احتضنته بشدة وقابل هو ذلك بأخذي أكثر في حضنه ورغم تحرك شهوته تجاهي
سيطر عليها ولم يبدها لي، يعلم يقينا أن هذه الخطوة ليست بالهينة وأنها تحتاج
لمقدمات كثيرة تجعلني أنا من أطلبها واستمتع بها. مر الأسبوع واضطر حمدي للذهاب
للقاهرة لتحضير نفسه للعمل، تقرب في تلك الفترة من محمد وأعجب به بشدة بأخلاقه
وأسلوب تعامله حزمه وطيبته معا، ووعده حمدي بحضور ولادة علياء.
مرت فترة شهر العسل، ثلاثة أسابيع مروا عليّ كثلاث ساعات أو أقل،
اعتدت حضن حمدي والنوم إلى جانبه، ووجد حمدي أنه جاء موعد الخطوة التالية وهي
تقبيلي، يعلم أنها خطوة صعبة، ولكنها خطوة ضرورية للخطوة التالية، وهي لقاء الحب.
بعدما جئنا أنا وحمدي من العمل وكانت أم حمدي قد حضرت طعام الغداء،
تناولنا طعامنا واحتسينا بعده الشاي وأذن حمدي لأم حامد في الانصراف مبكرا من
العمل وأخذني في حضنه فاستجبت له وبدأ في تقبيلي، في البداية حاولت الهروب فطمأنني
أنه لن يأخذ سوى قبلة، وقبلني مرة ثانية، شعر فيها بخوفي رغم عدم مقاومتي، فأخذني
في حضنه دون تقبيل، وذم يده قليلا كي أشعر به وبقربه مني، وحاول مرة أخرى، في هذه
المرة بدأت استجيب له ثم تركت لنفسي العنان في تقبيله، واشتعلت رغبتنا سويا ولم نشعر
بشيء حتى صرخت بعدما انتهى مني حمدي وارتويت منه.
حمدي: ماذا بك يا ميار؟
ميار وهي تبكي: "لا أعرف وجدت
عماد أمامي فجأة وهو يأخذني"
حمدي: لا تخافي، إنه عرض طبيعي هلمِّي
إلى حضني وانسي كل شيء
بالفعل تركت نفسي في حضن حمدي وأنا ابكي وهو يطمئنني، بقدر فرحه من زواجه
الفعلي مني على قدر حزنه مما أصابني، قرر أن يتوقف عن ذلك فترة، هو يعلم أنني أفضيت
شهوتي كاملة وارتويت حتى اكتفيت، وهو أيضا ارتوى حتى اكتفى، ولكنه يرى أنه تسرع في
هذه الخطوة كان يجب عليه أن ينتظر قليلا حتى أتعود التقبيل، ولكنه شعر براحة عندما
احتميت به من مخاوفي، عندما ارتميت في حضنه وأنا ابكي حتى استكنت ونمت، علم أنني سأمر
بأسوأ كوابيسي لذا اتصل بالصيدلية وطلب مهدئا لها كي يهدئ أعصابي. وبالفعل حدث ما
توقعه وأعطاني المهدئ وتركني أنام، شعر بتأنيب الضمير لما أصابني، ولكنه راجع نفسه
بأن ذلك كان سيحدث حتما حتى لو لم يتسرع في تلك الخطوة، ظل عاكفا بجواري وأنا في
حضنه حتى استفقت، كنت أبكي دون إرادة، وأخبرت حمدي بذلك وطمأنني أنني بخير وأخذني
في حضنه أكثر وذم حضنه عليّ حتى سكنت وهدأ بكائي، تأسفت واعتذرت عما حدث، فأخبرني
حمدي أنه تسرع في ذلك الأمر وما كان يجب عليه الاستمرار اكثر من التقبيل حتى اعتاد
عليه، وصارحته أن رغبتي هي من حركتني للتمادي أكثر من التقبيل ولكنني لا أدري سببا
لما حدث لها بعد ذلك، طلب مني حمدي عدم التفكير مجددا في ذلك الموضوع وألا أعطي له
أهمية.
ومر شهرا على ذلك الموضوع اكتفى فيه حمدي بتقبيلي ولم يتمادى أكثر من
ذلك، بدأت تظهر عليّ بعض الأعراض غير الطبيعية مثل القيء المستمر وعدم الرغبة في
الطعام والغثيان، فسرها حمدي أنها مرحلة اكتئاب أمر بها نتيجة صدمة لقاء الحب الذي
جمعنا معا، ولكن هذه الأعراض استمرت لمدة أسبوعين رغم أنني أتعاطى أدوية مضادة
للاكتئاب، فأصر على ذهابي للطبيب لفحصي، فذهب إلى طبيب امراض باطنة صديق له في
المستشفى –حيث لم يكن له عيادة مستقلة بعد –ليعلم سبب القيء المستمر، خاف أن يكون
سبب ذلك أي اضطراب بسبب الأدوية. بعد الفحص والأشعة تأكد الطبيب من حملي، وأخبر
حمدي بذلك، وطلب منه وقف الأدوية المضادة للاكتئاب وعرضي على طبيب أمراض نساء
وتوليد ورشح له طبيبا.
وبعد أن عدنا سويا للمنزل، كان حمدي خائفا من ردة فعلي، وخائفا من
احتمال إصابتي باكتئاب الحمل وما بعد الحمل، وخوفه من ضرورة وقف تناول الأدوية،
فأراد الاطمئنان عليّ:
حمدي: ميار هل أنتِ على ما يرام؟
ميار: الحمد لله أنا بخير
حمدي: كيف لم تعرفِ بحملك؟
ميار: الغثيان أمر طبيعي بالنسبة لي
بعد تناول الأدوية، وأحيانا تجعلني لا أرغب في الطعام، الشيء الزائد على ذلك كان
القيء، وفي بداية تناولي للدواء كان القيء ملازما لي، وبالتالي فلا جديد بالنسبة
إليّ
حمدي: إذن فلا أدوية بعد الآن سوى
التي يوافق عليها طبيب النساء، لقد تحدثت معه وحجزت موعدا يوم غد، ولابد لكِ من
وقف التدخين لأنه يضر بصحتك وصحة الجنين
ميار: لا داعي للتدخين، كنت أدخن
بشراهة بسبب ما أحياه والمشاكل التي مررت بها، وبعد زواجنا قللت منه لعدم قدرتي
على الإقلاع عن التدخين، والآن لصحة طفلنا لن أدخن ثانية ساعدني في الإقلاع عن
التدخين نهائيا
حمدي: أحقا أنتِ فرحة بحملك؟
ميار: لأول مرة أشعر بالفرحة لخبر
حملي، سيكون لنا طفل قطعة منا نحن الاثنين، أحمل في أحشائي قطعة منك، أنت لا تدري
كم هي فرحتي الآن
وارتميت في حضن حمدي، ونسيت العالم كله وتذكرت فرحتي بحملي، وبالفعل
أقلعت عن التدخين نهائيا، واعتدت العلاقة مع حمدي بعد أن وجدتها على العكس تماما
من علاقتي مع عماد وتيقنت أن عماد نموذجًا شاذًا عن الرجال واعتبرت حمدي نموذجًا
شاذًا أيضا، ولكنه نموذجًا فريدًا من نوعه احمد الله على زواجي منه.
في ذات الفترة تزوج ابن أم حامد من زميلة له في عمله
"كاشير" في أحد محال الطعام، لم يستطع حتى بعد زواجه الانتظام في العمل
وكان يعتمد على عمل زوجته والمساعدة المالية من والدته، خاصة بعد حمل زوجته عقب
الزواج مباشرة، وتزوجت كل من بتول وبدور من أبناء عمومتهما. بعد زواج البنتين
طلبتا من والدتهما عدم العمل، على أن يتكفلا بالإنفاق عليها ولكنها رفضت؛ فهي لم
تتعود على أن ينفق عليها أحد، اعتادت أن تكسب لقمتها من تعبها، من عملها، رغم أن
الضغط عليها في الإنفاق قد ولى إلا أنها ما زالت تحب أن تعمل وتتعب في عملها كي
تستحق راتبها، وظلت أم حامد تعمل لدي وترعى طفليّ، حتى بعد أن قررت أنا ترك العمل
للتفرغ لتربية الأطفال.
في أسيوط
مر على حمل علياء خمسة أشهر ولاتزال في الفراش غير قادرة على مغادرته،
وتتحمل أختها إرضاع الأطفال ورعايتهم مع حماتها، لقد رأت حسن معاملة من حماتها في
تلك الفترة واهتمامها بها، وأيقنت أن حماتها طيبة مثل محمد ولكنها شديدة صارمة
مثله لا تظهر الطيبة إلا في وقتها وليس دائما، كانت تلعب مع طفليها وهي راقدة في
الفراش، وتسأل أختها عن حالها بعد رجوع محمود للصعيد ومشاركته مع محمد في إدارة
أعمال والده، ووجدت أن حاله من إهمال حبيبة كما هو فقررت أن تتحدث مع محمد في ذلك
الشأن لينبه أخيه بما يجب عليه فعله مع زوجته، وبالفعل تحدثت مع محمد الذي وعدها
بالحديث مع أخيه في ذلك الموضوع.
وبعد انتهاء الأعمال طلب من محمود الانتظار ليتحدث معه في موضوع هام:
محمود: خيرا يا أبا فتحي
محمد: كل الخير يا أبا ياسر، أريد أن
أتحدث معك في شأنك مع زوجتك
محمود: هل اشتكت؟
محمد: ليست في حاجة أن تشتكي ونحن نرى
بأم أعيينا معاملتك لها، لماذا تصر على معاقبتها على عدم زواجك من غيرها، لماذا لا
تحسن عشرتها، إنها ابنة أصول لذلك لا تشتكي
محمود: وكيف أعاملها؟
محمد: اهتم لشأنها كما تهتم بولدك؛
فهي أم ولدك أيضا
محمود: أليست هي من قالت لهم عن زواجي
من أخرى؟
محمد: زواجك من زميلتك في الكلية كنا
جميعا نعرفه، فلا فرق إن أخبرت والديها عقب إخبارك لها أم بعده فالنتيجة واحدة،
كما أنك كنت قاسيا معها أن تبلغها ذلك يوم زفافكما، ألم تصبر حتى تكمل أسبوعها في
بيتك ثم تخبرها، أو كنت تخبرها قبل زواجك بفترة كي تأقلم نفسها على هذا الوضع، أنت
الملام في ذلك وليس هي، من حقها أن تستغيث بوالديها بعد أن كسرتها منذ أول يوم
محمود: وما حدث بعد ذلك هو قرار عدم
زواجي عليها، أليست هي الملامة على ذلك؟
محمد: لا ليست هي، الملام على ذلك هو
أنت ورغبتنا في دخول عضوية مجلس الشعب عائلتنا، كان من الممكن أن ترفض وتعتمد على
نفسك في الانفاق ولكنك اخترت أسهل الحلول أن تتزوجها حتى يستمر والدنا في الانفاق
عليك، حتى بعد أن تزوجتها ورفض المأمور الزواج لم تتمسك أنت بمن تحب واخترت أسهل
الحلول أن يستمر زواجك بها ليستمر والدنا في الانفاق عليك، أنت الملام وأنت
الأناني في ذلك
محمود: أنا لا أخطئ في حقها
محمد: لقد أخطأت عندما تركت والدتنا
تتحكم بها، ولم تهتم بها كما تهتم بياسر إنك تحبه ولا تحبها، نعم اقتربت منها بعض
الشيء بعد علمك بحملها وإنجابها ولدك، ولكنه اهتماما ليس بكافي، لماذا لا تسافر
معها لتقضيا وقتا سويا دون الأهل، قل لها كلمات شكر وثناء، مفتاح المرأة أذنها،
ءأنا من يخبرك عن معسول الكلام وأنت من عاش سنوات الجامعة في القاهرة، أحسن إلى
زوجتك وأحسن عشرتها يبارك لك الله
محمود: حسنا سأفعل
محمد: انتظر أن أرى ذلك
وعاد كل منهما للدار وبدأ محمود يفكر فيما قاله أخوه، ووجد أنه بالفعل
يتعامل مع حبيبة كما يتعامل مع زميلة في الجامعة وربما أقل من ذلك؛ فأراد أن يحسن
من معاملها لها، ولكن لم تكن لديه الشجاعة الكافية للاعتذار لذا بدأ بالفعل في
تحسين معاملته والاهتمام بها، وسمح لها بالمبيت لدى أهلها إذا أرادت ذلك. شعرت
حبيبة بتحسن علاقتها مع محمود، وقالت ذلك لأختها، وأخبرتها بسعادتها لذلك، لم تعُد
حماتها هي المتحكمة بها، بل اهتم زوجها بطلباتها، وقد كانت تلك الطلبات بسيطة جدا،
لم تطلب سوى أن ترى والديها مرة كل أسبوعين، تطمئن عليهما وأن تبيت معهما، وكانت
تأخذ الصغار الثلاثة معها إذا ذهبت لزيارتهم والمبيت معهم حيث كان محمود يوصلها
بالعربة حتى دار والدها ويعود ويأخذها من هناك.
دخلت علياء في شهرها السابع وشعرت بآلام حادة جعلتها غير قادرة على
كتم الصراخ، لم تتوقع أنها آلام المخاض لأنها لاتزال في شهرها السابع، صعدت لها
على الفور حماتها وأختها، واتصلت حماتها بمحمد وطلبت منه سرعة المجيء للذهاب
بزوجته للمستشفى لأنها تلد. تذكرت نحمدو صعوبة ولادة علياء الأولى واضطرارها أن
تلد قيصرا فخافت عليها إن ولدت قيصريا في تلك المرة
جاء محمد وأخذ للعلياء للمستشفى صارحه الطبيب بخطورة الحالة وقال له
أن هناك احتمال لفقد الأم أو الجنين وخيره بينهما فاختار محمد سلامة زوجته وكتب
تعهدا بذلك، في غرفة العمليات نزفت علياء بشدة ومات الجنين أثناء الولادة
القيصرية؛ فأسرع الطبيب يسألهم عن متبرع بالدم فوافقت فصيلة علياء فصيلة دم محمد
فتبرع لها بدمه وأُنقذت علياء ولكن الجنين توفى. حزن محمد على وفاة الجنين الذي
علم أنه ذكرا، ولكنه سعد في نفس الوقت لنجاة زوجته وقال في نفسه أن الجنين يعوض
أما علياء لن تعوض.
أفاقت علياء من التخدير فوجدت محمد بجانبها ومعه أختها وحماتها، فسألت
عن ولدها، وعندما أخبرها محمد بوفاة الجنين ظلت تصرخ وتبكي مما فطر قلب حماتها
عليها، ولأول مرة أخذتها في حضنها لتواسيها عن فقد ولدها. شعرت علياء في ذلك الحضن
من حماتها بالحنان الذي تشعر به مع والدتها وقربها ذلك أكثر من حماتها. وبعد
الاطمئنان على علياء ذهب محمد لكي يدفن صغيره، كم كان صعبًا عليه فعل ذلك، من
الصعب على الأب أن يدفن ولده، اعتاد الجميع أن يدفن الابن أباه، أما العكس فهو صعب
للغاية.
عندما علمت بما حدث لعلياء طلبت من حمدي السفر لصديقتي لمواساتها،
فطلب مني حمدي التريث في ذلك الأمر لأن السفر قد يكون خطرا على الحمل وأنا في شهري
الخامس، وأن أسأل الطبيب قبل أن أخذ قرار السفر. رفض الطبيب السفر هذه المسافة
الطويلة وطلب مني الانتظار حتى موعد الولادة، أخبرت علياء بذلك ونصحتني علياء
بطاعة أوامر الطبيب حتى ألد بسلام.
كانت حالة علياء النفسية سيئة، ولكن كل من في الدار وساها على فقد
ولدها، هم حزنوا لذلك أيضا خاصة أن المولود كان ذكرا، ولكنهم انصاعوا لرغبة محمد
في حياة علياء عوضا عن الولد، مرت فترة حزن علياء بسلام عليها وعلى صحتها وبدأت في
مباشرة أعمال الدار مع حماتها وأختها لتنسى ما فقدته وعادت ترضع صغيريها من جديد،
طلب منها محمد وضع وسيلة لمنع الحمل حتى تسترد صحتها ويكبر الصغيرين أو على الأقل
أن يكملا عامهما الأول، وافقته علياء على ذلك وبالفعل ذهبت لوضع وسيلة لمنع الحمل
آمنة على الرضاع، ومر الوقت وجاء موعد ولادتي واستأذنت علياء محمد في السفر إلى
القاهرة لتراني، وافق محمد على ذلك حتى تستطيع علياء نسيان فقدها لولدها.
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق