السبت، 22 أغسطس 2015

الفصل الثالث (لست عاهرة)


قنا 1976
علياء الآن في السادسة من عمرها، وصلت لسن دخول المدرسة وتحاول خديجة مع عبد الخالق –مستغلة حبه الشديد لعلياء وتدليله لها –أن تذهب علياء للمدرسة لتتعلم حتى يأتي لها من يقدرها. علمتها خديجة القراءة وحببتها بها منذ الصغر؛ فقد كانت ترسل من يشتري لها قصص الأطفال لتعلمها القراءة وتحببها بها، تعلقت علياء كثيرا بالقراءة، كما تعلقت بخديجة وفردوس؛ فكانت تنادي كلاهما بأمي، ولا تعرف أي منهما هي أمها من عطفهما عليها.
اقتنع عبد الخالق بذهاب علياء للمدرسة ولكن في صحبة الخفراء، وبدأت الدراسة وكانت علياء متفوقة في دراستها. كانت المدرسات تستغرب من نباتها وذكائها، وهو نادر في الأطفال في ذلك السن.
كان الجميع في المدرسة يحاول كسب رضائها، مدرسو المدرسة والناظر والمدير وحتى السعاة، كانت سعادة علياء غايتهم حتى يتجنبوا غضب العمدة، لم يكن أحدا من الطلبة مسموح له بالاقتراب منها أو يتكلم معها، فهي في المدرسة يتعامل معها الجميع أنها ملكة وإسعادها غاية الجميع.
وكان عبد الخالق يقدر ذلك، ويكثر من التبرع للمدرسة، ولا يرد طلب أحد منهم؛ كان يفعل ذلك مراعاة لراحة علياء، وكي يضمن ألا يضايقها أي شخص. وكان غضبه شديد إذا علم أن أحدهم أغضبها أو تسبب في بكائها.
وبسبب المعاملة الخاصة التي تحظى بها علياء في المدرسة، ابتعد عنها الطلبة وأصبحت تشعر بالوحدة الشديدة، فلا المدرسون يسمحون لأحد بالاقتراب منها أو حتى مشاركتها مقعد المدرسة؛ فهي تجلس في الصف الأول أمام المدرس ولا أحد يجلس بجانبها على العكس من باقي زملائها في المدرسة؛ يجلس ثلاثة منهم على مقعد واحد، ولا يجرؤ أيهم على مشاركتها المقعد. ومن لم يمنعه المدرسون الاقتراب منها منعه أهله عن ذلك تجنبا لبطش عبد الخالق، إذا حدثت أي مشاجرة بين الأطفال وبكت علياء.
لم يكن عبد الخالق يتوقع أن يحب علياء لتلك الدرجة؛ فهو أحبها في البداية لأنها جزء من احسان، وتنازل وأحبها رغم كونها أنثى، وسمح لها بدخول المدرسة، وذلك اكراما لخديجة أخته. ولكن هو نفسه لم يكن يتخيل أن يتملكه حب علياء لتلك الدرجة، طلباتها مجابة دون نقاش. من يتسبب في بكائها لا يعرف كيف سيبطش به عبد الخالق، إنها "حبيبة أبيها" كما أطلقت عليها خديجة.
وصلت علياء الآن للصف الثالث الابتدائي، أي أنها أتمت تسع سنوات من عمرها، وقد رأت خديجة أن موعد ختان علياء قد حان؛ لذا نبهت أخيها أن علياء قد كبرت ولابد لها من الختان، ولكن بسبب حبها لعلياء طلبت منه أن تقوم بالختان طبيبة المركز وليس القابلة، نذير الشؤم –كما كانت تطلق عليها –بسببها ماتت احسان وتوفى صبيان، ذلك كما كانت تعتقد خديجة، فهي لا تعترف حتى الآن أنها وعبد الخالق السبب الرئيس في موت احسان.
حاولت فردوس جاهدة منع ذلك، ولكن باءت كل محاولاتها بالفشل وهي تحاول اقناع عبد الخالق بعدم ختان علياء أو حتى محاولاتها معه أن يسأل الطبيبة عن ضرورته قبل المطالبة به. ولكن مرة أخرى، كانت العادات والتقاليد هي التي تتحكم فيما يجب أن يتم. لم يشفع حب عبد الخالق لابنته ولا حب خديجة لها فيما تفرضه عادات المجتمع وتقاليده. اقتنع عبد الخالق برأي خديجة، أن تكون الطبيبة هي القائمة على الختان وليس القابلة، وبالفعل أرسل للطبيبة ولكنها رفضت أن تقوم بذلك، خوفا منها على حياة الطفلة، ولكن بعد إلحاح خديجة وعبد الخالق وافقت الطبيبة، وتم الاتفاق أن يتم ذلك في الدوار.
كانت علياء في التاسعة من عمرها، سوداء العيون، حالكة سواد الشعر –كأنه الليل –شعرها ناعم طويل ينسدل بنعومة وخفة على ظهرها. ولكن كانت خديجة تقوم بتضفيره لها قبل الخروج من المنزل؛ لأنها طفلة ولابد أن يكون شعر الأطفال هكذا. كانت علياء نسخة من أمها احسان جميلة وخمرية ممشوقة القد، ذات ملامح رقيقة وبريئة، يشعر كل من ينظر إليها بالراحة.
عادت علياء من المدرسة في ذلك اليوم الموعود ووجدت البيت به الكثير من الحركة، والجميع ينظر لها نظرة غريبة لم تعرف سببها، حتى أولاد عمها عادل ومأمون وخيري تركوا الدوار وعندما سألت عنهم قالوا لها أنهم مع أبيهم في المندرة.
لم تعرف علياء لما شعرت بالخوف، فلجأت إلى خديجة تسألها عما يحدث، فهي تدرك وتوقن أن خديجة تعرف كل صغيرة وكبيرة في البيت أكثر من فردوس، وأن خديجة هي من تدير هذا البيت
-أمي، ماذا يحدث، أشعر بحركة غريبة في البيت؟
-لا شيء يا صغيرتي، فقط هذا حفل خاص بك، هيا لتغتسلي وسأقوم على ذلك بنفسي، وأحضرك للحفل
لم تفهم علياء ماذا تقصد خديجة بذلك، لم يهتم أحد قبل ذلك بالاهتمام بعيد مولدها، لم يحتفل به أحد من قبل. إنها تعلم أنه الذكرى السنوية لوفاة والدتها احسان، فقط زميلاتها في المدرسة والمدرسات يقلن لها كل عام وانت بخير، ولا يعرفوا أنها رغم صغر سنها تشعر أنها مسئولة عن وفاة والدتها، لولا ولادتها لكانت احسان تعيش الآن وتتحرك، ولكنها هي سبب موتها، تكره يوم ولادتها إنه الذكر السنوية لوفاة أمها الحقيقية، ولكم تشعر بالشوق لها تحلم بها كل يوم وهي ترقد جانبها وتأخذها في أحضانها لتشعر بحنانها.
ولكن هذه المرة الأولى التي يعج فيها الدار بهذا العدد من العاملين به، وتقوم أمها خديجة بتحميمها، شيء غريب. وكان أغرب ما لاحظته علياء هو تلك السيدة التي تنظرها في حجرتها، ويبدو أنها منشغلة في شيء ما لا تعرفه.
انتهت خديجة من تحميم الصغيرة، وإلباسها ملابسها وأتت بها على غرفتها. كانت تعرف خديجة ماذا سيحدث وكيف ستتصرف الطفلة؛ لذا طلبت من احدى الخادمات الوقوف معها لمساعدتها على الامساك بعلياء وتطويقها جيدا حتى ينتهي الختان.
خديجة: علياء استلقي على الفراش يا صغيرتي كي تفحصك الطبيبة
علياء: وهل أنا مريضة يا أمي؟
خديجة: كلا يا صغيرتي ولكن لابد أن تفحصك الطبيبة
رضخت علياء لكلام عمتها واستلقت على الفراش، خلعت عنها خديجة ملابسها الداخلية وكشفت عورتها، شعرت الفتاة بخوف كبير، ماذا يحدث لها، وماذا تفعل بها خديجة، إنها تعرف حب خديجة لها، ولكنها تخاف مما يحدث.
ودون سابق إنذار طوقت خديجة والخادمة علياء وفتحتا قدمها لتتكشف عورتها بالكامل واضحة أمام الطبيبة لتقوم بالختان، بدأت الصغيرة بالبكاء ثم الصراخ علّه يشفع لها عند عمتها وهذه الغريبة، التي بدأت تعبث بيديها في عورتها، وتخرج أدوات من حقيبة صغيرة بجانبها ولأول مرة تتحدث الغريبة
الطبيبة (موجهة كلامها لخديجة): الفتاة ماتزال صغيرة جدا ولا تحتاج لختان، ختانها سيؤدي لمشاكل لها بعد الزواج
خديجة: فقط قومي بما اتفقنا عليه، شرف الفتاة وعفتها في الختان
الطبيبة: استحلفك بالله، إنك بذلك تكبين شهادة وفاتها كزوجة، إنها ماتزال طفلة لم تتجاوز عامها التاسع!
خديجة: الختان شرف الفتاة وهو من عادتنا ولن تغيري أنت ذلك، ولابد أن تقومي به الآن وإلا قامت به القابلة
الطبيبة: لقد أنذرتك،
ثم وجهت الطبيبة حديثها للطفلة: طفلتي سوف أعطيك حقنة الآن ستؤلمك قليلا ولكن لن تشعري بألم بعدها
لم تنتظر الطبيبة أي رد من الطفلة، فبكاء الطفلة وصراخها كان يقتلها، ولكن عليها أن تفعل ذلك، وإلا تسبب العمدة في نقلها من المركز وربما المحافظة بأسرها، وهي تريد إنهاء فترتها للعمل بالمركز على خير دون مشاكل، اعتادت إجراء عمليات الختان منذ أن وطئت قدمها هذه القرية. كانت هناك فتيات يحتجن فعلا لهذه العملية كنوع من العمليات التجميلية، وأخريات قضت هذه العملية على مستقبلهن كزوجات، واشتركن جميعا في كونهن فتيات صغيرات لم تتجاوز أكبرهن عامها التاسع وبعضهن كان الأهل يصرون على ختانهن عقب الولادة والبعض قبل أن تصل الفتاة للخامسة. كانت تستاء الطبيبة كثيرا من هذه العادات، وتلعن حظها التعس الذي جعل فترة الامتياز الخاص بها في الصعيد.
أعطت الطبيبة حقنة المخدر للفتاة ولكنها مازالت تبكي وتصرخ، لدرجة اضطرت أن تضع خديجة يديها على فم الفتاة حتى لا تخرج مزيدا من الصراخ، طلبت منهما الطبيبة أن يفتحا قدمها أكثر كي تتمكن من إنهاء هذه العملية، وبالفعل أنهت الطبيبة الختان، حاولت قدر ما تستطيع الحفاظ على مستقبل الفتاة كزوجة، ولكنها تعلم أنها تركت أثرا لن تمحوه السنون.
امتلأ الفراش بدم علياء، وسكنت صرخاتها مع بدء مفعول المخدر الذي أعطته لها الطبيبة، وأكدت الطبيبة على خديجة اعطاء المسكن للصغيرة كلما استيقظت، وطلبت منهم ألا تتحرك من فراشها لمدة اسبوع كامل، وأقيمت الولائم والاحتفالات في القرية بعد الختان.
كان ذلك اليوم كارثة في حياة علياء، لم تعرف لماذا ذبحوها؟ ولماذا فعلوا بها ما فعلوه؟ تجربة قاسية، أن تكشف عورتها عنوة، وتجرح عنوة؛ لتنطلق بعد جرحها الزغاريد، أي ذنب جنته ليفعل بها هؤلاء ذلك؟ لماذا تركتها عمتها يفعل بها ذلك بل وساعدت به؟ أين اختفت فردوس؟ ولماذا لم تدافع عنها؟ لماذا فرح الجميع بما حدث معها؟
منذ ختانها أصبحت بالكاد تذهب للمدرسة وتتلقى دروسها، انخفض مستوى تحصيلها في هذه الفترة، ولكنها مازالت متفوقة، ولكن انخفض مستواها الدراسي عن ذي قبل. أصبحت منطوية على نفسها، كثيرة البكاء، لم تتكلم مع أحد عن ذلك اليوم، ولكنه ظل عالقا في عقلها لا تنسى تفاصيله.
منذ ختانها لم يعد مسموح لها بزيارة أصدقائها، بل يعد مسموح لها أن يكون لها أصدقاء، فقط هي تذهب للمدرسة وتعود لتذاكر دروسها ثم تقرأ، لم يعد مسموح لها حتى بالكلام مع أولاد عمها ولا تعلم لماذا؟



هناك 7 تعليقات:

  1. السن المناسب لطهور البنت من أولى إعدادى لغاية الجامعه

    ردحذف
    الردود
    1. أعرف شخصيا فتيات تم ختانهن قبل الوصول إلى الصف الرابع الإبتدائي

      حذف
    2. الختان للولد وللبنت تدمير جنسي لطرفين ومجرد عاده غلط من عادات اغلب العرب

      حذف
  2. شيرين لو سمحتى ما رأيك الشخصى فى ختان البنات والولاد والسن المناسب لختانهم أنا سلمى من اسكندريه علشان أنا ضد ختان البنات والولاد كمان

    ردحذف
    الردود
    1. في رأيي الشخصي أن الذكور يتم الختان في الأسبوع الأول من الولادة حتى لا يشعر بالألم بعد أن يكبر وأن البنات للختان لابد أن تقول طبيبه أنها بالفعل تحتاج إليه ويكون ذلك بعد سن البلوغ وإذا لم تكن في حاجة إليه لا يتم الختان وهذا رأيي الشخصي

      حذف
    2. تمام يا شيرين رأيك يحترم أنا سلمى ضد الختان على إطلاقه سواء البنت أو الولد إلا إذا كان يوجد سبب طبى وجيه وحتمى مع شرط الإهتمام بالنظافة الشخصية سواء الولد أو البنت حتى فكرة عمل الختان للشكل الجمالى سواء الذكور أو البنات مرفوضة ونترك كل شيء كما هو وفى فترة الخطوبة والزواج يتم الإتفاق على ذلك والتراضى

      حذف
  3. أزال أحد مشرفي المدونة هذا التعليق.

    ردحذف

الفصل الثالث والأربعون الأخير

  قرر اخوة علاء عدم زيارته مرة أخرى وغلق باب القرابة أمامهما، لم يفهم علاء السبب وكذا ميساء ولكنهما لم يحزنا كثيرا لأن هناك خبرا آخر جعل علا...