علياء: فاكرة يا ميار الفترة دي عدت عليا
ازاي
ميار: في الأول كانت صعبة عليكي لكن محمد
اتغير فعلا معاكي
شذى: وبعدين ايه حصل تاني
علياء: أنا ح احكي على اللي حصل مع ميار
في القاهرة
بعد أن خرجت ميار من المصحة ذهبت لمنزلها وطلبت أم حامد مرة أخرى
وعادت أم حامد بعد شهر ونصف الشهر لعملها مرة أخرى
-
كيف حالك يا أم حامد؟ هل أعانك المبلغ الذي أعطتك إياه علياء على هذه
الفترة الطويلة؟
-
الحمد لله مازال لدي باقي المبلغ ولكن كنت قلقة لو تأخرت عودتك ماذا
سأفعل، الحمد الذي لا ينسى عباده، حمدا لله على سلامتك، كيف حالك الآن؟
-
الحمد لله أنا بخير، مضت فترة الخطر، كل ما عليّ فعله الآن هو
الالتزام بالعلاج، وكيف حال حامد الآن
-
كما هو ولكني عرفت أنه يتعاطى حبوب مخدرة مع الحشيش ولا أدري ماذا
أفعل؟ لقد أتعبني خاصة بعدما اعتاد التكسير أصبح يضربني أيضا، بالفعل لا أعرف كيف
أتعامل معه، وأعمامه لا يريدون التدخل، ويلقون باللوم عليّ، ماذا أفعل؟
-
اهدئي وفوضي أمرك إلى الله هو المتصرف في الأمور كلها، وادعي له
بالهداية، فالله قادر على كل شيء، ألا تحتاجين لأي شيء؟
-
لا، بارك الله لك، سأحضر لك طعام الإفطار حتى تتناولين دوائك
-
حسنا، لا بأس
وانصرفت أم حامد تُعد لميار طعام الإفطار ولا تدري كيف تتصرف مع ولدها
أعمامه لا يريدون التدخل وأخوتها في الأردن وهي لا تملك ثمن السفر إلى هناك لترك
حامد لديهم لكي يحسنوا تربيته، لقد أعياها التفكير ولم تجد حلا.
بعد أن تناولت ميار طعام الإفطار تناولت دواءها ثم أشعلت أولى لفافات
التبغ، لقد وجدت له طعما آخر بعد أن تركت المصحة، طعم الحرية في التدخين كما شاءت،
على الرغم من طلب حمدي منها تقليل عدد لفافات التبغ التي تدخنها يوميا، تناولت
القهوة ودخنت التبغ كما شاءت، له طعما آخر، وعندما تذكرت حمدي، تذكرت مشاعرها نحوه
وخوفها من تلك المشاعر أن تلقي بها إلى التهلكة وتجربة مريرة كتلك التي عاشتها مع
عماد، تملكها الخوف فدخنت بشراهة، ولا تعرف كيف الخلاص، أرادت أن تخرج من تلك
الحالة فقررت القراءة، وجدت كتاب قد أهداه لها حمدي عن الحجاب، قرأت فيه وهي تعلم
أن هذه طريقة مهذبة من حمدي في جعلها ترتدي الحجاب مرة أخرى، هو لا يدري أنها خلعت
حجابها ليس لعدم اقتناعها به ولكن لأنه آخر ما كان يربطها بعهد مضى من القهر
والاستبداد، كثيرا ما كانت ترودها الرغبة في ارتداء الحجاب مرة أخرى ولكنها تتراجع
في اللحظة الأخيرة لتذكرها ما مضى من حياتها وترغب حقا في نسيانه، تركت الكتاب فها
هي تعود مرة أخرى لمخاوفها من حمدي وقهرها من الماضي.
تأكد حمدي بعد خروج ميار من المستشفى من حبه لها، لقد اعتاد رؤيتها
يوميا ولكن الآن ليس له سبيل من رؤيتها سوى مرة كل أسبوع، موعد زيارتها الدورية له
حتى تشفى تماما، يخاف حمدي من شفائها لأنه لن تكون له حجة في الاتصال بها أو
رؤيتها، ولكنه يتمناه في ذات الوقت لكي يستطيع أن يخبرها بمشاعره نحوها، مجموعة من
المشاعر المختلطة تراوده، ينتظر بشوق موعد زيارتها له. وأثناء تفكير حمدي بها وجد
هاتفه يرن وهو مزين باسمها رد على الفور
-
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته
-
وعليكم السلام ورحمة الله وبركاته
-
أشعر بصداع شديد يكاد يودي برأسي، لا أعرف ماذا أفعل؟
-
ماذا حدث؟ هل تناولت دوائك؟
-
نعم تناولته ولكني شردت فيما مضى
-
لابد أن تواجهي مخاوفك يا أستاذة ميار، سنتحدث عن ذلك في زيارتك
القادمة، سأرسل لكِ رسالة بها اسم دواء تناولي منه الآن حبتان وسيذهب عنك الصداع
-
حاضر، شكرا لك
أنهت المكالمة التي لم تستمر لأكثر من دقيقة، خافت فيها أن يبدو على
صوتها اشتياقها لسماع صوته، واشترت الدواء الذي قال وصفه لها الطبيب، شعرت بعده
برغبة في النعاس فتركت نفسها للنوم على أن تهاتفني عندما تستيقظ. أيقظت أم حامد
ميار بعد ثلاث ساعات حتى تتناول طعام الغداء وتتناول دوائها في موعده، لقد وجدت
وصفة العلاج الخاص بميار على الطاولة فحفظت مواعيده حتى تتأكد أن ميار تناولته،
فمازالت تشعر أن ميار مثل ابنتها وتخاف عليها كما تخاف على أبنائها.
تحدثت ميار معي لتطمئن على حالي، فهي علمت بزواجي وقتها وظروفه
الغريبة فلم تتحدث معي فيما يعتمل في صدرها وهونت عليّ ما أمر به من ظروف، وتوالت
اتصالاتنا يوميا حتى علمت ميار بزواج هيثم من ابنة رجل الأعمال وعضو مجلس الشعب
حسن عاشور، وتأكدت أن مشاعر الكره تجاه هيثم لها ما يبررها، وبالتالي فكرهها لجميع
الرجال له ما يبرره لأن جميعهم أنذال. قامت ميار بإخباري بزواج هيثم وحاولت إقناعي
بإصلاح العلاقة مع زوجي، وتوالت اتصالاتنا التي لم تستطع فيها ميار إخباري بما
يعتمل في صدرها، كما لم تستطع مصارحة حمدي بذلك كل ما قالته له خوفها من الماضي
وخوفها من ارتداء الحجاب، ومحاولة معها حمدي لكي تتقبل الماضي كما هو وأن تسامح
نفسها أولا على تظن أنه خطأها، وسافرت ميار لي في منزل والدي وقصت عليّ ما فعله
هيثم، وأقنعتني بقبول الصلح مع زوجي وإيجاد قواسم مشتركة بيننا.
في ذلك الوقت كانت مشاعرها تجاه حمدي تتأجج ولا تستطيع منع نفسها منها
أو مصارحة أحد بتلك المشاعر؛ فبدأت حالتها تسوء واقترح عليها حمدي السفر لبعض
الوقت للتفكير في مسامحة نفسها والبدء من جديد مع تقبل الماضي بحلوه ومره، لكنها
حتى الآن تخاف من الماضي ويشعرها بالضيق لعدم قدرتها على تغييره، ولاتزال تخاف من
أن تواجه نفسها بحب حمدي، الحب الذي تمكن منها ولا تستطيع مواجهته، وانشغلت في
مشاكلي، وفي ذلك الوقت أقنعتها بعدم وجود رابط بين ارتدائها الحجاب وبين الماضي،
وحاولت انتشالها من تلك الدائرة التي تكاد تودي بحياتها، وبالفعل قررت ميار ارتداء
الحجاب مرة أخرى، ولكن هذه المرة وهي مقتنعة كلية بالخطوة التي تقدم عليها، ووعدتني
ميار بزيارة أخرى لي.
مرت الأيام ومازالت ميار خائفة من مشاعر الحب التي تتملكها يوما بعد
يوم، وخوفها مما ستلاقيه إذا تركت لنفسها العنان لتحب من جديد. كان حمدي يشعر أن
ميار تكن له بعض المشاعر ولكنه لم يتمكن من معرفة كنه تلك المشاعر فأحيانا يشعر
بمشاعر حب من ناحيتها ولكن سرعان ما يتبخر هذا الشعور مع تقلبات ميار عندما تظهر
له مشاعر العدائية الشديدة وأخرى عندما تظهر له مشاعر الامتنان لعلاجها.
عندما علمت ميار بوضعي وولادة ولديّ، استأذنتني في السفر لها
للاطمئنان عليّ، ووافقت على زيارتها بعد أن استأذنت من زوجي في ذلك، وتم تحضير
غرفة الضيوف لزيارة ميار. عندما حملت ميار أبنائي شعرت بمشاعر غريبة في داخلها
مشاعر الأمومة التي حرمت منها بسبب عماد، وفي نفس الوقت تمنت لو كان الولدان هما
ولديها من حمدي، لاحظت شرودها، فتحدثت معها،
علياء: ماذا بك يا ميار لماذا الشرود؟
ماذا تخفين؟
ميار: لا شيء يا علياء ولكني منذ فترة
طويلة ترودني بعض المشاعر ولم أستطع وأدها
علياء: ما هي تلك المشاعر؟
ميار: أشعر بالحب تجاه حمدي، وهذا ما
يقلقني ويتسبب في تدهور حالتي النفسية
علياء: وماذا في الحب يا ميار إنه
الحياة نفسها؟
ميار: إن الحب يعني الزواج وأنتِ
تعلمين ما مررت به في تجربة زواجي إنهم جميعا حيوانات تبحث عن الشهوة ليس إلا،
أعرف أن زوجك ليس كذلك ولكنه استثناء من القاعدة، ليس الجميع مثله
علياء: واجهي نفسك يا ميار بحبك
وأعلنيه هذه هو الحل الوحيد، أتذكرين عندما نصحتني بالتحدث صراحة مع زوجي، لقد
فعلت ذلك وها أنا أحيا الآن حياة كريمة دون أن تساء معاملتي حتى حماتي حسَّنت من
طريقة معاملتها، لقد كانت نصيحتك أن الأطفال ستغير من معاملتهم معي مجدية، لقد تغير
كل شيء بعد الولادة خاصة عندما أنجبت فتحي وعليّ
ميار: وماذا أفعل؟ هل أذهب لحمدي
وأقول له أني أحبه؟ وماذا لو كان لا يحبني؟ ماذا أفعل حينها؟ سأكون قد وضعت نهاية
لهذه العلاقة حتى أنني لن أستطيع أن أراه باعتباره طبيبي المشرف على حالتي
علياء: اعتقد أن حمدي يكن لكِ مشاعر
أكثر من مشاعر الطبيب تجاه مريضته منذ أول يوم رآك فيه، ثقي بي فأنا شعرت باهتمامه
بك خاصة عندما ذهبتِ لعيادته أول مرة، اللهفة التي شعرت بها في صوته ورغبته في
اصطحابي لك لمنزلك ثم لإقناعك بضرورة الذهاب للمصحة كلها تنم عن اهتمام شديد أكثر
من اهتمام الطبيب بمريض
ميار: وماذا أفعل؟
علياء: لا شيء سوى مراقبة تصرفاته
تجاهك، ومحاولة التعرف على مشاعره فإذا كانت حبا سيبادرك هو بإعلان حبه، فقط أبدي
بعض المرونة معه وأظهري اهتمام به، فقط بعض الاهتمام الذي يجعله يشعر أن له مكانة
خاصة لديكِ، فإذا كان يحبك هو الآخر فيسفهم ذلك الاهتمام ويصارحك بحبه لكِ، أما
إذا كانت مشاعره هي فقط مشاعر طبيب تجاه مريض فسيتجاهل تلك الإشارات
ميار: أهذا هو رأيك؟
علياء: أجل، ولا شيء سواه، وما هي
أخبارك مع الحجاب؟ هل مازال يعود بك إلى الماضي؟
ميار: لا لقد تصالحت مع نفسي في بعض
الماضي؛ فالماضي قد ولى وذهب ولن يعود، وما حدث فيه قد حدث، المهم هو الآن، وأنا
من يصنعه، لقد شعرت براحة عندما ارتديت الحجاب، وهذه أول مرة أشعر فيها بهذا
الارتياح، وكما ترين قد غيرت طريقة ملابسي
علياء: بالفعل، ولكنها أنيقة رغم أنها
فضفاضة
ميار: لقد وجدت محلا جديدا لملابس
المحجبات في المعادي ولديه ملابس محجبات من أفضل الأزياء العالمية مصنعة من أجل
المحجبات
علياء: عندما أسافر للقاهرة لابد أن
تأتي معي لأشتري منه ملابس محجبات
ميار: هل سترتدين الحجاب؟
علياء: أنا قررت ارتدائه بالفعل، ولكن
لن يختلف شيء هنا لأن طبيعة الملابس هي الملابس الفضفاضة مع غطاء الرأس الاختلاف
هو رغبتي في ارتداء الحجاب، لقد رغبني محمد فيه، وجاء لي بالكتب التي تتحدث عن
الحجاب وضرورة ارتدائه، وقد اقتنعت به، ولكني لم أخبر محمد، فقط عدلت غطاء الرأس
كي لا يكشف مني شيء حتى وأنا في داخل الدار أثناء الجلوس مع العائلة في تناول
الطعام أو مساعدة حماتي في إدارة الدار
ميار: مبارك عليكِ ارتداء الحجاب،
عندما تأتين للقاهرة سأذهب معك لشراء ما تريدين
مرت أربعة أيام كانت ميار في ضيافة عائلة البلتاجي، مرحبا بها ترحيبا
شديدا، خاصة عندما رأوا حجابها والتزامها، ولكن كانوا يعيبون عليها أنها مطلقة
وتسافر وحدها وعملها كمرشدة سياحية، إلا أن ذلك لم يغير من حسن معاملتهم لها؛ فهي
ضيفتهم وهم يجيدون إكرام الضيف، حيث يصدقون على قول الرسول الكريم –صلى الله عليه
وسلم –أن إكرام الضيف من حسن إسلام المرء وحبه لله ورسوله.
احترت بعد تأكدي من حب ميار لحمدي ماذا أفعل؛ فأنا أخاف ألا يكون حمدي
يبادلها نفس المشاعر وأن تكون تلك صدمة جديدة في حياة ميار قد تؤدي لنكستها مرة
أخرى، فعقدت العزم على الاتصال بحمدي والتحدث معه صراحة عن مدى اهتمامه بميار هل
هو بالفعل اهتمام طبيب بمريض أم أنه يتخطى ذلك، ولكنني تراجعت في اللحظة الأخيرة
خوفا من إحراج صديقتي أمام طبيبها إذا كان لا يبادلها نفس الشعور، فقررت الاتصال
به وسؤاله عن ميار ومدى تحسنها لأرى من حديثه مدى اهتمامه بميار
علياء: ألو
حمدي: ألو، السلام عليكم ورحمة الله
وبركاته، من يتحدث؟
علياء: وعليكم السلام، أنا علياء
صديقة ميار، أتذكرني؟
ميار: نعم نعم أذكرك، لقد حاولت
الاتصال بك مرارا ولكن هاتفك خارج نطاق الخدمة، وما هذا الرقم؟
علياء: هذا رقمي الجديد لقد أصر زوجي
على شراء رقم جديد والتخلي عن الرقم القديم، لماذا كنت تحاول الاتصال بي؟
تلعثم حمدي قليلا ثم قال لها: لقد كنت
اتصل بك بخصوص ميار
علياء وهي متوترة بشدة: خيرا؟ هل
أصابها سوء؟
حمدي: لا أبدا هي بخير ولكن أردت أن
أتحدث معك بخصوص أمر آخر
علياء: ما هو؟
حمدي: لا أعرف من أين أبدأ ولكني أشعر
بمشاعر الحب تجاه ميار ولم أعرف وأدها وأرغب في الزواج منها ولا أعرف مشاعرها
وأخاف أن أفاتحها في هذا الموضوع فأخسرها حتى باعتبارها مريضة، لقد تأكدت من حبي
لها بعد أن غادرت المصحة وأصبحت غير قادر على رؤيتها سوى في أيام الجلسات، هي
قريبة مني ولكنها بعيدة في الوقت ذاته، هل يمكن أن تعرفي مشاعرها تجاهي دون أن
تصرحي لها بحبي حتى لا أخسرها إن كانت لا تحبني؟
علياء: لقد فاجأتني، ولكن هل يجوز أن
ترتبط بمريضة لديك؟
حمدي: هو لا يجوز في أخلاقيات المهنة،
فمن أخلاق المهنة عدم الارتباط بمريض أنت تعالجه، ولكن لم أستطع أن أقاوم حبها،
لقد غزت قلبي دون سابق إنذار
علياء: عموما سأتحدث معها، والآن كنت
أريد أن أعرف مدى التحسن في حالتها
حمدي: هي الحمد لله قاربت على الشفاء،
ولكنها ستظل منتظمة على الأدوية فترة طويلة حتى لا تحدث لها انتكاسة
علياء: حمدا لله، لقد اطمأننت عليها،
وأعدك سأعرف منها مشاعرها تجاهك
أغلقت الاتصال مع حمدي، الذي شعر بالخجل من نفسه في تسرعه في إعلان
مشاعره أمامي ولكنه شعر بالخوف إذا علمت ميار بحبه أن يخسرها للأبد، وانتظر بفارغ
الصبر موعد الزيارة التالية لميار وقد بقي عليها ثلاثة أيام، ليعرف رد فعلها على
حديثه معي، أياما مرت عليه كالدهر؛ خوفا من ردة فعلها واشتياقًا لها.
سمعني محمد وأنا أتحدث في الهاتف مع شخص ما، فانتظرها حتى أنهيت
المكالمة ثم دخل الحجرة يسألني عن المكالمة
محمد: هل كنتِ تتحدثين في الهاتف؟
علياء: نعم
محمد: مع من؟
علياء: مع الطبيب المعالج لميار؟
لماذا السؤال؟
محمد: وهل يجوز أن تتحدثي مع رجل غريب
دون إذني؟
علياء: ماذا؟ لم اعتد أن استأذن أحدا
قبل إجراء مكالمة، أنا لم أفعل أي خطأ
محمد: يا أم فتحي، أنا رجل صعيدي ولا
أحب أن تتحدث زوجتي مع الأغراب دون إذني
استغربت من الطريقة التي تحدث بها محمد، إنها أول مرة منذ عودتي للدار
مرة أخرى، يغضب مثل هذا الغضب لمجرد إجراء مكالمة هاتفية، ولكنني استوعبت أنها
غيرة الرجل على نسائه فاعتذرت منه وقصصت عليه سبب مكالمتي لحمدي وما حدث فيها،
وسألته المشورة في هذه الحالة. غضب محمد بعض الشيء لأن ذلك من وجهة نظره خطأ ولا
يجوز، لا يجوز أن تحب ميار قبل أن تتزوج به، ولا يجوز أن يصارحني حمدي بمشاعره
تجاه ميار، فإذا كان يحبها فليتزوجها ولا يدع أي مجال للحديث عن سمعة حبيبته. ثم
اتفق معي على السفر فاقترحت عليه السفر لدهب ولكن بعد المرور أولا على القاهرة
للحصول على مستحقاتي، ووافق محمد وأخبر والده بسفره معي لمدة أسبوعين، وسمح له
والده بذلك ولكن بعد أسبوع حتى ينهي محمد بعض التعاملات العاجلة في أعمال والده.
بعد سفري للقاهرة استأذنت زوجي في الذهاب لزيارة ميار والخروج معها
لشراء بعض الأشياء وافق محمد على ذلك:
محمد: يمكنك الذهاب إليها ولكني
سأوصلك إلى هناك وأعود للفندق، وعندما تريدين الرجوع اتصلي بي لآخذك من هناك
علياء: حاضر
بالفعل ذهبت لصديقتي واحتسينا الشاي ثم خرجنا لشراء الملابس من المحل
الذي أخبرتني ميار عنه، بعد انصرافي من عند ميار وذهابي للفندق فوجئ محمد بالملابس
التي اشترتها علياء:
محمد: ما هذه الملابس؟ هل هي بالفعل
ملابس محجبات؟
علياء: نعم، لقد قررت ارتداء الحجاب
فعليا وليس مجرد غطاء رأس لكوننا في الصعيد
محمد: ألهذا السبب لم تغيري ملابس
الصعيد وغطاء الرأس
علياء: نعم
محمد: ولماذا لم تخبريني لأشتري لك ما
تريدين؟
علياء: أردت أن أجعلها مفاجأة لك، كما
أن معي مستحقاتي من الشركة التي كنت أعمل بها وهي ملابسي فلماذا تشتريها أنت ومعي
ما يكفي؟
محمد: كم كلفتك تلك الملابس؟
علياء: لماذا؟
محمد: أنا زوجك ويجب عليّ الانفاق على
كل شيء تريدينه
علياء: ولكن أنا معي النقود الوفيرة
من مكافأة نهاية الخدمة
محمد: أموالك لكِ للادخار، أما
احتياجاتك كافة هي إلزام لي أن أتكفل به، حتى وإن شيئا خاصا بك
علياء: حاضر، لك ما تريد
محمد: وشيء آخر، أنا لا أحب المفاجآت
رغم أن هذه المفاجأة أفرحتني بالفعل
علياء: حاضر
أنهيت حديثي مع زوجي، الذي فرح بقراري بارتداء الحجاب وأنني ارتديته برغبتي
أنا بدون إجبار من جانبه، لقد شعر معي بمشاعر الحب والعشرة والأبوة، فأنا لم أحرمه
شيئا، واشتاق لي منذ آخر مرة جامعني فيها قبل مغادرتها لداره لم يمسني حتى الآن،
لا يريد أن يغصبني على شيء ولكنه يشتاق لي، لملمسي الناعم الذي شعر به عندما عاشرني
أول مرة، لكنه أراد أن يكون ذلك بموافقتي، أراد أن يتقرب مني ويعرف كل منا الآخر،
أراد أن أكون له بإرادتي، أن يستمتع بحبي له، رغم أنني لم أصرح بمشاعر الحب ولكن
تصرفاتي معه تنم عن ذلك، فرحتي بقدومه من العمل يوميا وحديثي الذي سمعه وأنا أتحدث
مع ميار عندما كانت في داره، لقد استمع لحديثنا صدفة وهو مار من أمام حجرة الضيوف
وسعد بفرحتي به وبمعاملته، ولكن عكر عليه هذه الفرحة أنني من قبل كنت أكرهه وأردت
أن أجهض نفسي قبل أن يعلم أحد بحملي ولولا نصيحة ميار بالإبقاء على الحمل ما كانت
الأمور ستنصلح بيننا، احترم ميار كثيرا لأنها السبب في سعادته والسبب في أبوته،
وأراد تعويضي عما سببه لي من ألم، ولكنه استغرب نفسه، كيف لم يوبخنِ ويرجعنِ لدار
والدي لما سمعه من كلمات الكره ورغبة في الإجهاض، لو كانت امرأة أخرى لطلقها دون
رجوع، ولكنه أراد تعويضي، وعلم أنه الحب الذي داعب قلبه واستقر فيه، وأقسم على
العكوف على راحتي.
مرت الأيام ووجد حمدي الاهتمام الذي تبديه ميار له، والتقط الخيط،
وبعد أن أنهت فترة علاجها، وتأكد حمدي من شفائها وقدرتها على الاختيار السليم طلب
مقابلتها:
حمدي: كيف حالك يا ميار؟
ميار: الحمد لله بخير، ولكن ما يزعجني
هو استمراري في العلاج خاصة بعد أن قلت لي أني شفيت
حمدي: هل هو متعب لتلك الدرجة؟
ميار: إطلاقا، ولكنه إحساس أني ملزمة
بتناوله كل يوم شعور مزعج بالنسبة لي
حمدي: حسنا، كنت أود أن أتحدث معك في
موضوع هام
ميار: خيرا؟
حمدي: أنا أحبك يا ميار منذ أول يوم
رأيتك فيه في النادي مع علياء وهيثم، وكنت أخاف أن أتحدث معك في هذا الموضوع خوفا
من ردة فعلك وبعد بدء العلاج خوفا من قبولك لمجرد العرفان بالجميل أو أن أخسرك
للأبد، وأريد الزواج بك
ميار: لا أدري ماذا أقول لك، أنا لا
أنكر أني أيضا أحبك، ولكني خائفة، أنت تعلم خوفي من الرجال والتجربة التي مررت بها
مع عماد، إني أخاف من الارتباط، أخاف من كل الرجال، فكيف سأقبل بارتباط جديد
حمدي: إذا لم تقولِ ذلك كنت لأظنك
لازلتِ في حاجة للعلاج، سنأخذ هذا الموضوع على عدة خطوات، أولها أن نتعرف على
بعضنا البعض، ولن نأخذ أية خطوات جدية حتى تشعري بقدرتك على اتخاذ هذه الخطوة،
لسنا في عجلة من أمرنا خذي وقتك في التفكير واتركي لمشاعرك العنان لتخرج للعلن،
ولن نتزوج حتى تأخذي بنفسك هذا القرار، أعي أن تجربتك السابقة في الزواج كانت
قاسية ولكن ما تعرضتِ له استثناء وليس القاعدة
ميار: انا فعلا خائفة وفي حيرة من
أمري ما بين شعوري بقربي منك وخوفي من ارتباطنا
حمدي: لا تخافي يا ميار نحن لسنا في
عجلة من أمرنا، ما رأيك في نعلن خطوبتنا الآن والزواج يأتي وقت شعورك بالقدرة على
اتخاذ ذلك القرار
ميار: أوافق على ذلك، نعم الرأي
حمدي: إذن لنشتري دبل الخطوبة وتكون
الخطبة يوم الخميس القادم بإذن الله، ولكن لي رجاء عندك
ميار: ما هو؟
حمدي: أن تحضر والدتك الخطوبة
ميار: لن توافق
حمدي: لماذا؟
ميار: لأنها هي وعمي اعتبروا أني مت
منذ تزوجت هي من عمي بعد انتهاء عدتها بعد وفاة والدي
حمدي: سنحاول
ميار: لن أعود لهم مرة أخرى، فأنا لا
أعرف كيف سأتعامل مع عماد فأنت تعرف كل شيء
حمدي: حسنا، سأقوم بمحاولة دون وجودك
وأتقدم لخطبتك منهم
ميار: كما تريد
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق