عندما تركت زينات فارسًا وهي ثائرة كان فارس هو الآخر يشعر بالضيق
والغضب، ضيقه مما فعلته زينات من نشرها خبر مرض ولاء وتركها له في الكوفي شوب، وغضبه
من الأفكار التي توالت على رأسه، ودون أن يشعر قارن بين تصرفات ولاء وزينات، وكانت
نتيجة المقارنة لصالح ولاء التي لم تحرجه يومًا أو يعلو صوتها عليه.
بعدما طلب فارس يد زينات للزواج علم جميع العاملين بالمصلحة أنه خطب
زينات، كان ذلك مفاجأة له، كأنه لم يتوقع أن يعرف زملاؤه خبر خطبته لزينات، ولكنه
لم يفكر في ذلك قط، وكأنه قد نسى وجود ولاء معه في العمل وحبه لها، لم يعرف كيف
سيتصرف مع ولاء ولكن رغبته في الاستقرار مع زوجة جعلته يستمر في خطته للزواج من
زينات، وفي النهاية سيعلم الجميع بزواجه فلن يكون سرًا.
ظل في الكوفي شوب وطلب فنجانًا من القهوة ليراجع ما مر به خلال
الفترة السابقة، وفي خضم ذلك تذكر أنه حتى الآن لم يبحث عن أوراق ولاء أو يفتش في
حاسوبها عن أية ملفات مخبأة ليساعدها على التعافي، وكأنه قد نسى وجودها في حياته، قرر
أن يبحث عن المعلومات التي طلبها الطبيب منه وأن يبحث عن المدارس التي درست بها
ولاء ودار الأيتام التي تربت بها.
وجد فارس نفسه غير قادر على التفكير لذا طلب أخته هويدا ليتحدث معها.
فارس: السلام عليكم ورحمة الله وبركاته،
ازيك يا هويدا عاملة إيه؟
هويدا: وعليكم السلام ورحمة الله
وبركاته، الحمد لله يا خويا في نعمة من ربنا.
فارس: إنتِ فاضية آجي أتكلم معاكِ شوية
ولا وراكِ حاجة؟
هويدا: لا يا حبيبي أنا فاضية مستنياك
تشرفني في أي وقت.
فارس: خلاص أنا جايلك دلوقتي مسافة
السكة.
هويدا: في انتظارك، ما تتأخرش.
فارس: حاضر، السلام عليكم ورحمة الله
وبركاته.
هويدا: وعليكم السلام ورحمة الله
وبركاته.
ذهب فارس لأخته ليتكلم معها ويفكر بصوتٍ عالٍ، لقد ارتبك ولم يعد
قادرًا على التفكير، يعلم أن هويدا ستقف مع الحق أينما كان لذا أراد أن يفضفض معها
ويطلعها على ما يعتمل في صدره.
في شقة
هويدا..
هويدا: ازيك يا فارس، مالك يا حبيبي؟
فارس: تعبان ومخنوق قوي محتاج أتكلم مع
حد هو وليد جاي إمتى؟
هويدا: وليد في الشغل وهيتأخر النهاردة.
فارس: والبنات فين أُمَّال؟
هويدا: جم من المدرسة اتغدوا و هيناموا
ساعة كده وبعدين يصحوا عشان المذاكرة.
فارس: ربنا يوفقهم ويوفقك معاهم.
هويدا: آمين يا رب، مالك يا حبيبي فيك
إيه؟
فارس: زينات يا هويدا.
هويدا: مالها خير؟
فارس: تخيلي نشرت في الشغل كله إن ولاء
في مستشفى للمجانين، واضطريت إن الناس تعرف إنها بتتعالج في مستشفى للأمراض
النفسية ولفيت أجيب تقارير طبية تثبت أهليتها وقدرتها على العمل.
هويدا: يا ساتر يا رب، طيب هي عملت كده
ليه، دي يبان عليها طيبة، خصوصًا لما وافقت إنها تعيش مع ولاء في نفس الشقة، رغم
إني نبهتك إن ولاء موافقتش على كده وإنك سلبت منها حقها في الموافقة اللي اديته
لزينات، إنت عارف إننا واقفنا على زواجك لأنه حقك خصوصًا إن ولاء مرضها هيطول
وبقالها دلوقتي فوق الشهرين في المصحة بدون أي تحسن، بس برضه مش معناه إنك تجبرها
تعيش مع ضرة في الشقة.
فارس: غصب عني مش قادر أبعد عن ولاء
لحظة بس برضه تعبت من الوحدة وأديكي شوفتي أمك عملت إيه، مفيش حد ما عرفش إن ولاء
مجنونة، غُلبت أقولهم ولاء مريضة نفسية مش عقلية بس للأسف ده اللي حصل، وأمك ما
صدقت إني هتجوز وفرحت إن ضرة ولاء معاها في الشقة، أنا تعبت يا هويدا.
هويدا: بص يا فارس حق ربنا إن تفصلهم كل
واحدة في شقتها، ولو ولاء بعد ما تخرج محتاجة تواجد مستمر منك تستأذن زينات أو
تجيب ممرضة لولاء في وقت وجودك مع زينات.
فارس: انا أصلًا بفكر أسيب زينات، دي
محفظتش سري اطمنلها ازاي مش عارف؟
هويدا: دي حاجة إنت وحدك اللي تقدر تقرر
فيها يا فارس، استخير ربنا كده وشوف هيحصل إيه، إنت آخر مرة روحت للدكتور اللي
بيعالج ولاء إمتى؟
فارس: من أكتر من شهر تقريبًا، تصدقي
إني حتى نسيت اللي طلبه مني ونسيت اسأل على ولاء.
هويدا: فارس أنا مش عارفة سبب طلاقك
لولاء، مش مقتنعة بإنك طلقتها عشان ماما لأنك عارف ماما بتعاملها ازاي، لكن اللي
أقدر أقولهولك إنك طالما رجعتها يبقى ليها عندك حق ولازم تراعيها، دا حقها عليك.
فارس: مخنوق يا هويدا وتعبان قوي.
هويدا: فارس يا حبيبي طول عمرك راجل
وتقف مع الغريب قبل القريب في شدته، ودي مراتك وملهاش حد غيرك إنت أهلها وكل ما ليها
في الدنيا راجع نفسك وشوف احتياجات مراتك إيه؟ وبخصوص زينات استخير إذا كنت تكمل
معاها ولا لأ.
فارس: طيب أسيبك بقى وأروح البيت
استريح شوية.
هويدا: لأ استنى البنات تصحى ووليد يجي
من شغله.
فارس: مش قادر يا هويدا سامحيني عايز
اقعد مع نفسي شوية، كلامك فوقني ونبهني لحاجات مكنتش واخد بالي منها بس بالله
عليكِ بلاش حد يعرف إني ممكن أسيب زينات.
هويدا: عيب عليك أنا من إمتى طلعت كلام
حصل بينا، فوق كده لو عايز مني أي حاجة أنا معاك وفي ضهرك.
احتضن فارس أخته وودعها وكأنها قالت له ما يريد أن يُذكر به نفسه، خرج
من بيتها وقادته قدماه إلى المكان الذي تحبه ولاء، الكورنيش ورؤية النيل والمشي
هناك، مازال الصراع في نفس فارس فيما وجده في حساب ولاء على الفيس، قرر أن يفتش في
حاسب ولاء، في الشقة؛ ليجد أي معلومات تساعده في شفاء ولاء.
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق