الأربعاء، 17 فبراير 2021

الفصل السادس والعشرون والأخير

 

قبل خروج ولاء بأسبوع من المستشفى أخبرتها رقية أن فارس طلقها أثناء وجودها في المستشفى وطلبت منها أن تفكر في حياتها وتَمضي بها قدمًا، انهارت ولاء ففارس كان هو الصدر الحنون لها، هو العالم بالنسبة إليها، لم تعرف كيف ستواجه العالم دون وجوده في حياتها وفقدت وعيها.

كان عليها أن تتعلم كيف تواجه الحياة وحدها وأن تكون سند نفسها، قد كُتب عليها أن تكون وحيدة، توقعت رقية أن تقدم ولاء على الانتحار مرة أخرى أو أن تنتكس إلا أنها تعافت وأصرت على مواجهة عالمها، لن تكون لقمة سائغة في فم الصيادين ولن تترك الفرصة لأحد كي يتحكم بها، أخيرًا قررت ولاء الخروج من الشرنقة التي حبست نفسها فيها، وأخيرًا انتهت زيارات الكابوس لها، لقد فهمت سبب الكابوس، لم يكن كابوسًا إنما كان الواقع الذي تخشى أن تواجهه، كانت ترى نفسها في دار الأيتام وحيدة تفكر في الموت وتحاول الموت وتستيقظ وهي تحاول أن تقتل نفسها، كان الكابوس يتكرر بعدد محاولاتها الانتحار.

أخيرًا خرجت ولاء من المستشفى وطلبت من فارس أن تأخذ حاجياتها من المنزل وأخبرها أنه أجر لها منزلًا جديدًا وأن نفقتها ستصل لها شهريًا بما يرضي الله تعالى وأعطاها مؤخر صداقها، وبدأت ولاء في حياتها من جديد تواجه الحياة الحقيقية لأول مرة في حياتها دون هلاوس وتهيؤات تواجه الحياة وهي صلبة قادرة على الوقوف أمام الصعاب.

أخبرتها رقية بضرورة الاستمرار في العلاج حتى لا تعود لسابق عهدها، أعطتها رقم هاتفها الشخصي، اقتنعت ولاء بضرورة استمرار علاجها واحتفظت برقم رقية، وحفظت الأدوية التي عليها تناولها ومواعيدها وكتبتها في جدول وعلقته في كل مكان بالشقة حتى لا تنسى.

بعد خروج ولاء من المستشفى حصلت رقية على إجازة للزواج من فريد ابن عمها، الذي أوفى بعهده لها، بل وفتح لها عيادة خاصة لكي تمارس فيها تخصصها رغم معارضة الجميع ذلك، إلا أن فريد كانت شخصيته قوية ولم يستطع أحد فرض رأيه عليه، ففي النهاية رقية زوجته وهو الرجل المسئول عنها.

عندما ذهبت للإدارة التي تعمل بها فوجئت بعلمهم بكل تفاصيل حياتها وتربيتها في دار الأيتام، إلى جانب الشائعات عن علاقتها المحرمة مع شخص آخر غير زوجها، لم تتحمل نظرات الشك والريبة في عيون زملائها، كما لم تتحمل نظرات الرغبة فيها من كل من ظن أنها صيد سهل سائغ، لم تستطع أن تستمر في عملها وزينات معها في نفس المكان، خاصة بعد أن علمت أن زينات سبب علم الجميع بمرضها النفسي، طلبت نقلها من الإدارة التي كانت بها وأرادت أن تنتقل إلى الإسكندرية لتبدأ حياتها هناك، وأخبرت فارس برغبتها في السفر من القاهرة نهائيًا فأجر لها شقة هناك وساعدها على نقل الأثاث لشقتها الجديدة.

كانت تعلم أنها لابد أن تتناول علاجها ولا تقطعه حتى لا تنتكس مرة أخرى، أحبت البحر كثيرًا، كانت تذهب هناك وتتكلم مع البحر وتشكو إليه ما لاقته في حياتها، كانت تنتقي الأوقات التي يكون الكورنيش فيها خاليًا من المارة لتجلس أمام البحر وتكلمه.

كانت زينات سعيدة مع فارس خاصة أن حنين كانت تقول له بابا وزاد من سعادته أن زينات حملت بعد زواجه منها مباشرة وأنها على وفاق مع والدته وأخواته البنات وهو ما كان يفتقده مع ولاء، رغم اشتياقه لها إلا أنه علم أنه لن يستطيع أن يتحمل تبعات مرضها، لم يفكر في الشفاء أو أي شيء آخر سوى ما يمكن أن يحدث إذا تصرفت بشكل غير لائق أمام الناس، يعلم أنها تخاف الله ولن تخونه ولم تفعل ذلك مسبقًا؛ حيث عرض عليه الطبيب حالة ولاء وأنها بالفعل لم تخنه وأنها كانت تتخيل كل ذلك كما أنها لم تخدعه مطلقًا وبالفعل كانت بكرًا عندما تزوجها.

عندما حملت زينات ذهبت والدته لتكون بجانبها وترعاها، لقد جمعت السعادة لزينات تزوجت وخرجت من سطوة أخويها، واستطاعت كسب قلب فارس وحماتها، وها هي تحمل في أحشائها ولدها من فارس وتدعو الله أن يكون ولدًا ليكون سندًا لها ولابنتها.

كانت زينات تشكر حماتها كلما رأتها عن معروفها معها، وبعد أن أنجبت زينات رزقها الله تعالى ولدين أسماهما فارس عبد الله وعبد الرحمن، فرحت زينات بولديها كثيرًا وكأن الحياة قد ابتسمت أخيرًا لها ظلت معها حماتها حتى أتمت النفاس وكان فارس يعمل عملًا إضافيًا ليستطيع توفير نفقات زينات وأولاده وكذا نفقة ولاء.

عاد في إحدى المرات وسمع زينات وهي تشكر حماتها وتتذكر معها الخطة المحكمة التي تم حوكها ضد ولاء من زينات ووالدته، لم يصدق فارس ما سمعه توًا من حديث زينات ووالدته، لم يتمالك نفسه من الغضب ودخل يضرب في زينات، ووالدته تحاول أن تبعده عنها حتى لا يؤذيها، كان يضربها ويقول لها "أنت من جعلني لا أقوى على النظر في عيون زملائي واضطرني لترك الإدارة التي عملت بها لسنوات عديدة، أنت من جعل الجميع يشمت بي، أنت طالق طالق طالق" لم يكن فارس يعلم أن والدته وزينات اتفقتا على ولاء ولكن لا مجال للندم الآن، فهو لن يستطيع تحمل مرض ولاء ولكنه غضب من زينات وطلقها لأنها غير أمينة، لم تراع الله في نفسها وفيه، لقد كذبت وافترت على ولاء وجعلته حديث زملائه.

شعر فارس أن ما حدث هو عقاب الله له على ما فعله في ولاء وفي تسرعه في طلاقها، تدخلت والدته لتصلح بينه وبين زينات، وكذا تدخل أخوي زينات وكان المدخل أن الأولاد لابد أن يعيشوا وسط أسرة وأن زينات إن أصر على طلاقها منه ستتخلى عن ولديها له، فلن يرغب أحد بالزواج من مطلقة لمرتين ومعها ثلاثة أطفال تدخلت هويدا لصالح زينات، لم يكن لأن زينات على حق ولكن لأن زينات الآن في موقف ضعف وإن كانت قد أخطأت فهو أيضًا أخطأ ولكن إذا أصر على الطلاق فإنه يحكم على أولاده مقدما بالتشتت بين والدتهما ووالدهما.

انصاع فارس لكلام العقل، وسامح زينات على ما كان إلا أنه كان يشعر معها بعدم الأمان والثقة؛ كيف يثق بمن خاضت في شرف أخرى لمجرد أنها أرادت أن تتزوج زوجها، وسأل نفسه كيف يثق هو بنفسه وقد ترك زوجته في وقت حاجتها له.

كان يعلم أن زينات لم تخنه ولم تفعل، وأنها تزوجته لأنها لابد لها أن تتزوج في مجتمع يستضعف النساء الوحيدات، النساء بلا زوج مسئول عنهن، كان يعلم أن طلبها أن تكون الزوجة الوحيدة هو طلب أي زوجة من زوجها، فولاء كان يمكن أن تطلب الطلاق منه بعد زواجه من زينات، طبيعة المرأة التي تحتاج أن تكون هي حياة زوجها ومركز اهتمامه.

أما ولاء فكانت تتناول العلاج كما كتبته لها رقية وتذهب بصفة دورية للعيادة كل فترة كما يُطلب منها، لأول مرة استطاعت ولاء أن تعيش بدون خوف من الماضي، أخيرًا اكتشفت أن أحدًا لم يغتصبها، وأنها شريفة ولم تخن فارس كما كانت تعتقد، وأخيرًا عرفت أن هؤلاء الذين كانت تراهم مجرد أوهام في خيالها وهي من يتحكم بهم إذا كانت قوية سوف تسيطر عليهم وإن ضعفت سيطروا هم عليها، أخيرًا تعافت من كابوسها الملازم لها، أصبحت لا تخاف الناس، لم تعد تُحمل نفسها ذنبًا لم ترتكبه.

واجهت ولاء الناس بحالتها التي كانت تخاف أن يعرفها أحد، هي الآن يتيمة ومريضة نفسية ومطلقة. فيما مضى كانت تخاف أن تواجه العالم، أما الآن وهي ترى أنها أساءت الاختيار وتزوجت من فارس لأنه تخلى عنها وقت حاجتها له، تعلم أن عليها أن تكون قوية في عالم لا يرحم من كان ضعيفًا، لذا كان الحل أن تواجه مخاوفها وأن تعترف أمام نفسها أن الهروب ليس حلًا.

توالت حكايات ولاء للبحر وفي تلك الأثناء كان يراقبها شاب في نهاية العقد الثالث من عمره، فقد حبيبته حديثًا، توفيت إثر حادث سيارة وكان يأتي ليقف يتذكرها في المكان الذي اعتاد أن يكون معها فيه، وهناك وجد ولاء تبث حزنها للبحر، راقبها كان يظهر على ملامحها حزنها وقوتها في آن واحد، لا أحد يجزم أن تلك الواقفة أمام البحر الواثقة من حالها كانت قبل أسابيع قليلة تعلق حياتها على شخص واحد هو فارس ولاحظته ولاء، ولاحظت مراقبته لها، لم يعجبها ذلك الوضع فغيرت المواعيد التي تذهب فيها للشاطىء.

كان البحر يثور ويهدأ من جديد وكأنه يتفاعل مع أحزان الجميع، كأن البحر كُتب عليه أن يحمل آهات العاشقين وآلام المجروحين، ثار البحر كثيرًا في ذلك اليوم وكأن البحر يقول لهم كفى حزنًا وكفى ضعفًا عليكم أن تواجهوا وتتخذوا قرارات حاسمة في حياتكم وصلت رسالته لولاء وقررت أن تأخذ قرارها لن أنهزم بعد الآن، لن أترك حياتي ومصيري في يد أحد أيا كان.

واصلت اجتهادها في عملها وترقت في عملها حتى وصلت لمدير عام، كان لها جار أرمل له طفل واحد ماتت أمه أثناء ولادته، عندما سكنت ولاء الشقة كانت أم الرضيع على قيد الحياة وأحبت ولاء كثيرًا وكانتا تتحدثان سويًا لفترات طويلة، لم تخف منها سميرة على زوجها، لقد تعلمت سميرة كيف تقرأ الخيانة على الوجوه وكان وجه ولاء من الوجوه النادرة التي يظهر عليها الحب والوفاء، كان يأتي عاطف أحيانًا وولاء عندهم في المنزل يسلم عليها وتستأذن هي للذهاب إلى شقتها.

بعد وفاة سميرة أثناء الولادة اضطر عاطف أن يكون وحده مع ولده، سميرة ماتت والدتها وليس لها أخوات إناث وهو أيضًا ليس لديه أخوات أو أم تساعده على تربية الوليد لم يجد عاطف بدًا من اللجوء لولاء، حتى يجد من تراعي الصغير أثناء وجوده في العمل.

أحبت ولاء الطفل كثيرًا، وكانت ترعاه كأنها أمه، لفت ذلك نظر عاطف لها، فقرر أن يرتبط بها حتى يحفظ سمعتها أمام الجيران ويضمن من تحفظ بيته وولده، فهو يثق في رأي سميرة في الناس -الذي لم يخطىء يومًا- فهي قالت له إن ولاء من الشخصيات النادرة الطيبة الوفية.

عوضها زواجها بعاطف كثيرًا عن سنوات المعاناة التي مرت بها، لقد كان طيبًا ودودًا، لم تتخيل يومًا أن يكون شخص في مثل هذه الطيبة، كان يتابع معها علاجها وجلساتها ويرى ولده يكبر أمامه ويقول لولاء يا ماما، كم كان سعيدًا وهو يرى سعادتها على وجهها وهي تسمع منه تلك الكلمة "ماما"، تلك الكلمة التي افتقدتها كثيرًا ولكنها الآن تسمعها وتشعر بها.

شجعتها رقية على متابعة طبيب للنساء لتعرف سبب تأخرها في الإنجاب وشجعتها وشجعت عاطف على ذلك لما له من أثر طيب على علاج ولاء، عملت ولاء بنصيحة رقية وتابعت لدى طبيب مشهور حتى حدث الحمل وأنجبت أحمد وهدى.

تعلمت ولاء من ماضيها أن تربي أبنائها على الحب والقوة، علمتهم جميعًا أن الحب ليس ضعفًا أو استسلامًا، إنما الحب قوة، والحياة تحتاج القوي الذي يستطيع اتخاذ القرار أيًا كانت صعوبته، تعلموا وتخرجوا في الجامعة، وظلت ولاء مواظبة على علاجها، توفى زوجها بعد عشر سنوات من الزواج وأصبحت هي الأم والأب لثلاثة أطفال، وقررت ألا تتزوج مرة أخرى وأن تُفني عمرها في تربية الصغار وقد كان وفرحت كثيرًا بهم.

ومرت الأيام والسنون وكبر الأطفال، علمتهم أن الحياة قرار، الحياة جميلة في جنب الله، أصرت على إنهاء حفظهم للقرآن الكريم والأحاديث النبوية، كُرم أحمد في مسابقة حفظ القرآن الكريم وكذا كُرمت هدى ومحمد ابن زوجها المتوفى.

أخيرًا وصلت ولاء إلى نهاية مشوارها بعد أن غرست القيم والأخلاق في أولادها، علمتهم الحب وكفالة اليتيم والعطاء لمن يستحق، توفيت ولاء بعد صراع مرير مع الأيام تعلمت منه الكثير وأخيرًا ذهبت لأحمد ابنها وذهبت لوالديها، أخيرًا علمت الحقيقة، أننا جميعًا خُلقنا لنُؤدي دورًا محددًا في الحياة وأن الحياة دار ابتلاء وامتحان، أخيرًا الراحة بعد الشقاء وأسلمت روحها لبارئها في سلام.

تمت،،

شيرين مصطفى

الاسكندرية

إبريل 2016


الفصل الخامس والعشرون

 

بعد تفكير واستخارة قرر فارس فسخ خطبته مع زينات، لم تحب والدته ما حدث، لقد رد فارس ولاء لعصمته ورجع في قرار زواجه من زينات، ومن وجهة نظرها قررت أن تقابل زينات لتعرف سبب ذلك، كانت زينات في حالة يرثى بعد أن فسخ فارس خطبته منها حيث انهالت عليها مصائب الدهر لقد توفيت والدتها وأصبحت مجبرة على العيش مع أخيها وزوجته، التي أصبح وجود زينات الدائم معها يقيد حريتها في منزلها، أصبحت عصبية جدًا، عندما اتصلت والدة فارس بها كانت طوق النجاة بالنسبة إليها، وبالفعل ذهبت زينات إليها.

والدة فارس: ازيك يا زينات عاملة إيه؟

زينات: الحمد لله، هعمل إيه؟ عايشة.

والدة فارس: البقاء لله يا حبيبتي عرفت إن والدتك اتوفت.

زينات: ونعم بالله.

والدة فارس: هو إيه اللي حصل خلى فارس فسخ الخطوبة؟

زينات: ليه يا طنط هو مقالش لحضرتك؟

والدة فارس: متقولي على طول يا زينات أنا مش فاضية للتخمين.

زينات: زعل عشان زمايلنا في الشغل عرفوا إن ولاء في مستشفى المجانين.

والدة فارس: هي تربية الملاجئ دي ورايا ورايا، قلت إنه عقل طلقها وهيتجوز.

زينات: بتقولي إيه يا طنط؟ طلق مين؟ ومين تربية الملاجىء؟

والدة فارس: إنتِ مش عارفة إن الموكوسة دي تربية ملاجىء وملهاش أهل وكمان فارس كان طلقها ورجعها لذمته عند فيا أنا وأخواته.

زينات: وإيه اللي رماه الرمية دي؟

والدة فارس: الحب وسنينه، بقولك إيه عايزة فارس يبقى ليكِ لوحدك؟

زينات: نفسي يا طنط.

والدة فارس: اعملي اللي هقوله بالحرف الواحد.

زينات: حضرتك تؤمري.

والدة فارس: هما في الشغل عارفين إن ولاء مجنونة المفروض فاضل نعرفهم كمان إنها تربية شوارع ومالهاش أهل، المهم الكلام يخرج من حد غيرك الإشاعة تطلع بعيد عنك إنتِ وتملا الشغل، كده هي لما تخرج من المستشفى هتضطر تسيب المكان ده خالص وتنتقل لمكان تاني، وفارس كمان هيضطر يبعد عنها ويطلقها عشان إسمه وسمعته، المهم بقى لما الخبر يملا الدنيا الوحيدة اللي تكون بعيدة عن الكلام تبقى إنتِ، وإنتِ الوحيدة اللي تقف جنب فارس وتواسيه يبقى إنتِ اللي دايمًا جنبه، فاهمة وألا أقول كمان؟

زينات وقد تهللت أساريرها: فاهمة طبعًا يا طنط، ربنا يخليكي ليا.

والدة فارس: زينات اوعي فارس يعرف إنك تعرفي حاجة أو إنك جيتي النهاردة.

زينات: حاضر يا طنط.

وبالفعل نفذت زينات الخطة الموضوعة بدقة شديدة ونشرت الإشاعة عن طريق عاملة البوفيه التي تلقت رسالة من رقم مجهول يقول فيها "ولاء لو ما رجعش ليكِ عقلك كل الناس هتعرف إنك تربية شوارع وملكيش أهل، أنا مش فارس عشان استحملك" لم تفكر عاملة البوفيه في كيفية وصول رسالة تخص ولاء لها ولكن الإشاعة خرجت أن ولاء مجنونة وتقيم علاقة محرمة وأنها ليس لها أهل ودارت الشائعة حتى أصبحت سيرة ولاء مركز حديث العمل كله، لم يتمالك فارس نفسه من الغيظ وسيرة زوجته التي يلوكها الجميع.

ابتعدت زينات عن الشائعات كما طلبت والدة فارس منها ولم يفكر أي شخص أن ولاء إذا كانت كما قالوا لن تعطي موبايل عاملة البوفيه لعشيقها، طلب فارس نقله من الإدارة كلها وأعلن للجميع أن ذلك غير صحيح ولكن النار كانت قد اشتعلت، وقامت زينات بدورها الذي رسمته لها والدة فارس وكانت زينات هي أقرب شخص لفارس تربت على كتفه وأوقعته في حبائلها مما جعل فارس يتزوجها بالفعل ودخل بها، ودون سابق إنذار انتهت الشائعات حول ولاء، في تلك الأثناء اتصل المستشفى بفارس الذي كان قد نسى وجود ولاء في حياته مرة أخرى، ولكن ماذا سيقول للطبيب وهو لم يبحث عن أي شيء؛ لذا قرر أن يؤجل الزيارة لمدة أسبوع حتى يستطيع جمع المعلومات التي طلبها الطبيب المعالج.

فتح فارس اللاب الخاص بولاء وفتح الملفات المخفاة في الجهاز ووجد مذكرات ولاء كاملة ظل يقرؤها وهو غير مصدق لما يقرؤه لقد خدعته ولاء منذ زواجها منه، ولو كانت صارحته بما تعرضت لكان تغاضى عن ذلك وستر سرها كما فعل مع سر الملجأ، انتهى فارس من قراءة المذكرات وهو غير مصدق أن هذه هي ولاء زوجته.

طبع فارس المذكرات وذهب بها إلى المستشفى في الموعد المحدد، ودخل لمقابلة د. عصام.

عصام: اتفضل أستاذ فارس، أعرفك د. رقية.

فارس: أهلًا بحضرتك.

عصام: د. رقية هي المشرفة حاليًا على حالة مدام ولاء.

فارس: أنا لقيت مذكرات ولاء وطبعتها وجيبتها، على فكرة أنا اتجوزت وطلقت ولاء.

عصام: أستاذ فارس دي تاني مرة تطلق ولاء من غير ما تديها فرصة تدافع عن نفسها أو تدي نفسك فرصة إنك تفكر.

فارس: لما هتقرأ المذكرات هتعرف كل حاجة.

عصام: ممكن حضرتك تلخص المضمون.

فارس: مراتي خدعتني اتجوزتها على إنها بكر وكانت مش كده وخدعتني ما كانتش صادقة معايا، وكمان عملت صفحة على الفيس عشان تخليني أطلقها مع إنها لو طلبت الطلاق كان أسهل وأحسن لينا احنا الاتنين، حتى بعد ما خرجت من المستشفى خانتني مع داوود زميل الملجأ.

رقية: أستاذ فارس كون حضرتك طلقت ولاء دي حاجة تخصك بس عشان مصلحتها هي مينفعش تعرف ده، هي حكتلي اللي حصل زمان وازاي عملت ده أنا لسه ما أعرفش المذكرات فيها إيه بس فيه تفاصيل لحالة مدام ولاء لازم تعرفها، مدام ولاء مصابة بمرض نفسي اسمه "الاضطراب الوجداني ثنائي القطب" و المرض ده مرض دماغي يتعرض المريض خلاله لتقلبات مزاجية شديدة فبيسبب تقلب غير طبيعي في مزاجه وطاقته ووظايفه وجميع جوانب حياته، وكمان في بعض هذه الفترات يُقبل على أفعال متهورة وتصرفات غير مدروسة وده ممكن يؤدي إن المريض يحاول الانتحار وينهي حياته الاجتماعية ويفشل في عمله.

فارس: أنا مش فاهم أي حاجة.

عصام: المرض ده أعراضه كتير جدًا يعني تظهر حالات الهوس الخفيف زي:

 S  قلة الحاجة للنوم.

 S  زيادة كبيرة في الثقة بالنفس.

 S  كثرة الخطط والأفكار.

 وممكن تظهر أعراض الاكتئاب زي:

S  شعور دائم بالحزن أو الضيق مع هجمات من البكاء.

S  نقص في الطاقة والشعور بالتعب وانحطاط الهمة.

S  الشعور باليأس والتشاؤم.

S  الشعور بالذنب وقلة الأهمية والعجز.

S  فقدان الاهتمام والاستمتاع بالأشياء الممتعة (بما في ذلك الجنس).

S  تفضيل العزلة وعدم الاختلاط مع الناس.

S  وجود أفكار تمني الموت أو الرغبة في الانتحار والخلاص من الدنيا.

S  صعوبة في التركيز والتذكر والتردد في اتخاذ القرار.

S  عصبية زائدة وعدم استقرار وضجر متواصل.

S  اضطراب النوم (صعوبة في النوم أو نوم زائد) مع افتقاد للنشاط بعد النوم.

S  فقدان الشهية مع نقص في الوزن غير مقصود أو غير مخطط له.

وأكمل عصام: المرض ده صعب لأن المريض خلاله ممكن يقوم بتصرفات تضره أو تضر أهله وأصدقاؤه، عشان كده بيحتاج رقابة شديدة بدون علمه، لحمايته من احتمالية إيذاء نفسه أو الآخرين وبيكون الأفضل إنها تتم في المستشفى عشان نقدر نسيطر على المريض من خلال جلسات العلاج النفسي مع العلاج بالعقاقير والأدوية، بعدها بيخرج المريض ويفضل تحت العلاج فترة.

فارس: والحل.

عصام: لازم تخضع لعلاج دوائي ونفسي في المستشفى فترة وبعدها بتخرج وتفضل تحت العلاج لحين التحسن، وبعد التحسن بتخضع لجلسات علاج منتظمة مع العلاج في المنزل لمدة لا تقل عن 6 شهور، ودلوقتي أنا محتاج أعرف حاجات عن علاقتك بولاء.

فارس: زي إيه؟

رقية: أستأذن حضرتك دكتور عصام اتكلموا براحتكم.

عصام: اتفضلي، أستاذ فارس ممكن ترجع معايا بالذاكرة هل العلاقة الحميمة كانت طبيعية وألا إيه؟

فارس محرجًا: مش فاهم بالظبط.

عصام: يعني كانت بتبقى مبسوطة وألا بتسهم بتعيط، بتكون مهتمة وبتطلب لما تتأخر عليها.

فارس بحرج: عمري ما حسيت إنها عايزة العلاقة، وساعات كانت بتتهرب منها في الأول قلت يمكن ده حرج عشان لسه عرسان جداد بعد كده بقى ده الطبيعي معاها وزاد نفورها من العلاقة بعد الخروج من المستشفى وده السبب اللي خلاني أفكر في الجواز لأني حسيت إني أعزب رغم إني متجوز وأنا مليش في الحرام.

عصام: طيب بالنسبة لمصاريف علاج ولاء، بما إنك طلقتها.

فارس: مصاريف علاجها زي ما هي، بس هي شافت إني كنت بعيد عنها، أنا كنت قريب منها وهي اللي بتبعد.

عصام: هي شايفة اللي في تفكيرها إنك اتخليت عنها، وده لأن الستات مش زي الرجالة، الستات بتحتاج دعم عاطفي مضاعف في حالات انهيارها بتحتاج الكلام المباشر زي بحبك، إنتِ اللي ليا، إنتِ أهم حد في حياتي، لكن من وجهة نظرها إنك خرجت تشتغل بعد الظهر عشان مش عايز تقعد معاها وبطلت تحبها وهي لقت الحل في الموت، المشكلة دلوقتي إنها لو عرفت طلاقك ليها وجوازك من غيرها هتبقى نكسة كبيرة ليها وخصوصًا إنك طلقتها مرتين.

فارس: أنا طلقتها من غير ورق المرة دي وممكن أرجعها لعصمتي تاني.

عصام: أستاذ فارس لو رجعتها وطلقتها تاني مش هينفع تردها لعصمتك الحل مش رجوعها أد ما هو إنك تفهم طبيعة المرض بالتحديد، في كتب كتير بتتكلم عن مرض ولاء يا ريت تقرأها وتيجي بعد بكرة عشان هسمح بالزيارة في الوقت ده لو ح تقدر تمسك أعصابك من تصرفات ولاء اللي بتكون مستفزة أحيانًا هنتظر ردك.

فتح فارس الإنترنت وبحث عن المواقع الطبية التي تتحدث عن هذا المرض ووجد هذه الدراسة عن المرض.

"الاضطرابُ ثُنائي القُطب"..

الاضطرابُ ثُنائي القُطب مرضٌ نفسيٌّ خطير، حيث يُعاني المرضى من تبدُّلات مِزاجية غير طبيعية، ينتقل خلالها بين السعادة العارمة والحزن الشديد والاكتئاب، كما يُسمَّى الاضطرابُ ثُنائي القُطب "المرض الهَوَسي الاكتئابي" أيضًا، من الطبيعي أن يعاني الناسُ من بعض تقَلُّبات المِزاج من حين لآخر، لكنَّ تقلُّبات المِزاج عندَ مرضى الاضطراب ثُنائي القُطب تكون أشدَّ كثيرًا ممَّا يحدث عندَ الأشخاص غير المرضى، حين يشعر مرضى الاضطراب ثُنائي القُطب بالسُّرور الشديد وبارتفاع المِزاج، يكونون أكثرَ نشاطًا وفاعلية من المعتاد أيضًا، وهذه الحالةُ تُسمَّى الهَوَس، يُمكن أن يكونَ الهَوَسُ ابتهاجيًا، حيث يشعر المريضُ بحدود قصوى من التفاؤل والطاقة والحيوية، وقد يكون غيرَ ابتهاجي، حيث يشعر المريضُ بالغضب والتهيُّج ونَفاد الصَّبر.

 خلال المرحلة أو النَّوبة الهَوَسية، يشعر المريضُ بتقدير ذاتي أعلى من حقيقته، وهذا ما يدفعه إلى الإقدام على أشكال من السلوك الخطير الذي ينطوي على نتائج كارثية، مثل المقامرة وممارسة الجنس غير الآمِن، والإنفاق المتهِّور من غير تفكير، حين يشعر مريضُ الاضطراب ثُنائي القُطب بالحزن و "انخفاض" المِزاج، فإنَّه يصبح أقلَّ فاعلية ونشاطًا؛ وهذا ما يُسمَّى "الاكتئاب" وهنا يشعر المريضُ بالتعب دائمًا ولا ينام جيِّدًا ولا يستطيع التركيزَ أو اتِّخاذ القرارات، في بعض الحالات، يُمكن أن يفكِّرَ المريضُ في إيقاع الضرر بنفسه أو في الانتحار، تُدعى الحالاتُ العاطفية الشديدة من الهَوَس والاكتئاب التي يعيشها مرضى الاضطراب ثُنائي القُطب باسم "نَوبات المِزاج".

 وفي بعض الأحيان، تشمل نوبةُ المِزاج الواحدة أعراضَ الهَوَس والاكتئاب معًا، وهذا ما يُسمَّى "حالة مُختلطة" وعلى سبيل المثال، في الحالة المختلطة يمكن للمريض أن يشعرَ بالحزن أو اليأس الشديد، ويشعر بحدود قصوى من النشاط في الوقت نفسه، يستمرُّ الاضطرابُ ثُنائي القُطب مدى الحياة عادةً، ويتكرَّر ظهورُ نوبات الهَوَس والاكتئاب باستمرار ومن الممكن ألاَّ تظهرَ أيَّةُ أعراض على معظم المرضى بين النوبات؛ ولكنَّ الأعراضَ تستمرُّ عندَ البعض الآخر يمكن أن يُصابَ أيُّ إنسان بالاضطراب ثُنائي القُطب، ويبدأ هذا المرضُ عادةً في أواخر العقد الثاني من العمر، أو في سنوات البُلوغ الأولى، ولكنَّه يمكن أن يصيبَ الأطفالَ والبالغين أيضًا وهو يستمرُّ مدى الحياة عادةً.

يُصاب مرضى الاضطراب ثُنائي القُطب باضطرابات القَلَق غالبًا، مثل اضطراب الشدَّة التالية للرض أو الصدمة والرُّهاب الاجتماعي، ويمكن أن يترافقَ الاضطرابُ ثُنائي القُطب أيضًا باضطراب فرط النشاط ونقص الانتباه، ولهذه الأمراض أعراضٌ تتداخل مع أعراض الاضطراب ثُنائي القُطب، ممَّا يجعل تشخيصَ هذا الاضطراب أكثرَ صُعوبة.

الأسباب:

يبحث العلماءُ عن الأسباب الكامنة وراءَ الاضطراب ثُنائي القُطب، ويتَّفق معظمُ العلماء على أنَّه لا يوجد سببٌ واحد، بل أسباب عديدة، تعمل معًا لتؤدِّي إلى هذا المرض أو تزيد من خطر الإصابة به. يكون الطفلُ الذي يعاني أحدُ والديه أو أخوته من الاضطراب ثُنائي القُطب معرَّضًا للإصابة بهذا المرض أكثر من غيره من الأطفال بنحو خمس مرَّات، ولكنَّ معظمَ الأطفال الذين يكون في عائلاتهم إصابة بالاضطراب ثُنائي القُطب لا يُصابون به، لا تزال أسبابُ الاضطراب ثُنائي القُطب غيرَ مفهومة جيِّدًا، وهناك أسبابٌ أخرى لها دور في ذلك، بصرف النظر عن وجود قصَّة عائلية، وتشير دراساتٌ إلى أنَّ بعض بني الدماغ ووظائفه عندَ مريض الاضطراب ثُنائي القُطب تكون مختلفةً عمَّا هي عندَ الإنسان الطبيعي.

الأعراض:

تُسمَّى تبدُّلاتُ المِزاج ثنائية القطب "نوبات المِزاج"، ويمكن أن تكونَ هذه النوبات هَوَسيةً أو اكتئابية أو "مُختلطة". في العادة، يسبق نوبةَ المِزاج نقصٌ في النوم أو استيقاظ صباحي مبكِّر، ويمكن أن تساعدَ معرفةُ أنماط التغيُّرات التي تطرأ على النوم -على التنبُّؤ بنوبة اضطراب المِزاج، تكون نوباتُ اضطراب المِزاج شديدة، حيث تكون المشاعرُ قويةً، وتترافق مع تغيُّرات شديدة في السلوك، تستمرُّ أعراضُ نوبات المِزاج أسبوعًا أو أسبوعين، وأحيانًا أكثر، وخلال النوبة، تستمرُّ الأعراضُ يوميًّا طوالَ اليوم تقريبًا خلال النوبة الهَوَسية، يمكن أن يشعرَ المريضُ بما يلي:

S مِزاج مرتفع ومنطلق وسرور عارِم.

S "عَصبية" أو "تعَب".

S سرعة الهياج والغضب إلى حدٍّ كبير.

يتغيَّر السلوكُ خلال النوبة الهَوَسية، ويمكن لمريض الاضطراب ثُنائي القُطب أن:

S يتحدَّثَ بسرعة دون ثبات على موضوع محدَّد.

S يُعاني من صعوبة في الاسترخاء أو النوم.

S يعتقد أنَّه يمكنه القيام بأشياء كثيرة دُفعةً واحدة.

S يكون نشيطًا للغاية أكثر من العادة.

S يباشر مشاريع جديدة ضخمة.

خلال النوبةِ الهَوَسية، يمكن لمريض الاضطراب ثُنائي القُطب أن يتصرَّفَ باندفاع وتهوُّر، حيث يمكنه أن:

S يقوم بالأشياء بطريقة متهوِّرة.

S يصرف أو يستثمر الكثيرَ من المال دون تخطيط مُسبَق.

S يمارس الجنسَ بطريقة متهوِّرة، أو يبحث عن المتعة دون حساب للعواقب.

خلال النوبة الاكتئابية، يمكن لمريض الاضطراب ثُنائي القُطب أن:

S يشعر بالهُمود أو الحزن.

S يشعر بالقلق والفراغ.

S يشعر بالملل من أشياء كان يستمتع بها من قبل.

S يشعر بالتعب أو التَّقاعس.

يتغيَّر السلوكُ خلال النوبة الاكتئابية، حيث يمكن للمريض أن:

S يجد صعوبةً في التركيز واتِّخاذ القرارات.

S ينسى كثيرًا.

S يفقد المتعةَ في أيَّة تسلية، ويصبح خمولًا.

S يجد صعوبةً في النوم.

خلال النوبة الاكتئابية، يُمكن أن يفكِّرَ المريضُ في الموت أو الانتحار أو في إلحاق الأذى بنفسه. خلال النوبة المختلطة، غالبا ما تظهر الأعراضُ على شكل هياج، وصعوبة في النوم، وتغيُّرات كبيرة في الشهية، إضافةً إلى ظهور أفكار انتحارية، يمكن أن يشعرَ المرضى في الحالة المختلطة بالحزن أو اليأس، إلى جانب الشعور بالنشاط العارم يمكن أن تظهرَ أعراضٌ ذُهانية أحيانًا، مثل الهلاوس أو الأوهام. وغالبًا ما تعكس هذه الأعراضُ المِزاجَ المتطرِّف للمريض؛ فمثلًا، الأعراضُ الذهانية لدى المريض في النوبة الهَوَسية يمكن أن تظهرَ على صورة الاعتقاد بأنَّه مشهورٌ وثري ويملك قدراتٍ خارقة، وبالطريقة نفسها، في الحالة الاكتئابية يمكن أن يعتقدَ المريضُ أنَّه مُحَطَّم ومُفلس، أو أنَّه ارتكب جريمةً ما.

 يمكن أن تكونَ نوباتُ الاضطراب ثُنائي القُطب شديدة أو قصيرة أو متكرِّرة؛ ويمكن أن تكون نوباتُ الهَوَس والاكتئاب خفيفة تُعرف نوباتُ الهَوَس الخفيفة باسم "الهَوَس الخفيف" يمكن أن تفصلَ بين نوبات الاضطراب ثُنائي القُطب فتراتٌ قصيرة من المِزاج الطبيعي ولكن، لا يكون هناك أيُّ مِزاج طبيعي أحيانًا، بل حالةٌ خفيفة مزمنة من ارتفاع المِزاج أو انخفاضه، ونظرًا لاختلاف نماذج الاضطراب ثُنائي القُطب، يُسمِّيه الأطبَّاءُ "طيف الاضطرابات ثنائية القطب".

متى تتوجَّب مراجعةُ الطبيب؟

من المهمِّ معالجةُ الاضطراب ثُنائي القُطب باكرًا قبلَ أن يتفاقمَ ويؤثِّر في العائلة والأصدقاء والعمل والحالة المادِّية والصحِّية، ولكنَّ تمييزَ علامات الاضطراب ثُنائي القُطب لا يكون أمرًا سهلًا على الدوام، في حالات النوبات الهَوَسية الواضحة، يمكن أن يشعرَ المريضُ بها ويعرفها، هؤلاء المرضى يخسرون عملَهم وأصدقاءهم، وغالبًا ما يحتاجون إلى دخول المستشفى، إذا عانى الشخصُ من نوبة هَوَسية، فإنَّ عليه طلب المساعدة الطبِّية دونما إبطاء، من الصعب تمييزُ النوبة الهَوَسية الخفيفة عن المِزاج الطبيعي "الجيِّد"؛ وهذا لأنَّ من الطبيعي أن يشعرَ الشخصُ بالسرور ليوم أو يومين بعدَ تحقيق نجاح في المدرسة أو العمل.

 ولكن ليس من الطبيعي أن تحدثَ بعد ذلك حالةُ اكتئاب، حين تتكرَّر نوباتٌ من السرور الشديد المتبوع بحزنٍ شديد، نكون أمامَ حالة غير طبيعية، وإذا تكرَّرت هذه الدورةُ من السرور والهُمود أكثر من مرَّة، ينبغي مراجعة الطبيب، يراجع الكثير من الناس الطبيب حين يشعرون بالاكتئاب لكن، إذا لم يلاحظ المريضُ تقلُّبات مِزاجه ويصفها جيِّدًا للطبيب، فإنَّ الطبيبَ يمكن أن يشخِّصَ حالةَ المريض تشخيصًا خاطئًا ويَعُدها حالةَ اكتئاب وهذا ما يمكن أن يسبِّبَ مشاكلَ في المعالجة، علاجُ الاضطراب ثُنائي القُطب مختلفٌ عن علاج الاكتئاب؛ لأنَّ استخدامَ الأدوية المثبِّتة للمِزاج أمرٌ مفيد عندَ استخدام الأدوية المضادَّة للاكتئاب أمَّا استخدامُ مضادات الاكتئاب دون مُثبِّتات المِزاج عندَ معالجة الاضطراب ثُنائي القُطب، فإنَّه يمكن أن يزيدَ المرضَ سوءً.

التشخيص:

لا يمكن حاليًا تشخيصُ الاضطراب ثُنائي القُطب من خلال اختبارات الدم أو تصوير الدماغ، لكنَّ هذه الاختبارات تستبعد الأمراضَ الأخرى التي يمكن أن تسبِّبَ أعراضًا مشابهة، مثل السكتة ورُضوض الرأس وأورام الدماغ، إذا لم تكن الأعراضُ ناجمةً عن مرض آخر، يجري الطبيب تحليلًا نفسيًا، ومن الممكن أن تجري إحالةُ المريض إلى طبيب نفسي لديه خبرة بتشخيص ومعالجة الاضطراب ثُنائي القُطب.

 تعيق الأمراضُ الأخرى تشخيصَ ومعالجة الاضطراب ثُنائي القُطب؛ فمن الممكن أن يظنَّ الطبيبُ أنَّ المريضَ يعاني من مرض مختلف، مثل الاكتئاب أو الفصام، لا يعاني مريضُ الاكتئاب من الهَوَس، كما أنَّ مريضَ الفصام يعاني من الهلوسة والأوهام التي يمكن أن تكونَ في بعض الحالات من بين أعراض الاضطراب ثُنائي القُطب؛ على الطبيب النفسي أن يأخذ قصَّةً مَرضية كاملة عن الأعراض، إضافةً إلى القصَّة العائلية، وعلى المريض وعائلته أن يجيبوا عن الأسئلة المتعلِّقة بحياتهم العاطفية والاجتماعية.

 إذا شخَّص الطبيبُ وجودَ حالة الاضطراب ثُنائي القُطب، فإنَّه سيحاول تحديدَ النمط، لأنَّ هناك أنماطًا عديدة من الاضطراب ثُنائي القُطب، وهي تختلف من حيث مدَّةُ وشدَّةُ وتكرار النوبة، إضافةً إلى الفترة الطبيعية للمِزاج بين النوبات، يتميَّز الاضطرابُ ثُنائي القُطب من النمط الأوَّل بنوبات من المِزاج العالي جدًا والمنخفض جدًا، يتميَّز الاضطرابُ ثُنائي القُطب من النمط الثاني بنوبات من المِزاج المرتفع قليلًا والمنخفض شديدًا.

ورغم ذلك، فإنَّ هذا النمطَ خطير؛ لأنَّه يترافق باكتئابٍ شديد، ويمكن أن يتحوَّلَ إلى النمط الأوَّل. يتميَّز اضطرابُ دَورَوية المِزاج بتناوب متكرِّرٍ ومستمرٍّ لمِزاج مرتفع قليلًا ومنخفض قليلًا، يمكن أن يُشَخَّص عندَ بعض المرضى الاضطرابُ ثُنائي القُطب سريع الدورة؛ وذلك حين يعاني الشخصُ من أربع نوبات أو أكثر من اكتئاب كبير أو هَوَس أو هَوَس خفيف أو أعراض مختلطة في غضون سنة واحدة، يعاني بعضُ مرضى الاضطراب ثُنائي القُطب سريع الدورة من أكثر من نوبة في الأسبوع، أو حتَّى في اليوم الواحد، وهذا النوعُ أكثر شيوعًا لدى الأطفال والمراهقين الذين يعانون من الاضطراب ثُنائي القُطب.

المعالجة:

لا وجودَ اليومَ لمعالجة شافية من الاضطراب ثُنائي القُطب، لكن يمكن السيطرة على الأعراض بالأدوية والمعالجة النفسية، وهناك علاجاتٌ أخرى إذا فشلت الأدويةُ والمعالجة النفسية هناك أنواعٌ مختلفة من الأدوية التي يمكن أن تُخفِّفَ الأعراضَ وتمنع تكرار النوبات، وتكون استجابةُ المرضى للأدوية مختلفة، لذلك فإنَّ نوع الدواء يتوقَّف على المريض، يحتاج الشخصُ أحيانًا إلى تجريب أدوية مختلفة واختيار الأفضل.

 يمكن أن تسبِّب الأدويةُ آثارًا جانبية وعلى المريض أن يخبرَ الطبيبَ عن هذه الآثار، كما يجب ألاَّ يتوقَّفَ المريضُ عن تناول الدواء دون استشارة الطبيب؛ فالوقفُ المفاجئ للدواء يمكن أن يشكِّلَ خطرًا على المريض، إذ يمكن أن تتفاقمَ أعراضُ الاضطراب ثُنائي القُطب في هذه الحالة، هناك أنواعٌ مختلفة من العلاج النفسي الذي يمكن أن يساعدَ مرضى الاضطراب ثُنائي القُطب، خلال المعالجة النفسية، يتحدَّث الطبيبُ الخبير مع المريض وأحيانًا مع أهله، بهدف معرفة ما الذي يُحَرِّض تبدُّلات المِزاج لدى المريض، ومعرفة كيف يمكن الحدُّ منها والسيطرة عليها.

 يُمكن للمعالجة النفسية أن تساعدَ المرضى وعائلاتهم على تغيير سلوكهم للحدِّ من تبدُّلات المِزاج. كما يمكن أيضًا أن تساعدَ على تحسين علاقة المريض مع أسرته ومع أصدقائه، هناك مرضى لا يتحسَّنون بالأدوية والمعالجة النفسية، ويمكن لهؤلاء تجريب "العلاج بالتَّخليج الكهربائي" وهو ما يسمَّى أحيانًا العلاج "بالصدمة"، حيث يجري تعريضُ المريض "لصدمة" سريعة يمكن أحيانًا أن تُصَحِّحَ مشاكل الدماغ، ويتناول المرضى علاجات طبيعية وعشبية أحيانًا، مثل نبتة سان جون أو الحموض الدانية أوميغا 3، وذلك لمعالجة الاضطراب ثُنائي القُطب، يجب استشارةُ الطبيب قبلَ تناول أيٍّ من هذه العلاجات، لا يعرف العلماءُ بالضبط كيف تؤثِّر هذه المنتجات في مرضى الاضطراب ثُنائي القُطب.

الخلاصة:

الاضطرابُ ثُنائي القُطب مرضٌ نفسيٌّ خطير يسبِّب تقلُّباتٍ مِزاجيةً شديدة، يعاني مرضى الاضطراب ثُنائي القُطب من نوبات مِزاجية تتراوح من فرط النشاط أو الهياج إلى الحزن والقنوط، وذلك بشكل متناوب. ويكون المِزاجُ بين النوبتين طبيعيا في العادة. المِزاجُ المرتفع يُسمَّى الهَوَس، والمِزاجُ المنخفض يُسمَّى الاكتئاب، يمكن أن يسري الاضطرابُ ثُنائي القُطب في العائلات وهو يبدأ عادةً في أواخر المراهقة وبداية سنِّ الرشد.

إذا شكَّ الشخصُ في أنَّه مُصابٌ بالمرض، فعليه أن يستشيرَ الطبيب يمكن أن يستبعدَ الفحصُ الطبِّي الأمراضَ الأخرى التي قد تكون مسئولةً عن تبدُّلات المِزاج، يمكن أن يُضرَّ عدمُ معالجة الاضطراب ثُنائي القُطب بالعلاقات الاجتماعية للمريض، وأن يؤثِّرَ في عمله ودراسته، كما يمكن أن يقوده إلى الانتحار أحيانًا، ولكنْ هناك معالجاتٌ فعَّالة ويؤدِّي الجمعُ بين المعالجة الدوائية والنفسية إلى الحصول على أفضل النتائج عادةً".

داخ فارس مما قرأه عن مرض ولاء وسأل نفسه هل يمكنه تحمل هذا المرض وتبعاته، وكانت الإجابة أنه لا يستطيع أن يتحمل ذلك، رغم أنه يحب ولاء إلا أن التوترات التي حدثت خلال الأشهر الماضية جعلته يفكر في أشياء كثيرة، منها والدته وأخواته وزملاؤه في العمل، كانت ولاء آخر من فكر فيه فارس ولكنه حسم قراره سيطلق ولاء نهائيًا ولن يردها إليه وسينشر خبر طلاق ولاء حتى يعفي نفسه من أي حرج قد يقع عليه.

اتصل بالطبيب المعالج لحالة ولاء وأخبره أن قرار طلاق ولاء قرار نهائي وأنه سيتولى مسئولية مصروفات علاجها حتى تشفى نهائيًا ولكنه لن يردها إليه مرة أخرى.

كان على الطبيب تهيئة ولاء لما ينتظرها من مفاجآت، لقد طلقت مرتين وعرف فارس كل ماضيها وحقيقة مرضها وقرر أن يظل مع زينات التي نجحت في أن تصبح الزوجة الوحيدة لفارس وظلت تدعو ربها أن يديم حب فارس لها وسعادته معها، وتحمده على زواجها من فارس بأخلاقه التي يحكي عنها الجميع.

زادت سرعة استجابة ولاء للعلاج وبدأت تحكي أكثر لرقية، وانتقلت لغرفة عادية وأصبحت ترتاد مكتبة المستشفى لتقرأ واستقرت حالتها، ولكن حدثت مفاجأة أذهلت الجميع عند البحث في الدور التي عاشت بها ولاء وكذا المدارس التي التحقت بها.

فبعد أن كتبت في مذكراتها أنها خانت زوجها مع داوود بعد خروجها من المستشفى عقابًا لزوجها على تركه لها، راجعت رقية ما كتبته ولاء.

من مذكرات ولاء..

"لقد مللت من مكوثي في المنزل، لذا قررت أن أخرج وأطلق العنان لقدمي لتأخذاني في أي مكان، لقد زهد في فارس وأصبح يمكث خارج المنزل أكثر مما يمكثه معي، لقد دخلت أخرى حياته وأنا أشعر بذلك أنه يخونني.

أثناء سيري بلا هدف وجدت نفسي قرب الجامعة ووجدت داوود خارجا من باب الجامعة فناديته وتهللت أساريره عندما رآني وطلب مني أن نجلس سويًا في أي كوفي شوب ووافقت.

أنا: ازيك يا داوود عامل إيه؟ وأخبار الدنيا معاك؟

داوود: الحمد لله خلاص ناقشت الدكتوراه وبقيت أستاذ مساعد في الكلية ومعايا إيمان ومراتي حامل على وش ولادة وإنتِ عاملة إيه؟

لم أتمالك نفسي من البكاء، وظل داوود يهدئني وعندما فشل في ذلك طلب مني أن أذهب معه لبيته لنتكلم على راحتنا ولأبكي كما أشاء لأخفف عن نفسي ما يعتمل داخلها كما اعتدنا ذلك قديمًا، كانت شقته في بين السرايات لم يشأ أن يبعد عن الجامعة، أراد توفير كل قرش ليكمل مسيرته العلمية ويستطيع توفير العيش الكريم لزوجته وأولاده.

كانت شقته بسيطة ولكنها كما كان يتمناها، شقة مكونة من حجرتين واحدة لنومه وأخرى للأطفال، وصالة كبيرة وضع بها أنتريه بسيط، كانت ألوانها ما بين الأخضر والبيج الفاتح، كانت بحق كما تمناها أن تكون منذ كان صغيرًا.

جلب لي داوود الليمون البارد واعتذر عن عدم وجود زوجته؛ لأنها ستمكث حتى الولادة مع والدتها لتعتني بها لضيق وقته وعدم قدرته على رعاية زوجته وطفلته.

أنا: إنت لسه فاكر إيمان يا داوود وبتحبها للدرجة دي؟

داوود: عمري ما قدرت انساها، رغم إنها جرحتني قوي.

أنا: إنت عارف إني شفتها قبل ما اتجوز وهي اللي ساعدتني على إني أداري المصيبة اللي عملها فينا أستاذ نبيل.

داوود: وهي عاملة إيه وبقى شكلها ازاي وأخبارها إيه؟

أنا: بعد ما عملت العملية خفت إنها تنتقم مني في فارس وتقوله على الحقيقة لأنها فاكرة إني أنا سبب قطع علاقتك بيها، هي زي ما هي متغيرتش.

داوود: آه يا إيمان ربنا يهديكي، المهم خلينا فيكِ إنتِ فهميني بقى إيه اللي حصل ووصلك للانهيار ده؟

حكيت لداوود كل ما مر بي ووجدتني أبكي بشدة ودون أن نشعر احتضنني كما كنا نفعل ونحن صغار وكنت بالفعل احتاج ذلك الحضن فبكيت وظل يحتضنني بقوة حتى وجدتنا نتعانق سويًا وانتهى بنا المطاف في غرفة نومه وعلى سريره، في تلك اللحظة أيقنت أن داوود مثل كل الرجال غدار وخائن لملمت شتات نفسي وارتديت ملابسي وخرجت من منزله وأنا أحمل ذنبًا آخر مع أوزاري التي لم أعد أحتملها وقررت الموت وحاولته وأقاوم محاولات فارس لإدخالي المستشفى، إنه يريد أن يتخلص مني ولكن يبدو أنني سأوافق لا أستطيع أن أظل في حضنه كلما اقترب مني تذكرت ذنبي وخطيئتي فنبذته وابتعدت عنه، سأذهب للمستشفى حتى أتخلص من ذلك العبء".

صدق فارس ما رآه مكتوبًا في مذكرات ولاء، فهو يعلم أنها كانت تخرج ولا يعلم أين تذهب، صدق ما قرأه لأنه أراد أن يصدق ذلك، لم يسأل نفسه كيف تفعل ولاء المتدينة الخجول ذلك الشيء المخزي؟

كانت رقية تشعر أن ثمة خطأ ما فيما تحكيه ولاء عن حياتها الماضية، والشخصيات اللاعبة في حياتها ذهبت رقية لزيارة الدار الأولى التي التحقت بها ولاء في البداية وقرأت ملفها هناك:

"ولاء محمد سمير عبد الجواد، العمر الذي ألحقت به في الدار أسبوع، عنبر 9.

تقرير طبي: تعاني ولاء من حالات هلوسة وكلام لأشخاص غير موجودة وتدعي وجود زميلة لها في العنبر تدعى إيمان، مع محاولات متعددة للانتحار، يوصى بتناول الأدوية التالي ذكرها.

لم تتناول المذكورة الدواء الموصى به حيث إنه غالي الثمن ولم تتمكن الدار من تحمل تكاليف العلاج.

أغلق الملف".

أثار التقرير فضول رقية لكي تتأكد من صحة ما ورد في الملف والذي يؤكد أن ولاء كانت تتخيل أشياء كثيرة وعاشت معها كأنها حقيقة واقعة، فأرادت رقية أن تعرف مدى صدق روايات ولاء وبحثت في الدار الأخرى، لم تجد أي أثر للاغتصاب أو لوجود إيمان، تأكدت رقية أن ولاء كانت تعيش في عالم آخر غير الواقع الحقيقي، توصلت للمدرسة الابتدائية التي تخرجت فيها ولاء، وكانت المفاجأة التي توقعتها رقية، لقد ذهبت للمدرسة وسألت عن ملفات طلبة في تاريخ محدد ومن حسن حظها أن وجدت أبلة سلوى الأخصائية الاجتماعية أصبحت مديرة المدرسة فقابلتها رقية.

د. رقية: أهلا يا فندم ازي حضرتك.

أبلة سلوى: تمام الحمد لله، أساعد حضرتك ازاي؟

د. رقية: كنت جاية أتكلم معاكِ عن حالة بتتعالج عندي في المستشفى كانت طالبة في المدرسة هنا وقت كنتِ الأخصائية الاجتماعية.

أبلة سلوى: قصدك مين؟

د. رقية: بقصد ولاء، ولاء محمد سمير.

أبلة سلوى: ياااااه البنت دي صعبانة عليا جدًا.

د. رقية: هي نزيلة عندي في المستشفى حكتلي على حاجات حصلت هنا واللي عملها متعاقبش.

أبلة سلوى: ياااه هي لسة مصرة على كده.

د. رقية: مش فاهمة حاجة.

أبلة سلوى: بصي يا دكتورة البنت دي كانت بتقضي وقتها معايا، كانت مصرة إنها جاية من دار الأيتام مع واحدة اسمها إيمان وواحد اسمه داوود، هي جت لوحدها ودايمًا كانت بتكلم الاتنين دول وطبعًا هما مش موجودين، جتلي في يوم وقالتلي إن أستاذ نبيل اغتصبها، طبعًا دي كانت كارثة إنها تحصل طلبت من مديرة المدرسة إنها تنتظر لغاية لما نتأكد عشان ما نظلمش حد لأني عارفة إنها بتعاني من هلوسات وإنها بتتعالج من اكتئاب أو فصام مش فاكرة بالظبط التشخيص، والأهم إن المدرس مش اسمه نبيل، المهم عرضت البنت على طبيبة أمراض نسا وأكدت ان البنت سليمة ومحصلش حاجة، بس قدام إصرارها على إنه حصل اضطريت أقولها إني هطلع الوقت اللي هي قالت عليه ولقيتها بتعيط وقافلة الباب عليها وبتصرخ فتحت الباب ملقيتش حاجة.

د. رقية: أمال نبيل اتنقل ليه؟

أبلة سلوى: أولا مكنش اسمه نبيل ده كان اسمه داوود وعلى فكرة هو متنقلش جتله إعارة للكويت وسافر فكان لازم الفصل يُسند لمدرس تاني وكانت أبلة فوزية وعلى فكرة هلوسات ولاء ما كانتش بتخلص واتعالجت نفسيًا في مستشفى الطلبة تقدري تلاقي ملفها هناك.

كانت صدمة رقية شديدة عندما علمت أن مشكلة ولاء أنها لم تتلق العلاج في الوقت المناسب وتركت حتى تفاقم لديها المرض فقط لأنها تربت في دار للأيتام، كما أن علاجها في مستشفى الطلبة لم يكن صحيحًا، لأنه أخطأ تشخيص المرض.

في تلك الفترة تماثلت ولاء للشفاء وقد مر عليها في المستشفى أربعة أشهر كاملة، لم تعرف أن فارس طلقها وأنها فُضحت في مكان عملها، قلت زيارات الشخصيات لها ثم تلاشت نهائيًا، كان على رقية أن تخبر ولاء بأن فارس طلقها كان الجميع يرد عليها قبل ذلك بأن الزيارة غير مسموح بها.


الفصل الثالث والأربعون الأخير

  قرر اخوة علاء عدم زيارته مرة أخرى وغلق باب القرابة أمامهما، لم يفهم علاء السبب وكذا ميساء ولكنهما لم يحزنا كثيرا لأن هناك خبرا آخر جعل علا...