الثلاثاء، 13 يناير 2015

ضياع (الفصل الثاني: ليلة الزفاف)


عندما طلب برهان مقابلة والد كوثر، وافق الأب على مقابلته وتعرف على ظروفه كاملة.
الأب: أهلا يا ابني. كوثر قالت لي انك عايز تقابلني
برهان: بصراحة يا عمي أنا عايز أتقدم لبنتك أخلاقها عجبتني وهي دي الزوجة اللي أحب ارتبط بيها
الأب: وظروفك ايه؟ وفين والدك؟
برهان: أنا جاي أعرفك ظروفي الأول ولو وافقت ح أحدد ميعاد وأجيب والدي معايا
الأب: وايه ظروفك
برهان: أنا لسه موظف صغير مرتبي 17 جنيه وعايش مع والدي ومش ح أقدر اجيب شقة اقعد فيها لوحدي ح اعيش معاه في نفس البيت. وامكانياتي على ادي قوي
الأب: مفيش مشكلة في موضوع المعيشة في بيت والدك، بس ادينا وقت نسأل عنك وعن أهلك. ان شاء الله ح ارد عليك خلال اسبوعين
برهان: متشكر جدا
خرج برهان بعد لقائه مع والد كوثر، لم يذكر أن اخته مطلقة وأنه يرعى ابنتها وأن المنزل ليس له وحده، لم يذكر له أنه يسعى لأن يتزوج ليجد سيدة تقوم بخدمة البيت دون مقابل، لم يذكر أنه يريد سيدة لتساعده في مصاريف البيت بعد أن عنفه والده على عدم الصرف على المنزل.
لم يذكر برهان الكثير عن نفسه، لم يذكر أنه لن يشتري الشبكة، لأن لديه شبكة عروسه السابقة، ولن يشتري فستان زفاف أيضا لأن لديه فستان خطيبته السابقة، حتى أثاث الغرفة لن يغيره فقد اشترته العروس السابقة وبالتالي لن يغير شيئا منه.
كان برهان قد خطب العروس التي اختارتها والدته وعقد قرانه عليها ولكنه لم يحترمها، أو يحترم والدها، كما أنه لم يراع مشاعرها أمام أهلها جرحها بكل معنى الجرح، وعندما أراد والدها من برهان أن يطلقها ويذهب كل منهم لحاله- وكان الزواج بعد سبعة أيام، إلا أن الأب لم يبال بذلك؛ فمصلحة ابته في عدم الزواج من برهان فوق كل شيء، وأن تنهي هذه الزيجة التي عرف الأب في بدايتها أن برهان ليس هو العريس الذي يتمناه أي أب لابنته، ولم يبال برهان بطلب والد سوسن بطلاقها، بل طلب أن تتنازل له عن كل شيء وتعيد الشبكة كاملة وفستان الزفاف. لم يترك لها شيئا وهي أيضا بعد ما حدث لم ترد أن تحتفظ بأي شيء يذكرها أنه كان يوما ما في حياتها.
تذكر برهان سوسن الخطيبة السابقة التي –من وجهة نظره- لم تستحق أن تنال شرف الزواج به، لقد اتهمه والدها أنه عصبي وبخيل ولا يعرف معنى الزواج ولا كيف يكون رجلا، وتذكر كيف طلقها
منزل سوسن
والد سوسن: برهان يا ابني اللي انت بتعمله ما يصحش، وعيب قوي اللي انت عملته مع بنتي
برهان (وهو يدخن ويقول بعصبية): بنتك اللي مش محترمة ولا متربية، ابقى ربيها الأول وبعدين اتكلم
الأب (بعصبية وقام من مكانه): انت مش محترم والحق عليا اني من الاول رضيت بالجوازة دي عشان خاطر الست والدتك
برهان (بعصبية شديدة): وانت مال أهلك بأمي، انتوا اصلا عيلة واطية، وبنتك لو كانت متربية ما كانتش تكلم دا وتتمايع كده، ولا تخرج من ورايا مع أمها قال ايه تشتري حاجات للجواز، مختوم أنا على قفايا عشان أصدق، لأ وأصدق انها قابلت –قال ايه- ابن عمها صدفة وهي نازلة تشتري الحاجة
الأب (بعصبية شديدة ونرفزة وكاد أن يضرب برهان): ارمي اليمين على بنتي ومفيش جواز
برهان (بعصبية شديدة): في ستين داهية بس تبريني من كل حاجة وتجيب الشبكة وفستان الفرح والا ح اتجوز غيرها واسيبها كده معلقة وابقى وريني ح تعمل ايه، واعلى ما خيلك اركبه
الأب (ينادي على ابنته): سوسن سوسن، تعالي وهاتي حاجة الحيوان دا ورقة وقلم
سوسن (تدخل وهي تبكي  غير مصدقة ما تسمعه): الحاجة اهي يا بابا، حاجة تاني؟
الأب (بعصبية موجها كلامه لبرهان): اتنيل قول عايزها تكتب ايه
أملاها برهان بالفعل ما يريد كتابته وأخد الشبكة – ولم يأخذ أية هدايا لأنه من الأصل لم يشتر لها هدايا في أية مناسبة بدعوى أنه مشغول في مصاريف الزواج- وأخذ التنازل ورمى عليها اليمين ونزل مع والدها للمأذون لاكمال إجراءات الطلاق.
وعندما تذكر برهان ما حدث -من وجهة نظره هو- أن سوسن خدعته، انها مثل كل الفتيات خائنة، تنتظره أن يعطي لها ظهره لتخونه، كيف خرجت دون إعلامه لتقابل حبيبها السابق، لقد كان برهان على يقين أنها تحب ابن عمها ولكن ابن عمها لم يهتم بها حتى لا يتورط في زواجها، ولكن بعد أن كتب كتابها على مغفل آخر فلا مشكلة حتى أن يقيم علاقة معها، إنها بالنسبة لبرهان مجرد خائنة أخرى مثل باقي النساء، وتداعت على ذاكرته كل المشاهد التي كان على يقين أنها حدثت رغم نفي سوسن حدوثها. نفض برهان ذاكرته وخرج مما حدث في الماضي، وأخذ يفكر إذا وافق حماه الجديد على الزواج هل سيرضى بأن تكون شبكة ابنته وأثاث غرفتها وفستان زفافها اشترتهم أخرى؟
على الجانب الآخر، فإن كوثر بعد أن أتى برهان لمقابلة والدها لخطبتها وافقت على ما قاله، فلا بأس لديها أن تعيش في منزل واحد مع حماها، ولا أن يكون راتبها على راتب زوجها للانفاق على المنزل. كل ما كانت تفكر فيه كوثر في ذلك الوقت أنها لابد أن تتزوج، لكي تخرج من هذا البيت؛ حتى لو كان المتقدم لها ليس هو فارس أحلامها. فبرهان ليس وسيما، وليس هو الرجل الذي تمنت الارتباط به، لقد تذكرت ما قالته عنه زميلتها في العمل، ولكنها طمأنت نفسها بأنه طلب الارتباط بها وسيتغير مثل باقي الرجال.  
وفي الأسرة لم يهتم أحد من أهلها بالسؤال عنه، من سيسأل عنه؟ الأب ترك البيت مباشرة بعد مقابلة برهان، وقال لهم أنه لن يتحمل شيئا من تكاليف الزواج وعلى ابنته تدبير مصاريف زواجها إذا أرادت الزواج. أما عايش فلم يكن يهتم لأمر أحد في أسرته، كانت اهتماماته في الخروج مع أصدقائه وقضاء الوقت معهم.
أما والدة كوثر وأخواتها البنات –عبير وأمينة- رفضوا هذه الزيجة وكل له أسبابه. فالأم شعرت أن برهان ليس شخصا صريحا، رغم أنها غير متعلمة إلا أنها عرفت طباع الناس من خلال عملها في الحياكة مما جعلها تتعامل مع جميع أنواع البشر وتميز بيهم، قالت ذلك لكوثر. وقالت لها أنه غير مناسب لها حتى أنه ليس وسيما وإذا خرجا معا سيظهر قبح منظره مما سيتسبب في مشاكل بينهما. أما البنتان فكان الرفض من أمينة لأن كوثر أصغر منها سنا فكيف تتزوج قبلها، وعبير رفضت حتى لا تغضب منها أمينة.
كوثر لم تعر اهتماما لكلام والدتها، ولا كلام زميلتها في العمل. كانت تعلم أن أحدا لن يهتم بالسؤال عن برهان وأن المهلة التي أعطاها والدها لبرهان لم تكن إلا لترتب كوثر أوضاعها وتعرف كيف تدبر مصاريف زواجها. لم يعرف أحدا من زملاء كوثر في العمل أن برهان تقدم لها، عملا بمبدأ "داري على شمعتك تإيد" ويالتها انطفئت.
أخبرت كوثر والدتها أنها مصرة على زواجها من برهان، وكعادة كل الموظفين قامت بالاشتراك في جمعية مع زملائها بالعمل لتتدبر تكاليف زواجها. وافق والدها على برهان واتفق معه على المهر والشبكة، ولم ينس برهان أن يصل بطلباتهم لأقل ما يمكنه – ولكنه لم يبلغهم أنها لن تختار شبكتها ولن تختار أثاث غرفتها ولا فستانها- وطلب أن يكون كتب الكتاب مع تقديم الشبكة وأن يتك الزواج خلال أربعة أشهر حتى تكون كوثر اشترت ما يلزم العروس من متطلبات.
وافق والد كوثر على ذلك، ولم يقابل برهان والد كوثر مرة أخرى سوى يوم كتب كتابه عليها وليلة زفافها. وبالفعل تم كتب كتاب كوثر وقال لهم برهان أنه اشترى الشبكة لعروسه توفيرا للوقت لأنها منشغلة بتجهيز احتياجاتها، وصدقته كوثر – أو أرادت أن تصدق.
بعد كتب كتاب كوثر، طلبت منه أن تذهب لتفصيل ثوب زفافها ولكنه فاجأها أن الفستان موجود بالفعل وأنه يخص طليقته وكانت مفاجأة شديدة على كوثر، لم تكد تفق منها، حتى قال لها أن أثاث الغرفة موجود كما اختارته طليقته وما عليها سوى إنهاء متطلباتها.
رغم صدمة كوثر الشديدة عندما علمت أنه كان عاقدا قرانه على غيرها، قالت في نفسها لو كانت لي ظروف أخرى لكنت طلبت الطلاق منه لغشه، ولكن نحن لم نسأل لو كان لي أهل يهتمون لأمري لسألوا عليه وعرفوا أمر طلاقه، ولكني لن أتحمل أن أكون مطلقة، ولن أتحمل أمينة وعبير وكلامهما الجارح، ساستمر في الزواج، لن أقول شيئا، وليكون الله في عوني.
ورفض برهان أن يكون هناك حفل للزواج، ووافقت كوثر على ذلك على مضض؛ حيث لا يوجد اختيار آخر أمامها، وتحايلت أمها على ذلك بدعوة الأهل والأقارب في بيتها حيث تخرج ابنتها بفستان ويحتفل بها الأهل لتذهب مع برهان إلى بيتها معه ومع أمها وأخواتها مع الزغاريط التي ملئت المكان، وأغلقت غرفة كوثر عليها وعلى زوجها.

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق

الفصل الثالث والأربعون الأخير

  قرر اخوة علاء عدم زيارته مرة أخرى وغلق باب القرابة أمامهما، لم يفهم علاء السبب وكذا ميساء ولكنهما لم يحزنا كثيرا لأن هناك خبرا آخر جعل علا...