في القاهرة
سافر محمد وعلياء للقاهرة وزارتني علياء في المستشفى وذهب محمد مع
حمدي للمقصف ليتركانا سويا
محمد: مبارك عليك عمّار وبسملة
حمدي: بارك الله لك، وأدعو الله لك أن
يعوض عليك ما فقدته بأحسن منه
محمد: الحمد لله، هي مشيئة الله يا
حمدي
وتبادل كل من حمدي ومحمد الحديث ليعرف أخبار الآخر.
وفي غرفتي في المستشفى
ميار: أشكرك يا علياء على نصيحتي
بمواجهة مخاوفي، لقد كنتِ على حق لقد اختلفت حياتي كليةً بعد ذلك، حتى أنني قررت
أن أهاتف والدتي وفعلت بالفعل وأخبرتها بزواجي وحملي، فرحت بي وطلبت مني الاتصال
بها فقط عندما يرن هاتفي برقمها حتى لا يكون عمي موجودا
علياء: حقا، لقد اعتقدت أنها نست
وجودك
ميار: وأنا أيضا، ولكن بعد مهاتفتها
تأكدت أن عمي هو السبب، أرسلت لها على الهاتف منذ قليل صورة عمّار وبسلمة وردت هي
أنها ستحاول أن تأتي، ولكنها تخاف من عمي، إنه نسخة أكثر شدة من والدي كما قالت لي
علياء: هو بالفعل كذلك منذ تبرأ منك
ولم يسمع من حمدي طلبه الزواج بك
ميار: الحمد لله، لقد سعدت بالبُعد عن
تلك العائلة، وجدت مع حمدي كل ما افتقدته من قبل
مرت الأيام سريعا ورزقت حبيبة بالبلتاجي وحسن بعد ابنها ياسر حيث أنها
وضعت توأمًا، ورزقت علياء بميار وعادل بعد ولديها فتحي وعليّ وقد وضعت توأمًا مرة
أخرى، بعد مرور ثمانية أعوام على ولادة علياء الأولى توفى والدها إثر إصابته بأزمة
قلبية، وتبعته زوجته بعد مرور الأربعين على وفاته وحزنت علياء وحبيبة كثيرا على
فقد والديهما إلا أن معاملة نحمدو الجيدة والطيبة لهما بعد وفاة والديهما كانت
تعويضا لهما عن فقدهما، على قدر حزن البلتاجي على فراق السمنودي إلا أنه فرح أن
عضوية مجلس الشعب والعمودية ستظل في داره، وهنأ ولده الذي رشحه الحزب ليكون نائبا
عن الدائرة بدلا من حميه المتوفي.
إلا أن سعادة البلتاجي لم تدم كثيرا فبعد أن توفى صهره أصيب هو الآخر
بأزمة قلبية جعلته غير قادر على مباشرة أعماله والعمودية وطلب منه المأمور تعيين
خلفا له، فرشح محمد، ولكن كانت المشكلة أن محمدًا عضو في مجلس الشعب ولا يستطيع
الجمع بين الصفتين، فاتفق البلتاجي مع المأمور على أن يتولى محمد العمودية ومحمود
عضوية مجلس الشعب، وفعلا تنازل محمد عن العضوية ورشح الحزب أخيه لها وفاز بالتزكية
وأصبح محمد هو العمدة، ومحمود عضو مجلس شعب، فرح البلتاجي كثيرا بولديه، ولكن مرضه
لم يدم كثيرا فتوفى بعد أن فرح بكلا ولديه العمدة وعضو مجلس الشعب، وفرح بالهيبة
الشديدة لهم، توفى البلتاجي بعد مرور أربعة أشهر على إصابته بالأزمة القلبية.
بعد أن أصبح محمد العمدة لم يستطع السفر كثيرًا لرعاية أعمال العائلة
فأوكل السفر لأخيه محمود، وكان محمود يأخذ معه حبيبة في سفره، وكانت أثناء السفر
تترك أولادها مع أختها لرعايتهم، وإذا سافرت علياء لزيارة صديقتها تترك أولادها مع
أختها، إلا أن سفر علياء أصبح أقل منذ تولى زوجها العمودية، فتغيرت حياة حبيبة
كثيرا وزاد قربها من زوجها، وأحست بحبه لها، حب خلقته العشرة الطيبة والمحبة.
عندما شعرت نحمدو بقرب الأجل بعد وفاة زوجها، تحدثت مع علياء
نحمدو: يا بنيتي أردت أن أخبرك أني
كنت أعدك الفترة السابقة لتكوني خلفا لي في إدارة الدار، كانت قسوتي وشدتي عليك
لكي تتعلمي الشدة في التعامل
علياء: أطال الله عمرك، وأدام عليك
نعمة الصحة
نحمدو: يا بنتي لا أحد مخلد في هذه
الدنيا، وكلنا له عمر يعيشه ولا يتخطاه، وقد شعرت بقرب الأجل بعد وفاة الحج، لذا
من الضروري أن تعرفي أنك ستكونين سيدة هذه الدار الآمر الناهي بها، وهناك بعض
الأمور التي ينبغي أن تتعلميها، أولها لابد أن تكوني شديدة حازمة مع كل من في
الدار، كما كنت أنا، وأن يطيعك الصغير والكبير، أن تربي أولادك على أن كلمتك سيف
على رقابهم جميعا فيما يتعلق بشئون الدار حتى إن كان ذلك يتعلق بزواجهم، أن تراعي
مصلحة زوجك فتقومي بزيارة نساء البلدة كما أفعل وتري طلباتهن جميعها لتساعدي زوجك
أن يكسب حب الناس له، فلن تدوم له العمودية دون حب الناس، كما عليك أن تعلمي أختك
كيف تزور نساء الدائرة وترى احتياجاتهن حتى يكسب محمود حب الناس له في الدائرة،
وتذكري أن النساء لهن دورا بارزا في التأثير على الرجال في كل شيء فاكسبا حبهن
لكما، فلا تخرج العمودية وعضوية المجلس عن الدار، وعلى محمد ومحمود زيارة أهالي
الدائرة من الرجال والتعرف عليهم وعلى ما يحتاجون إليه.
علياء: أدام الله عمرك يا أماه، سأفعل
كل ما تريدين ولكن أستأذنك في اصطحاب أم ياسر معنا لتتعلم منك
وبالفعل بدأت نحمدو في اصطحاب كلا من علياء وحبيبة لتتعرفا على نساء
الدائرة عموما، والتعرف على احتياجاتهن جميعا ونقلها لزوجيهما لكي تظل العمودية
والعضوية في العائلة.
كنت أزور حبيبة كثيرا بعد أن قررت ترك العمل والتفرغ لرعاية أبنائي،
عمّار وبسلمة، لم أقسُ على بنتي وكذلك لم أفرط في تدليل عمّار، لقد تعلمت درسي مما
حدث معي سابقا، قرأت كثيرا في كتب التربية وساعدني حمدي في تعليمي كيفية خلق حياة
نفسية سوية للأطفال وساعدني في تربيتهما، تعلمت من الماضي ولكن أخيرا تعلمت أن أطرحه
جانبا واتعلم مما حدث فيه، اتعلم من أخطائه فلا اكررها، تعلمت أن التربية واحدة لا
تفرق بين ذكر وأنثى، تعلمت أن كل منهما إنسان له نفس الحقوق والواجبات، وأن كليهما
يجب أن يتعلما كيفية تحمل المسئولية.
كبر الأولاد، وأصبح عمّار وبسلمة أصدقاء لأولاد علياء وحبيبة، وربطتهم
رابطة الصداقة، تزوج فتحي من بسملة، وتزوج عمّار من ميار الصغيرة، أما عن باقي
أبناء علياء وحبيبة فكل منهم اختار شريكة حياته، علمهم محمد ومحمود معنى العشرة
الطيبة والمودة والرحمة في التعامل مع الحزم والشدة، وأصبحت علياء سيدة الدار
الأولى وعلمت وأعدت بسملة لتكون سيدة الدار من بعدها.
بعد زواج الأولاد، تفرغ حمدي لي وترك العيادة ليتولاها عمار بعد أن
أصبح طبيبا نفسيا هو الاخر، ولكن منذ أسبوعين توفى حمدي ووجدت أنني قد أنهار اذا
بقيت في الشقة التي جمعتنا سويا حاول عمار معي أن أعيش معه ومع زوجته ولكن أنا
أعرف أن كل زوجة تحب أن تعيش في مملكتها وحدها وأنني سأكون عبئا عليه وعلى زوجته
لذا قررت أن آت إلى الدار هنا وأمكث فيها حتى اعتاد على عدم وجود حمدي.
فريدة: الصراحة حمدي مفيش منه
علياء: فعلا انسان بمعنى الكلمة
شذى: الأهم انه قدر انه يعوضها الألم والمعاناة اللي مرت بيهم قبل
كده، ودا صعب أي راجل انه يستحمله
ولاء: المرض النفسي مش أي حد يستحمله، وأنا خير مثال طلقني زوجي الأول
لأنه لم يستطع أن يتحمل مرضي النفسي، طلقني وتزوج غيري وعاش حياته وأنجب، ولكن
الله عوضني بزوجي الثاني رحمه الله الذي اهتم بي وراعى شئوني
شذى: انتي كلامك قليل قوي يا ولاء يا ريت تحكي لنا عن حياتك وايه حصل
معاكي
ولاء: ح احكي ولكن ح أكون مجرد راوي واحكي اللي حصل لولاء كأني بتفرج
عليها معاكم الدكتور قال ان دا ح يساعدني اخرج من حالة الاكتئاب اللي عندي
فريدة: احكي زي ما تحبي المهم نعرف الحكاية ايه شكلك عانيتي كتير
ميار: كلنا مرينا بظروف صعبة وقاسية المهم خرجنا منها ازاي واتعلمنا
ايه
شذى: انتي اتعلمتي كتير يا ميار انتي وعلياء ولكن انتي اكتر لأ علياء
كانت مشكلتها في اول جوزها بس لكن انتي مشكلتك كانت من الطفولة، صحيح والدتك يا
ميار حصل معاها ايه
ميار: ابدا فضلت تكلمني من ورا عمي وابعت لها صور ولادي وساعات لما
كان بيسافر شغل كانت بتيجي زيارة كأنها نازلة تشتري حاجات لغاية اما تعبت رماها زي
ما بيرمي أي حاجة وجت قعدت عندي بعد طلاقها لغاية وفاتها
فريدة: وقدرتي تسامحي على اللي فات
ميار: كان صعب لكن لما حيت نفسي مكانها وشفت ضعفها حسيت إنها كانت
مجبرة على كده ما تعرفش غيره، لكن لما كانت تقسى على بنتي كنت بقف لها عشان تتعود
إن ولادي خط احمر محدش يهينهم او يقسى عليهم
ولاء: وولادك اخبارهم ايه يا ميار؟
ميار: ولادي بيزورني ديما وكمان بما ا علياء هنا يبقى اكيد بسملة جاية
علياء: فعلا بسملة مع جوزها في الفندق بيرتاحوا من السفر وعلى فكرة
بسملة حامل
ميار بفرحة شديدة: بجد يا علياء، طب السفر مش صعب عليها
شذى: مبارك عليكي يا تيتة ميار
علياء: ما تخافيش سألت الدكتور قبل ما نسافر وقال ان الحمل تمام
ومستقر الحمد لله ومفيش مشكلة من السفر
ميار: انتي فعلا أمها التانية يا علياء ربنا ما يحرمني منك
علياء: احنا اخوات عشناها على الحلوة ومرة سوا وولادنا واحد
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق