئا غير ما تحكيه والدتي

ميار: لا عليك يا علياء إن شاء الله الآتي خيرا، يمكن أن يكون حملك سببا في تغييرهم

علياء: كل ما يهتمون به هو الانتخابات وباقٍ لها شهرا وتنتهي، ولكن تكمن المشكلة في رفض عائلتي وعائلة محمد الطلاق، وأخاف أن يأخذوا مني ولدي بعدما أضعه ويمنعوني من رؤيته، لذا أفكر في إجهاضه

ميار: كفاك بكاءً يا علياء ان شاء تتحسن الأحوال جميعها، وإنسي فكرة الإجهاض عسى أن يكون طفلك سببا في حل مشاكلك مع زوجك وعائلته

علياء: لا عليك مني الآن، ما هي أخبارك؟

ميار: الحمد لله بخير، لازلت منتظمة على العلاج وزيارات الطبيب، يقول لي حمدي أننا قاربنا من مرحلة الشفاء

علياء: شفاك الله ورزقك الزوج الصالح

ميار: عما تتحدثين زوج صالح ؟! أيمكن أن أتزوج ثانية؟! كفاني عماد وما حدث منه، متى ستنتهي إجازتك يا علياء

علياء: لا يا ميار لن أعود للعمل، غير مسموح لي، قدمي لي طلب استقالة واطلبي منهم شهادة خبرة، لا أحد يعلم ما تخبئه الأيام القادمة

ميار: حسنا سأقدم لكِ طلب استقالة وإذا استطعت زيارتك سأفعل

علياء: أيا ليت تأتين كي تخففي عني ما أنا فيه

مرت الأيام وانتهت الانتخابات وفاز السمنودي كما هو متفق عليه، وفرح البلتاجي بقرب حصول ابنه على عضوية المجلس

البلتاجي: مبارك عليك الانتخابات القادمة يا محمد إنها دورك

محمد: بارك الله فيك يا والدي، ولكن كيف سأترشح المرة القادمة وزوجتي غاضبة في دار والدها

البلتاجي: كما تريد يا ولدي إذا أردت إحضارها للدار

محمد: وهل قمت بطردها، تأتي كما رحلت

البلتاجي: حسنا، سأتحدث مع حميك وأرى ما هي نيتهم، فهي مازالت زوجتك وتحمل طفلك في أحشائها

محمد: آه يا والدي لا أدري ماذا سيحدث إذا ظلت غاضبة حتى الولادة، ماذا سيحدث لولدي

البلتاجي: لا عليك يا ولدي، سيدبرها الله بإذنه

بالفعل تحدث البلتاجي مع السمنودي حول عودة علياء إلا أن السمنودي اشترط مجيء محمد لكي يأخذها على دارها ويعتذر منه على سوء معاملة ابنته. رغم شوق محمد لزوجته إلا أنه أبى أن يذهب لاسترضاء والدها، وتركها معلقة على هذا الحال.

مرت الشهور وداهم حبيبة المخاض بعد مرور سبعة أشهر فقط على حملها، اضطرت علياء أن تذهب لأختها في المستشفى مع والديها لكي تطمئن عليها، وكانت في شهرها التاسع من الحمل، وكان والدي محمود وأخيه محمد هناك، بمجرد أن رأتها نحمدو طردتها ولكن علياء احتمت بوالدها الذي وجه كلامه للبلتاجي مباشرة

السمنودي: أيجوز ذلك يا حج؟ منذ متى والنساء تتحدث في وجود الرجال؟

البلتاجي: لك حق عليّ، اصمتي يا امرأة ولا أسمع لكِ صوتا، لقد أتت لزيارة أختها والاطمئنان عليها

نحمدو: ولكن هذه السيدة لم تعرف التربية لها طريقا

السمنودي: أيعجبك ذلك الكلام يا حج فتحي؟ أيجوز اللغط في الكلام من النساء في حضرة الرجال؟

البلتاجي: لا أعرف ماذا أقول لك يا حج سمنودي، سامحني على ما حدث

هنا تدخل محمد ووجه الكلام لوالدته

محمد: توقفي يا والدتي فمن تتحدثين عنها هي زوجتي والخطأ في حقها هو خطأ في حقي اجلسي يا عليا

احتمت علياء بوالدها وطمأنتها كلمات زوجها، لقد غير نظرتها له عندما دافع عنها لأول مرة أمام والدته التي اعتادت إهانتها مرارا دون اعتراض منه، كانت تهينها لأنها ابنة المدينة التي لابد أن تنصاع لعادات الصعيد وأهله. نظر محمد لعلياء خلسة ووجد على وجهها بعض الألم ولكنه لم يفهم سبب هذا الألم البادي عليها، يشعر باشتياق لها، لا يعلم متى أحبها ولا كيف حدث ذلك، ولكن الحب كما يعرف محمد يقلل من قدر الرجل، أراد أن يكون تجمعهم في ولادة حبيبة سببا في عودة علياء لداره مرة أخرى، ولكن عندما احتمت علياء بوالدها شعر بغصة؛ فكيف لا تحتمي به زوجته وتحتمي بوالدها عوضا عنه، فبدأ الحديث مع علي السمنودي

محمد: ألا يجب أن تعود علياء لدار زوجها وكفانا بُعدا؟

السمنودي: يا محمد انت تعلم أنها تركت الدار لسوء معاملتها هناك

محمد: أعدك يا حج لن يضايقها أو يزعجها أحد بعد الآن، أريد أن يولد ولدي في دار والده

السمنودي: ء أعتبر ذلك وعد يا محمد، إن المعاملة السيئة لن تحدث مرة أخرى؟

محمد: أعدك يا حج

وفي أثناء الحديث خرجت الممرضة تخبرهم أن حبيبة وضعت ذكرا، فرح الجميع بالخبر وفي خضم هذه الفرحة لم تستطع علياء كتم ألمها أكثر من ذلك؛ فصرخت مما جعل الجميع يركز معها، خرج محمد خارج غرفة حبيبة وسأل عن طبيب ليرى حالة علياء، فوجئ الجميع بمخاض علياء ولكن الطبيب أخبرهم أن الولادة متعثرة ولابد من إجراء حراجة قيصرية، وبالفعل تمت الجراحة وولدت علياء هي الأخرى ذكرين.

عمت الفرحة الجميع بولادة ثلاثة ذكور في ذات اليوم، وأخيرا كسا وجه نحمدو الفرحة وهي تبارك لولديها على ثلاثة ذكور مرة واحدة، كانت الفرحة عارمة وخرجت علياء على دار زوجها، ولأول مرة يتحدثان بعيدا عن الشجار

محمد: حمدا لله على سلامتك ورجوعك لدارك

علياء: أحقا ذلك، أم أنك تهزأ بي

محمد: ولماذا أهزأ بك يا امرأة؟

علياء: اسمي هو علياء للعلم وليس امرأة

محمد: اعتادي على امرأة

علياء: اسمي علياء وهو سهل على فكرة، يمكنك مناداتي علياء

محمد: يا علياء، نحن نقول في الصعيد على النساء امرأة، ولا يصح مناداة النساء بأسمائهن، لن أقول امرأة ولكن سأدعوكِ أم فتحي

علياء: حسنا ولكن أريد أن نتفق على شيء، أنا زوجتك وأعي ذلك جيدا، ولكن أحتاج منك أن تشعرني باهتمامك بي، تشعرني أني زوجتك وأنك تهتم لحالي، أريد أن أشعر بالحنان، لقد شعرت بحنانك واهتمامك ونحن في المستشفى عندما منعت والدتك عن الإساءة لي، أيمكن أن تحسن معاملتي وعشرتي؟

محمد: كيف ذلك؟

علياء: أن تناديني بأم فتحي شيء جيد، ولكن أريد الشعور بتلك المشاعر من الحب والرقة والحنان والاهتمام مثل ما حدث في المستشفى وأنا أجلس بجانب والدي

محمد: اسمعي جيدا يا علياء، يجوز أنك لا تعلمين شيئا عن عادات الصعيد وتقاليده ولكن لابد أن تعلميها وتتعلميها

علياء: ما هذا إنك تتكلم بلكنة قاهرية، فلماذا تتحدث باللكنة الصعيدية منذ عرفتك؟

محمد: أنا كثير السفر داخل مصر وخارجها، كما أنني أقابل الكثير من الناس فيجب أن أتحدث بلكنتهم ولغتهم، ولكن لأننا في الصعيد لابد أن أتحدث بلكنتهم

علياء: هل من الممكن أن تتحدث القاهرية ونحن وحدنا على الأقل

محمد: لكِ هذا، لنعود مرة أخرى لحديثنا، اسمعي جيدا يا علياء نحن هنا في الصعيد نهتم بالأفعال لا الأقوال مما يعني أن كلام الحب والغرام الذي تشاهديه في الأفلام لن تريه هنا، ولكن نحن نفعل ومثال ذلك عندما منعت أمي من الإساءة إليكِ في المستشفى ولهثت بحثا عن طبيب عندما داهمتك آلام المخاض، ولكن أحبك ومثل هذا الكلام الذي لا طعم له لن تجديه هنا ليس من طباعنا

علياء: هل لي بطلب؟

محمد: ما هو؟

علياء: أيمكن أن أسافر معك لأي مكان لكي ننسى ما حدث ونتعرف أكثر على بعضنا البعض، أنت تعلم أن الزواج تم بسرعة دون أن نتعرف على طباع بعضنا، ولا لم نكن حتى نعرف أسماء بعضنا، وأنا الآن زوجتك ووالدة ولديك فتحي وعليّ، أنا بالفعل أحتاج للسفر، خاصة القاهرة للذهاب للشركة التي كنت أعمل بها وأحصل على مستحقاتي منهم، أرجوك لا ترفض.

محمد: أوافق وانظري أي مكان تفضلين ولكن بعد أن تنهي فترة النفاس ولي شرط واحد

علياء: تفضل

محمد: أن تطيعي والدتي وما تقوله يطاع وإذا لم يعجبك أخبريني وأنا سأتصرف

علياء: حاضر يا محمد

محمد: قولي أبو فتحي أفضل

علياء: حاضر يا أبا فتحي

محمد: أتعلمي شيئا، لقد شعرت بالضيق عندما احتميتِ بوالدك في المستشفى ولم تحتمِ بي، كيف أكون زوجك وأنا لست مصدر الحماية لكِ، شعرت بكسرة في نفسي لأنك احتجتِ الحماية من شخص آخر حتى لو كان والدك

علياء: لقد احتميت به وليس بك لمعاملتك ومعاملة والدتك القاسية معي وعدم اعتراضك على ذلك، وخاصة تعاملك معي في أول يوم من زواجنا، شعرت بأني فريسة في يد صياد، اعتراضي ليس لأنه ليس حقك ولكن اعتراضي أنك لم تعطني فرصة كي أعرفك، كان يمكن أن يتم ذلك بالتفاهم والرحمة، فأنا لم أعرف عنك شيئا، وأنت لا تعلم عني شيئا سوى عملي في القاهرة وتربيتي هناك، كنت في حاجة للتعرف عليك، أن أشعر أني إنسانة ولست مجرد وعاء لتفريغ شهوة

محمد: ما هذه الكلمات العميقة، هذا طبعنا في الصعيد، وكان لابد لي من ذلك لانتظار الجميع للمنديل للاحتفال بعفتك وشرف والدك

علياء: ولماذا المنديل من الأساس، طالما رضيت أن تتزوج بي وأنت تعرف منذ البداية أني أقطن مع عمتي في القاهرة وأعمل مرشدة سياحية، لماذا لم ترفض الزواج بي من البداية؟

محمد: لم أكن أستطيع الرفض كما هو الحال معك، وكنت أريد أن أطمئن على عفة زوجتي حتى لا تحدث مشاكل بين العائلتين

علياء: وهل تعتقد أن العفة تكمن في المنديل؟

محمد: بالطبع

علياء: من الواضح أنك تفكر بعقلية عفا عليها الزمن، فلو كنت سيئة السلوك كنت سأخاف من الزواج خاصة في الصعيد للحفاظ على سمعة والدي، وأنا قد أحسن والدي وعمتي تربيتي وأعرف جيدا الصواب من الخطأ

محمد: ولكنك لا تعرفي كيفية الصلاة، وحتى حجابك ليس بحجاب

علياء: في الأصل أنا غير محجبة، ولكني وضعت غطاء الرأس لأني في الصعيد كما ارتديت العباءة ولكن ذلك ليس كما تعودت أن ألبس

محمد: لا لابد من ارتدائك للحجاب وأن تكوني محجبة فعليا كما يجب أن تصلي، لأنك أم أولادي وأريد أن يتعلم الأولاد الحلال من الحرام والصواب من الخطأ وأنتِ من ستتولى هذه المسألة؛ لذا يجب أن تقتنعي بارتداء الحجاب وأن تصلي

علياء: هل اعتبر ذلك أمرا؟

محمد: في هذه المسألة اعتبريه كذلك، كفاك آثاما بعدم ارتداء الحجاب والصلاة، ومن فضلك لا أريد أن يعلم أحد أننا سنسافر بعد إتمامك فترة النفاس، هل اتفقنا؟

علياء: نعم اتفقنا، ولكن أريد الشعور بتلك المشاعر الطيبة التي شعرت بها في المستشفى وتلك المعاملة التي تظهر حبك واهتمامك وحنانك على الأقل ونحن وحدنا هل ذلك ممكن؟

محمد: لقد كثرت طلباتك يا علياء، أعدك سأحاول ولكن لابد لك من طاعة والدتي كما تفعل أختك، لقد كسبت حب أمي وأنتِ حتى الآن لم تستطيعي، يفترض بك بطبيعة عملك التعامل مع كل أطياف البشر أريني ذلك مع والدتي

علياء: حسنا، سأحاول

محمد: سأتركك الآن وأنزل لوالدي أرى كيف حاله، سوف يأتي والدك ووالدتك اليوم للاطمئنان عليكِ يا ليت يطمئنا

علياء: لا تخف سأطمئنهما

محمد: أتري تصبحين جميلة حين تقولين حاضر

ضحكت علياء بعد خروج محمد، لأول مرة تسمع كلمة طيبة من زوجها بعد مرور تسعة أشهر، ذاقت خلالها سوء المعاملة والجفاء خاصة بعد أن تركت له الدار وذهبت لوالدها. فرحت لأنها صارحته بكل ما يعتمل في صدرها، بكل شيء أرادت أن تقوله منذ اليوم الأول لزواجهما، وجدت أنني كنت على حق عندما قلت لها أن حملها سيغير كل شيء وأنني منعتها أيضا من إجهاض نفسها، تمنت لو أنها لم تقنعني بالإجهاض حيث كان من الممكن أن تتغير معاملة عماد والعائلة كلها معي، ولكنه الندم حيث لا يجدي نفعًا.

كانت علياء قد اتفقت معي أن أزورها وهي مازالت في بيت والدها، وبالفعل سافرت أسيوط وزرتها، حكت علياء ما تشعر به تجاه هيثم ومحمد لي، ونصحتها بضرورة إيجاد أي قواسم مشتركة بينها وبين زوجها، طلبت منها نسيان هيثم الذي نسى حبهما في لحظة واربط بأخرى لمجرد منصب والدها ومكانته في المجتمع.

عندما وجدت علياء هيثم بهذه الخسة والنذالة قررت أن تحاول إصلاح العلاقة مع محمد خاصة وأن الطلاق حلا غير مطروح للنقاش سواء من عائلتها أو عائلة زوجها بسبب عضوية المجلس، ومضت ثلاثة أيام ثم سافرت مرة أخرى للقاهرة وتركت علياء تواجه ما ينتظرها، ولكن اتصالاتنا لم تنقطع تخبر كلانا الأخرى بما يحدث معها، حتى عندما تحدث البلتاجي مع السمنودي على رجوع علياء مرة أخرى لدارها نصحتها بالموافقة والتحدث مع زوجها بكل ما يعتمل في صدرها. فرحت كثيرا بعودة علياء لدار زوجها وولادتها وتحسن علاقتها بزوجها.

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق

الفصل الثالث والأربعون الأخير

  قرر اخوة علاء عدم زيارته مرة أخرى وغلق باب القرابة أمامهما، لم يفهم علاء السبب وكذا ميساء ولكنهما لم يحزنا كثيرا لأن هناك خبرا آخر جعل علا...