أعزائي القراء سيكون المقال كما اتفقنا على
كيفية تحليل القارئ العادي للمقال الصحفي ولكي نتمكن من ذلك لابد لنا أولا أن نعرف
ما هو المقال الصحفي وبنائه الفني وفي الجزء الثاني سنستعرض أنواعه المختلفة ووظائفه
حتى يتثنى لنا انتقاده وتحليله على أساس علمي.
تعريف المقال الصحفي
موضوع صحفي يعبر بشكل مباشر عن سياسة الصحيفة وعن آراء كتابها
في الأحداث اليومية الجارية، وفي القضايا التي تشغل الرأي العام المحلي أو الدولي
ويقوم المقال الصحفي بهذه الوظيفة من خلال شرح وتفسير الأحداث الجارية والتعليق عليها
بما يكشف عن أبعادها ودلالاتها المختلفة من وجهة نظر الصحيفة أو الكاتب. وهو يختلف
عن الخبر الذي يعرض لحدث معين، ويختلف عن التحقيق الصحفي الذي يتناول الحدث من
العديد من الزوايا مع حوارات مع المسئولين عن الحدث والمتضضرين منه والمستفيدين،
كما يختلف عن التقرير الاخباري الذي يتناول الحدث من مختلف الزوايا دون التدخل
بالرأي من جانب الصحيفة.
أما المقال كما
عرفه د.محمود أدهم فهو : " فكرة يقتنصها الكاتب خلال معايشته الكاملة للأنباء
والآراء والقضايا والاتجاهات والمشكلات المؤثرة على القراء والمجتمع بحيث يعرضها ويشرحها
بالتأييد أو المعارضة بلغة واضحة وأسلوب مبسط يعكس شخصيته وفكره " . و تعرفه دائرة
المعارف البريطانية على أنه: " إنشاء متوسط الطول يكتب للنشر في الصحف و يعالج
موضوعا معينا بطريقة مبسطة و موجزة على أن يلتزم الكاتب حدود الموضوع".
والمقال مثلما
هو فكرة يتلقفها الصحفي ليعالجها بأسلوبه الخاص وطابعه المتميز، هو أيضاً يشكل دعوة
للقراء للتفكر والتدبر وربما التصرف تجاه الأحداث من واقع فهمها لها ، وفي ذلك تلعب
مقالات الرأي والرصد والتحليل والتفسير لمختلف الموضوعات والقضايا دوراً في تحقيق الصحافة
لوظيفتها في قيادة الرأي العام، فهذا النوع من المقالات ينبغي أن يكون خروجاً من دائرة
وحدود ما هو كائن ومعروف ، إلى عمق وجوهر ما هو غير معروف وما يجب أن يكون، ففي هذا
النوع من المقالات يكمن التوقع والاستكشاف والرؤية والدعوة والاستقطاب وما يتبع كل
ذلك من إعمال للفكر واتخاذ للموقف والدعوة للتغير.
تاريخياً كان المقال
هو الأصل والأساس في تحرير الصحف والمجلات منذ نشأتها. وظل لفترة تاريخية طويلة صاحب
المكانة الأولى في تحريرها، وبقيام الحرب العالمية الأولى تراجع المقال إلى الصفحات
الداخلية ليتصدر الخبر الصفحات الأولى، أما قبل ذلك فكانت الصحف تصدر معتمدة على المقال
في صفحاتها الأولى، وكانت كل صحيفة تتباهى بمقالاتها وتفخر بكتابها وتعمل من خلال ذلك
على تدعيم مركزها ورواجها في سوق القراء.
فالمقال الصحفي
كفن تحريري يلعب دوراً كبيراً في تحقيق وظيفة الصحافة في مجال التوجيه والتنوير والإرشاد
وتكوين الرأي ، ومثلما هو كذلك فهو أيضاً يعين الصحيفة على القيام بالدور الذي ينبغي
أن تقوم به خدمة لقرائها؛ فالقارئ لا ينتظر من الصحيفة التي اعتاد قراءتها، أن تمده
بالأخبار في عالم اليوم الذي استطاعت فيه تقنيات الاتصال أن تنقل الأحداث لحظة وقوعها
في أي بقعة من الكرة الأرضية، وإنما ينتظر من صحيفته أن تكون رؤية تحريرية قادرة على
تفسير الأحداث وتقديم المعلومات وشرح القضايا ومسائل ما وراء الكواليس، كما ينتظر من
صحيفته أن تلبي حاجته إلى المعرفة والثقافة ، وأن تمكنه من فهم ما يدور حوله من أحداث
ونشاطات ووقائع وقضايا..
البناء الفني للمقال
يتكون البناء الفني
الأساسي للمقال من ثلاثة أجزاء هي: المقدمة و الجسم و الخاتمة. ويكتب بقالب الهرم المعتدل
على عكس كتابة الخبر الصحفي, بحيث لا يمكن الاستغناء عن أي جزء منهم لأن ذلك يقلل من
شأن المقال ويحد من فاعليته, وإن كانت الخاتمة هي الأقل حظا بين كتاب المقال وهو ما
يقتضي الانتباه إليه.
و تضم هذه الأجزاء:
المقدمة : كل موضوع
صحفي يبدأ بمقدمة وفي المقال نبدأ بمدخل تمهيدي للفكرة لإثارة انتباه القارئ وشده لمتابعة
بقية المقال , كما يمكن أن تتضمن فكرة جديدة مثيرة أو قضية تشغل بال الرأي العام ,
أو تعليقا على خبر هام يتداوله الناس أو وصفا لمشكلة خطيرة وحساسة في المجتمع .
الجسم : وهو الجزء
الذي يحتوي على المادة الحيوية والجوهرية ( الدسمة ) في المقال ,ويضم البيانات والمعلومات
والحقائق المرتبطة بالموضوع , الأدلة والأسانيد المؤيدة لوجهة نظر الكاتب ,أبعاد الموضوع
ودلالاته المختلفة والخلفية التاريخية للموضوع .
الخاتمة: وهي أهم
أجزاء المقال التي يتوقف عليها مدى اقتناع القارئ أو عدم اقتناعه بفكرة الموضوع وبآراء
الكاتب وغالبا ما تضم واحدا من النقاط التالية:
خلاصة ما توصل
إليه الكاتب من آراء, دعوة القارئ للمشاركة في إيجاد حلول للقضية أو المشكلة المطروحة
لتفعيل دوره أو دفع القارئ لاتخاذ موقف معين اتجاه موضوع مطروح أو النصيحة التي يقدمها
الكاتب للقراء عامة وللمرتبطين بالموضوع خاصة.
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق