الاثنين، 19 يناير 2015

ضياع (الفصل السادس: رضا)



الآن
أثناء إنهاء كوثر وبرهان إجراءات الطلاق بالمحكمة، تذكر كل منهما الطلقة الأولى وكيف رد برهان طليقته لعصمته مرة أخرى.
فبراير 1976
ذهبت كوثر لوالدتها بعد ما حدث من برهان على مرأى ومسمع من الناس، فمازالت آثار ضربه لها ظاهرة على وجهها وشعرها. أدى ذلك المنظر الذي دخلت به كوثر على والدتها لذعر الأم الشديد، واستاءت مما حدث لابنتها خاصة بعدما قصت عليها كوثر ما حدث.
مايو 1976
ظلت كوثر في بيت والدتها منذ طلاقها، لم يرسل لها برهان قسيمة الطلاق إمعانا منه في ذلها وعقابها على ما اقترفته في حقه، ومر على الطلاق ثلاثة أشهر علمت خلالها كوثر أنها تحمل في أحشائها طفلا من برهان؛ مما أصابها بالحزن الشديد. بعد علم كوثر بحملها أصابها كدر بالغ وهم شديد؛ حيث أن برهان كان يمعن في اذلالها بتقربه من زميلاتها في عملها الجديد، ففي كل يوم تقول لها إحداهن أنها ستقابل برهان بعد مواعيد العمل الرسمية وتخرج معه ويكون ردها أنه طلقها فهو حر فيما يفعل وفي كافة تصرفاته، لم تقوى على إعلام أحد بحملها حتى والدتها.
الآن كوثر ليست حرة نفسها كي تكمل حياتها كما تريد دون وجود برهان، فهو لديه ابن الآن وسيعرف بوجوده عاجلا أم آجلا، وسيطالب به ويتحكم بكوثر من خلاله. ومن جانب آخر ترى كوثر أن الطفل لابد أن يتربى بين أم وأب، أن يترعرع في عائلة سوية –هكذا كانت تفكر-لم تدري ما تفعله؛ لذا قالت لوالدتها أنها تحمل في أحشائها جنينا ولا تدري كيف تتصرف، فبرهان لا يسأل عنها ولا يرسل لها ما يثبت طلاقها، لم يرسل لها حتى مؤخرها أو نفقتها.
رأت والدة كوثر أن بقاء ابنتها هكذا مطلقة وهي الآن أصبحت أما لطفل ليس منطقيا، ولابد أن يعرف برهان أن طليقته تحمل ابنه في أحشائها ولابد له من ردها، لذلك طلبت الأم من عايش أن يذهب معها لبيت برهان لتقابل والد برهان لتضع حدا لما يحدث ولتعود المياه لمجاريها بين ابنتها وزوجها-أو هكذا كانت تظن-فكانت تفكر أن كل انسان له عمر مكتوب؛ لذا فهي لن تظل حية ترعى ابنتها، فإذا توفت من سيعتني بكوثر وطفلها، لم تحبذ فكرة أن تكون كوثر وحدها هي المسئولة عن نفسها وطفلها.
منزل برهان
والدة كوثر: يا حج دلوقتي ابنك طلق بنتي وسابها من غير ورقة طلاق ولا حتى أخدت مؤخرها ولا نفقتها واحنا ساكتين، يمكن الأمور تهدا واستنيتك تدخل عشان يرجعوا لبعض وترجع لبنتي حقها من ابنك
والد برهان: والله يا حجة أنا سألت برهان عن سبب الطلاق وقال كلام ما ينفعش يتقال
والدة كوثر (بعصبية): قال ايه؟ ابنك انسان مش طبيعي بدل ما يدافع عن مراته لما واحد عاكسها يقوم يضربها ويبهدلها في الشارع لولا الناس حاشت عنها وحتى ما وصلهاش للبيت عندي. اللي عمله دا في عرف ولا شرع مين؟
والد برهان (مستغربا): ازاي الكلام دا؟ اللي قاله برهان غير كده خالص، قال ان مراته وهما ماشيين مع بعض قابلت واحد تعرفه وقعدت تهزر معاه وهو ما استحملش ضربها وطلقها
والد كوثر (بعصبية وبكاء): ابنك دا مش طبيعي. اللي يقول على مراته كده ما يستهلش إنها تعبره أنا عايزة ورقة بنتي ومستحقاتها ومستحقات اللي بطنها
والد برهان (عصبية من تصرفات ابنه واندهاش لأنه لا يعرف أن كوثر حاملا): هي كوثر حامل؟
والدة كوثر (تبكي): ايوة في الشهر الرابع
أما عايش فلم يتمالك أعصابه بسبب ما سمعه عن اخته ونادى بكل قوته على برهان ونعته بالحيوان، سمع برهان سب عايش له وصوته المرتفع فدخل ليضربه ويؤدبه لصوته المرتفع وسبّه له واشتبك كلا من عايش وبرهان لولا تدخل والد برهان بينهما
والد برهان (بعصبية شديدة): يعني انا والحجة مش مليين عنيكم بتضربوا بعض قصادنا؟
عايش (نفسه غير منتظم لعصبيته الشديدة): انت مش سامع الحيوان دا يقول ايه على اختي؟
والد برهان (بعصبية): اخرس منك ليه أنا بس اللي أتكلم. برهان انت ليه اتبليت على مراتك؟
برهان (بعصبية): انا قلت اللي عندي قبل كده، دي واحدة مش متربية وماشية على حل شعرها
عايش (بعصبية قام ليصفع برهان على وجهه)
والدة كوثر (بعصبية): وهي لو دايرة على حل شعرها زي ما قلت ح تتكلم معاه قصادك. يا شيخ اتقي الله انت عندك ولايا
والد برهان (بعصبية وكأنه يعرف تفكير ابنه وتصرفاته وكذبه واعتادها): انت يا حيوان كلمة واحدة ح ترد مراتك وترجعها وتراضيها واياك اسمع منها شكوى منك. يا حجة أنا وبرهان جايين بكرة نرد كوثر لبرهان خليها تجهز
برهان (بعصبية موجها الكلام لوالده): مين اللي ح يرد مين؟ وبعدين كده عدتها خلصت وفي مأذون ومهر جديد
والد برهان: مراتك حامل يا بيه، حط جزمة في بقك وتعمل اللي أقولك عليه فاهم ولا ايه، وبعدين كل دا وما كنتش بعت لها ورقتها، افرض كان مفيش حمل تاكل حقها وكمان تسيبها لا هي على ذمتك ولا تقدر تتجوز، انت جنس جبلتك ايه؟
كان والد برهان يعرف أن برهان من السهل عليه اتهام النساء في أعراضهن فهو لا ينسى ما حدث مع علوية وما قاله عنها ولا ينسى سوسن خطيبته السابقة. لقد منعه برهان من الزواج بعلوية وخاض في سمعتها في كل مكان حتى اضطرت أن تترك منزلها وتبحث لها عن آخر، لذلك عندما سمع ما حدث من والدة كوثر صدقها وكذب ولده إنه يموت حسرة عليه وعلى ما وصل له ولا يدري سببا لذلك.
أما برهان فقد أذعن لرغبة والده في رد كوثر، ففعل ذلك ولكنه كان يفكر كيف يمعن في إذلالها وعقابها على ما فعلته في حقه. والجنين الذي يسكن أحشائها أهو ولده أم ولد آخر تحاول إلصاقه به؟
بعد أن رد برهان كوثر إلى عصمته مرة أخرى، وذهب معها إلى منزله لم يصدق أنها حامل منه فهو يعرف أنه ليس ككل الرجال، ولم يهدأ له بال حتى سألها مع من خانته وحملت بطفلها، فما كان منها إلا أن بكت واشتكت لوالده الذي عنفه واعتذر لها عما قاله برهان وطيب خاطرها.
بعد مرور شهر من رد برهان لكوثر توفت والدتها، وحزنت عليها وعلمت أن لا أحد سيهتم بها ويهتم لهمها بعد الآن، خاصة أن والدها لم يسأل عنها منذ زواجها وفوجئ بحملها عند وفاة والدتها. شعرت كوثر باليتم بعد وفاة والدتها، وشعرت أنها بعد وفاة والدتها عليها أن تتحمل كل ما يقوم به برهان، فرغم جميع مساوئه فهو زوجها وتذكرت المثل القائل "ضل راجل ولا ضل حيطة".
بعد أن استسلم برهان أنه والد الطفل الذي تحمل به كوثر كان يتوقع أن يكون له ولدا، كان يحلم به. يحلم أن يكون أفضل من أخيه وأن يكون له الولد الذي فشل أخيه في الحصول عليه، وجاء موعد ولادة كوثر لم يكن برهان يدخر من المال ما يكفي للولادة أو هكذا قال لزوجته وذهب ليقترض مصاريف الولادة من والده، كانت مصروفات الولادة خمسة جنيهات في ذلك الوقت. وضعت كوثر مولودتها – لقد رزقت بأنثى- وعندما علم برهان أنها أنجبت أنثى تركها وذهب لم يهتم أن يطمئن عليها أو على المولودة.
بعد أن عنفه والده على تركه لكوثر وعدم اختيار اسم للمولودة، قال له أنها أنجبت أنثى فماذا يصنع بها. يسميها أي شخص، لم يرضي ذلك والده وقال له أنه لن يأخذ المال الذي اقرضه إياه إذا ذهب لزوجته واختار اسما للمولودة فذهب لها واختار اسم مولودته الأولى رضا.

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق

الفصل الثالث والأربعون الأخير

  قرر اخوة علاء عدم زيارته مرة أخرى وغلق باب القرابة أمامهما، لم يفهم علاء السبب وكذا ميساء ولكنهما لم يحزنا كثيرا لأن هناك خبرا آخر جعل علا...