الثلاثاء، 16 فبراير 2021

الفصل التاسع عشر

 


مقهى على النيل..

زينات: ازيك يا فارس عامل ايه؟ خير، طلبت تقابلني؟

فارس: ليه عملتي كده يا زينات؟

زينات: طيب قولي ازيك الأول، عملت إيه؟

فارس: ليه فضحتي ولاء؟ ليه عملتي كدا؟

زينات: آه، إنت طلبتني عشان كده.

فارس: طبعًا، أنا اتفاجئت بإن كل الناس في الشغل عرفت إن ولاء في مستشفى للأمراض العقلية، إنتِ مش بس عرفتيهم هي فين إنتِ كمان شوهتي الحقيقة.

زينات: مش إنت اللي قلتلي إنها في مستشفى المجانين.

فارس بانفعال: أنا قلتلك مستشفى المجانين؟ يا شيخة حرام عليكِ.

زينات: أستاذ فارس صوتك عالي، إنت قلت إنها في المستشفى وإنك عايز تتجوزني لأنها مش هتخف يعني مجنونة، عمومًا انا آسفة عن إذنك.

تركت زينات فارسًا في حيرته، ولكنها ما إن ابتعدت عنه حتى بدأت الدموع تلمع في عينيها حاولت أن تتماسك حتى وصلت لبيتها ودخلت غرفتها وتركت لعينيها العنان لتفيض بالدموع التي حبستها منذ لقائها مع فارس، وبدأت تعيد حساباتها مرة أخرى في طلب فارس الارتباط بها، كان ذلك منذ حوالي شهرين عندما صارحها فارس بأنه يريد أن يتزوجها لمرض ولاء النفسي وعدم تعافيها.

زينات مطلقة شابة، محجبة، خمرية اللون متوسطة الطول، بدينة بعض الشيء، عندما تراها تجزم أنها مصرية، حصلت على بكالوريوس التجارة، وانتظرت فترة طويلة حتى قدمت على وظيفتها الحالية في الحسابات في المصلحة التي تعمل فيها حاليًا، كانت قد تزوجت قبل عملها مباشرةً من ابن عمتها زيجة استمرت تسعة أعوام أثمرت عن حنين  -التي تبلغ الآن ثلاث سنوات.

تبحث زينات عن زوج يقيها شر نظرات المجتمع لها على أنها غانية تبحث عن علاقة مع الرجال، طُلقت من حوالي عام، وبعد طلاقها وجدت معظم الرجال تنصب حولها الشباك لعلاقة بلا زواج، ومثل أي سيدة محترمة رفضت الدخول في هذه الشباك وظلت تبحث عمن يصلح زوجًا لها، وكان فارس هو فارس أحلام أي فتاة أو سيدة، عندما فتح فارس أمامها الطريق وأعطاها الأمل بالزواج منها، كانت تتمنى على الله أن تتم هذه الزيجة وكانت تحث فارسًا على المُضي قدمًا بالحديث عن سرعتها في الإنجاب وأنها تحب الأطفال وتريد إنجاب المزيد منهم.

كانت تجاري فارسًا في رغبته أن تظل ولاء زوجة له وأن تكون هي الزوجة الثانية، تظاهرت بالموافقة، خاصة أن فارسًا صارحها بأنها ستعيش مع ولاء في نفس الشقة، انتشر خبر خطبة فارس لها في المصلحة، وظلت تفكر كيف تجعل ولاء تطلب الطلاق من فارس وبعد مصارحة فارس لها بمرض ولاء وجدت الفرصة سانحة أمامها في نشر خبر مرض ولاء في المصلحة، حتى إذا عادت ولاء للعمل، تجد فضيحة تسبب فيها فارس فتطلب الطلاق وتُصر عليه.

لم تتخيل زينات نهائيًا أن فارسًا سيثور هذه الثورة عندما يعلم زملاؤه بمرض ولاء، ولكنها خافت من سحب فارس طلبه الزواج منها بعد ما فعلته، وكذا رفضه طلاق زوجته الأولى، لم تستطع زينات التفكير وشعرت بصداع رهيب نتيجة الأفكار والمخاوف التي سيطرت عليها، فقررت أن تُشغل القرآن لتهدأ ودخلت المطبخ لتُعد بعض الحلوى لشعورها برغبة شديدة في تناول الحلويات.

ترغب زينات في الزواج لتشعر بحريتها التي سُلبت منها فقط لكونها مطلقة، رغم احتفاظها بشقة الزوجية لكونها حاضنة، منعتها والدتها وأخواها من البقاء وحيدة مع ابنتها في شقتها حتى لا تكون فرصة لكلام الناس عنها بالسوء، فكانت تعيش مع والدتها فترة في شقة والدتها وفترة أخرى تأتي والدتها لتعيش معها في شقتها.

كان إحساسها بالظلم والقهر الواقع عليها بسبب واقع ليس لها فيه يد، أن تكون امرأة مطلقة في مجتمع لا يرحم من هي في ظروفها، لا صديقة تفتح لها المجال لزيارتها في المنزل خوفًا من أن تخطف زينات زوجها، ولا أحد يساعدها أن تتعايش مع واقعها الجديد الذي فُرض عليها.

لقد طلقها زوجها السابق لأنه تعرف على أخرى وأحبها، صارح زينات بأنه سيتزوج عليها وأنه يحب زميلته في العمل وسيتزوجها وافقت زينات أم أبت، رفضت أن تكون زوجة ثانية في حياة زوجها الذي تزوجها وفقًا للعادات والتقاليد، فهي ابنة عمه ولا يجوز أن تتزوج من خارج العائلة، أما زوجها فهو رجل ولا فارق أن يتزوج من خارج العائلة، لم تجد من يقف في صفها عندما طلبت الطلاق، الكل -حتى والدتها- لامها على طلب الطلاق فهي أول من يفعل ذلك في العائلة.

ولذلك كان فرض الحصار عليها وعلى تصرفاتها وخروجها ودخولها، ولكونها مطلقة لم تمانع والدتها أو يمانع أخواها في زواجها من خارج العائلة، كان الأهم هو أن تتزوج ليكون هناك آخر يراقبها وتكون مسئولة منه، حتى هي تفاجأت من تفكيرها وموافقتها أن تكون زوجة ثانية وتفعل في ولاء ما فعلته أخرى معها، بل وهي تفكر في تطليق الأخرى لتكون وحدها الزوجة الوحيدة في حياة فارس، إلا أنها أيقنت بعد ثورة فارس أنها لن تحظى به وحدها، بل ستكون الثانية دائمًا في حياته وستظل ولاء هي رقم واحد في حياة فارس، وخافت إن فسخت خطبتها من فارس من كلام الناس عليها ومما سيحدث من عائلتها، فاحتضنت وسادتها وظلت تبكي حالها وتلعن الظروف والعادات التي وضعتها في ذلك الموقف.


ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق

الفصل الثالث والأربعون الأخير

  قرر اخوة علاء عدم زيارته مرة أخرى وغلق باب القرابة أمامهما، لم يفهم علاء السبب وكذا ميساء ولكنهما لم يحزنا كثيرا لأن هناك خبرا آخر جعل علا...