ظهرت الصحافة الصفراء
بين أواسط الناس ولاقت رواجاً ملفتاً للنظر ، وردد أخبارها الكثيرين وخاصة إذا ما أظهرت
فساداً حكومياً او فضائح مالية او جنسية وعانت الحكومات أياً كانت مواقعها في تعاملها
مع هذا النوع من الصحف فتجاوزت بعضها حدود القوانين واغتيال الشخصية والمعايير الإنسانية
وتردد مصطلح الصحافة الصفراء على لسان بعض السياسيين أو رجال المال والأعمال أو الفنانين
أو الرياضيين أو حتى بعض العاملين في الوسط الصحفي وغيرھم من الشخصيات البارزة أو المعروفة
في أي مجتمع كان. قد يقصد البعض بذلك صحافة الإثارة أيا كانت الإثارة سياسية أو اجتماعية
أو جنسية، وقد يقصد البعض الآخر مفهوم تضخيم الحدث والمبالغة في سرده. و أيا كانت المفاهيم
فأن مجمل القراء يجمعون على أهمية هذا النوع من الصحافة وتأثيره على شريحة كبيرة من
الجماهير المستهدفة .
اختلف المفكرين والإعلاميين على تعريف جامع شامل للصحافة الصفراء
وتعددت التعاريف فمنهم من يقول بأنها صحافة الإثارة والفضائح , وساعد على نشوئها
الناشر والصحفي "وليم راندولف هيرست"، وقد كانت له في كل ناحية من نواحي
الولايات المتحدة الأمريكية صحيفة أو مجلة انتهج في نشر الأخبار نهجاً مثيراً،
فأظهر الفضائح والجرائم مما ساعد على نشوء الصحافة الصفراء.
وسميت صحف النميمة بالصحافة الصفراء [وكانت
صحف من الحجم التابلويد – نصف طول صفحة الجريدة العادية- وكان اسمها منذ نشأتها 'Tabloid Magazines'
اي المجلات الخاصة بالنميمة- وهو ما عرف بعد ذلك باسم الصحافة الصفراء] وذلك نسبة إلى نوع الورق الرخيص الذي كانت
تنشر عليه.
وكانت أول صحف صفراء
على مستوى الولايات المتحدة الأمريكية هي " Broadway Brevities and Society Gossip
"، التي انطلقت في نيويورك في عام 1916 وحررها "ستيفن كلو" –كندي الجنسية. وغطت
"
Broadway Brevities " أخبار المجتمع الراقي ومشاهير المسرح العالمي في نيويورك.
وكانت أكثر الصحف الصفراء مبيعا " National
Enquirer" ثم
الأقل توجها نحو الفضائح مثل "People and Us" وشمل تاريخ الصحف الصفراء بعض الصحف الجنسية الصريحة مثل "Hollywood Star" في 1970، ثم وصل عدد هذه الصحف لما
يقارب 400 صحيفة في أكشاك بيع الصحف.
وازدهر هذا النوع
من الصحافة في أمريكا الشمالية في الخمسينات وبدايات الستنيات، فكان عنوان
"سري للغاية" وحده يزيد من التوزيع للصحيفة ما يزيد شهريا على عشرة ملايين،
مع وجود العديد من المنافسين الصحف مثل "Whisper, Dare, Suppressed, The Lowdown,
Hush-Hush, and Uncensored".
وكان محتوى هذه الصحف أكثر توهجا وإثارة من أعمدة النميمة في الصحف المعروفة في
ذلك الوقت، ومن أمثلة هذا المحتوى حكايات الشذوذ الجنسي وتعاطي المخدرات غير المشروع
للمشاهير.
أما في العالم العربي فان مصطلح الصحافة الصفراء اقتحم قاموس الصحافة
العربية في العقد الأخير من القرن الماضي بعد السماح بإصدار صحف بتراخيص أجنبية،
وشكلت تلك الصحف ظاهرةً صحافية جديدة، وأثارت جدلا واسعا في المجتمع العربي، سواء
على مستوى سياساتها التحريرية او لغتها الصحفية أو سقف حريتها فيما تتناوله من
موضوعات. وتختلف الصحافة الصفراء في الوطن العربي عن
نظيرتها على مستوى العالم أنها في الوطن العربي تختلق الفضائح وتركز على الإثارة
الجنسية ولا تعتمد على الحقائق أماعلى مستوى العالم فهذا النوع لا يختلق أخبارا بل
يسعى وراء الأخبار المثيرة وراء المشاهير والشخصيات العامة.
ومن أشهر الصحف الصفراء على مستوى العالم
"Us Weekly"
في الولايات المتحدة الأمريكية، "Hello!" في
المملكة المتحدة، و"Gente
and Chi" في
ايطاليا، و"Actustar
and Voici" في
فرنسا، و"Bunte"
في ألمانيا، وأخيرا "EastTouch"
في هونج كونج.
وبالرغم من الأغلبية لا يختلفون حول كون الصحافة الصفراء تافهة و
رديئة، ولكن مع ذلك ومنذ ظهورها فهي تلقى انتشارا واسعا و قبولا كبيرا، تعتبر
الصحافة الصفراء الضلع الثاني لمثلث الصحافة بجانب الصحافة السوداء، أي الصحف
الحكومية التي لا ھم لها إلا الإشادة بكل ما يصدر عن الحاكم ، والضلع الثالث ھي
(الصحافة البيضاء) وھى صحف المعارضة المستأنسة التي يوافق النظام على إصدارھا،
وتسمى بالصحافة البيضاء.
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق