الأربعاء، 17 فبراير 2021

الفصل الثاني والعشرون

 

بعد مغادرة رقية لولاء لأول مرة نامت ولاء بلا صراخ ولا أحلام مزعجة، سألت عن التسجيل الخاص بالأيام السابقة ووجدت ولاء تتكلم بحزم مع الجميع طالبة منهم مغادرتها لأنها تريد أن تنام وبالفعل نامت ولاء، دخلت رقية لولاء بعد الاستماع للتسجيلات الخاصة باليوم السابق للتحدث معها.

رقية: أخبارك إيه النهارده يا مدام ولاء؟

ولاء: تمام الحمد لله، نمت كويس.

رقية: كويس كان بقالك كتير مش بتنامي براحة، دي حاجة كويسة إنك قدرتي تنامي ممكن بقى تحكيلي عملتي إيه عشان تعرفي تنامي كده؟

ولاء: زعقت لهم وطلبت منهم يسيبوني انام وفعلا سابوني

رقية: ممتاز، وأخبار كلامهم معاكِ إيه عشان تروحيلهم؟

ولاء: محدش اتكلم معايا تاني.

رقية: طيب كويس يعني سمعوا كلامك وقدرتي تتحكمي فيهم وتسيطري عليهم.

ولاء: آه مكنتش عارفة إني أقدر أعمل ده كنت استريحت من زمان.

رقية: طيب إيه رأيك تكلميني عنهم شوية؛ عن فارس، والدتك، إيمان، داوود، نبيل.

ولاء: عايزة أحكيلك عن مين الأول؟

رقية: اللي يخطر على بالك.

ولاء: إيمان وداوود كانوا زمايلي في الملجأ وفضلت صداقتنا لغاية لما اتخرجت أنا وداوود من الجامعة وانقطعت صلتنا بإيمان بعد لما اتقبض عليها.

رقية: اتقبض عليها ليه؟

ولاء: كانت شغالة في محل كوافير بس سمعته مش كويسة وبعدها اتقبض عليها مع اللي في المحل كلهم في قضية آداب، وبسببها اتقطعت صلتنا معاها.

رقية: إنتِ فاكرة اسم دار الأيتام اللي كنتِ فيها؟

ولاء: أيوه طبعًا اسمها "دار الندى" ودي كانت لغاية لما خلصنا احنا التلاتة المرحلة الابتدائية، بعد كده داوود راح "دار الطفل" عشان هي للذكور بس وأنا وإيمان رحنا "دار زهرة الوادي" ودي كانت للبنات بس، هو أنا هفضل متكتفة كده؟

رقية: لو استمريتي في هدوئك ونومك كويس هتروحي أوضة عادية وأنا واثقة إنك قوية وهتقدري تسيطري عليهم، ولما يطلبوا منك تموتي زعقي فيهم واسأليهم هل هما متأكدين إنك هتروحي معاهم وألاعايزين يإذوكي وبس، فكري في كلامي وإن شاء الله تروحي أوضة عادية وتنزلي جنينة المستشفى على فكرة دي ممتازة وهتريح أعصابك كتير.

ولاء: حاضر، ممكن أشرب، حاسَّة إني عطشانة والمحلول مش عامل أي حاجة.

رقية: حاضر وهبعتلك أكل كمان وهنشيل المحاليل خالص.

ولاء: حضرتك بتتكلمي جد؟

رقية: طبعًا يا مدام ولاء، إنتِ بدأتِ مرحلة التحسن وده كويس هعدي عليكِ بكرة اطمن عليكِ ونحكي أكتر عن إيمان وداوود.

ولاء: ممكن تقعدي معايا شوية كمان؟

رقية: طبعًا لو عايزة تتكلمي أنا معاكِ بس مش عايزة الكلام يكون عبء عليكِ إيه رأيك ترتاحي شوية كده دلوقتي وقبل ما أروح هعدي عليكِ اتفقنا؟

ولاء: اتفقنا

بعد خروج رقية من غرفة ولاء ذهبت لدكتور عصام تستأذنه في خروج ولاء للحديقة معها في آخر اليوم لتترك لها العنان للحديث، وبالفعل وافق د.عصام لها على ذلك لِما رآه من تحسن ملحوظ في حالة ولاء، وطلب منها د.عصام البحث عن الدار التي ذكرتها ولاء ومقابلة المسئولين عن الدار لسؤالهم عن ولاء وحالتها النفسية والذهنية خلال فترة إقامتها في الدار.

أوفت رقية بوعدها مع ولاء وذهبت لها قبل انصرافها وطلبت من الممرضة فك قيود ولاء لتخرج معها لحديقة المستشفى، سعدت ولاء جدا بفك قيودها وبمجرد فكها ضمت كلتا يديها مع بعضهما للتأكد من أنها تحررت أخيرًا من قيودها.

ولاء باستغراب غير مصدقة أنها بالفعل حرة بلا قيود، بل وستخرج لترى السماء مرة أخرى: أنا فعلًا هنزل معاكِ ونتمشى فعلًا!!

رقية: أيوه وكمان هنشرب أي حاجة نفسك فيها.

ولاء: متشكرة جدا ليكِ يا دكتور.

رقية موجهة حديثها للمرضة: مدام هالة خليكِ قريبة ومن النهاردة مفيش محاليل تتركب تاني لمدام ولاء هتاكل عادي مع المجموعة في مواعيد الأكل.

الممرضة: حاضر يا دكتور يا ريت حضرتك تكتبي ده في الملف عشان الممرضة النبطشية تعرف.

رقية: حاضر بعد ما أخلص مع ولاء اديني الملف بتاعها أكتبلك التعليمات الجديدة الخاصة بيها.

الممرضة: حاضر يا دكتور.

رقية: ياللا يا مدام ولاء، إيه رأيك لو قلت لك ولاء وإنتِ تقوليلي رقية من غير ألقاب.

ولاء: حاضر.

نزلت ولاء مع رقية والممرضة لحديقة المستشفى كان الوقت في الرابعة مساءً وقد بدأ الشتاء في فرض سيطرته وإجبار الشمس على المغيب كان الوقت يبعث على الاكتئاب والأمل في نفس الوقت نظرت ولاء للسماء وكأنها أول مرة تراها وسالت بعض العبرات على وجنتيها، لاحظت رقية العبرات التي نزلت على وجنتيها فقررت أن تترك ولاء بحريتها ولا تشعرها أنها لاحظت دموعها وتوجهت إليها بالحديث.

رقية: إيه رأيك يا ولاء تحبي نقعد هنا وألا نتمشى شوية؟

ولاء وهي تمسح دموعها حتى لا تلاحظها رقية: خلينا نتمشى شوية.

رقية: براحتك، إيه رأيك تكلميني عنك شوية؟

ولاء: أنا كبرت لقيت نفسي في دار الأيتام كانت إيمان معايا في نفس العنبر بيقولوا في الدار إنها أكبر مني بحوالي شهرين كبرتْ وكبرتْ معايا وفضلنا دايمًا مع بعض في نفس العنبر وحتى لما دخلنا المدرسة دخلنا سوا، وكان معانا في الدار داوود بس هو جه وعمره خمس سنين بعد وفاة والديه عمه جابه دار الأيتام لأنه مش قادر يصرف عليه، المهم اتعرفنا على داوود كان دايمًا بيضحك ببراءة رغم إنه وجد نفسه بلا سابق إنذار في دار للأيتام من غير أي حد من أهله، فضلنا مع بعض احنا التلاتة وعزز ده إننا دخلنا نفس المدرسة ونفس الفصل الدراسي كان ده بيقربنا من بعض باستمرار مذاكرتنا خروجنا ودخولنا وحتى وجعنا.

لم تتمالك ولاء نفسها من البكاء فنظرت لها رقية نظرة من يواسيها وقالت لها: ولاء تحبي نكمل وألا كفاية النهاردة؟

ولاء: يا ريت أنا تعبت.

رقية: براحتك، افتكري يا ولاء إنك تقدري تسيطري عليهم وتنفذي اللي إنتِ عايزاه إنتِ أقوى منهم ولو حد زعق معاكِ أو حاول يأذيكي خليكِ عارفة إنه مش هيقدر وإنتِ الأقوى لازم تعرفي إنك الأقوى منهم كلهم، هعدي عليكِ بكرة إن شاء الله الصبح وبعد العصر نقعد مع بعض نكمل كلامنا.


ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق

الفصل الثالث والأربعون الأخير

  قرر اخوة علاء عدم زيارته مرة أخرى وغلق باب القرابة أمامهما، لم يفهم علاء السبب وكذا ميساء ولكنهما لم يحزنا كثيرا لأن هناك خبرا آخر جعل علا...