السبت، 10 يناير 2015

المقدمة (ضياع)




عجيبة هي تلك النفس البشرية، أيمكن لها أن تحب ما كانت تكرهه وتكره ما كانت تحبه. كانت كوثر تكره السفر وتكره الترحال، تكره أن يطلق عليها لفظ مطلقة ولكنها الآن سعيدة. نعم، إنها تشعر بسعادة غامرة، سعادة سرت فيها منذ أن سمعت القاضي يحكم لها بالطلاق من برهان. منذ سنوات كان الطلاق بالنسبة لها خيبة أمل، كيف تطلب الطلاق وتحمل هذا اللقب اللعين في مجتمع يعرف المطلقة على أنها امرأة تريد رجلا، أي رجل فقط لأنها أصبحت مطلقة بلا رجل، كانت تخاف على مصير بناتها إذا تقدم لهن زوج أن يهرب لأن والدتهم مطلقة؛ كرهت الطلاق، وكرهت اللقب، وكذا كرهت الرجال جميعا.
الآن وبعد مرور أكثر من 36 سنة على زواجها، أخيرا حصلت على حريتها ولم تعد تخاف أحدا، لم تعد تخاف المجمتع، ولا تخاف على مستقبل بناتها، والأكثر من ذلك إنها تفكر في السفر لهن؛ كل واحدة منهن في بلد، وبعد ما كانت تكره السفر والخروج والترحال أصبحوا أحب إليها وإلى قلبها.
نادى القاضي على اسمها وسألها وقالت إنها لا تريد العيش مع برهان، وتريد الطلاق، طلاق نهائي بلا رجعة. صدر حكم المحكمة لها بالطلاق، والآن تسعى كوثر لإنهاء تلك الإجراءات اللعينة لتحصل على حريتها التي فقدتها – واستدركت فقدتها، إنها لم تحصل عليها قط قبل ذلك، إنها تحصل عليها الآن، والآن فقط. إنها أبدا لم تكن حرة، أبدا لم تفعل ما تريد، أبدا ما فعلت ما يحلو لها، وعندما تزوجت على أمل أن يكون الزواج مخلص لها مما تعانيه، أن يكون هو طريقها للحرية وجدته قيد أكثر، قيد كبلها وكبل حريتها.
اعتقدت إنها بالزواج ستجد رجل يحميها ويقف بجانبها، رجل تعيش معه في سعادة، سعادة افتقدتها في منزل أسرتها كثيرا، ترابط أسري حاولت أن تجده. حاولت أن تجد زوجا يكون لها أبا وأخا وابنا وصديقا ، ولكنها للأسف وجدت نفسها في بئر عميق من الحرمان الأبدي من كل معنى للحب والحرية والحماية ، بل أيضا فقدان الثقة. لم يثق بها برهان أبدا، وهي أيضا لم تثق به. تفكر الآن لماذا تزوجته، لماذا ارتكبت هذا الخطأ الشنيع، ولماذا استمرت به بعد أن ادركته، أخوفها من المجمتع كان قويا لدرجة عقاب بناتها باستمرار هذا الزواج الذي دفع الجميع ثمنه؟
استلمت حكم الطلاق أخيرا، وهي تقرأه حرفا حرف، لتتأكد أنها بالفعل الآن حرة، لم تعد زوجة لبرهان، وعادت بالذاكرة كيف تعرفت عليه وكيف تزوجته؟

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق

الفصل الثالث والأربعون الأخير

  قرر اخوة علاء عدم زيارته مرة أخرى وغلق باب القرابة أمامهما، لم يفهم علاء السبب وكذا ميساء ولكنهما لم يحزنا كثيرا لأن هناك خبرا آخر جعل علا...