الثلاثاء، 24 نوفمبر 2015

توفيق -الفصل الثامن (أطياف من الماضي)

بعد أن ذاعت شهرتي في مجال فك الأعمال، قصدني الكثيرين لعمل الأعمال والأحجبة لضرر آخرين وهو ما كنت أرفضه بشدة، وتسبب ذلك لنا في مشاكل عدة قدرني الله على التصدي لها. ثم ولدت عقيلة ابنتي آمال، أسميتها آمال لتكون آمالنا جميعا في حياة في قرب الله، في حياة نزينها بالقرب منه وقراءة آياته، لتكون أمل في هداية جيل ربَّى أجيال كثيرة على الشيوعية والإلحاد.
لا أعلم إن كانت آمال ترى الجان والأطياف كما حال أسرتي، حتى وجدتها تقول لي وهي ابنة الثلاثة أعوام أنها تحب جدتها ليلى كثيرا، وأنها تريد من إدريس أن يظهر بشكل طفل ليلعب معها. كانت صدمتي كبيرة من الموهبة التي وجدت ابنتي عليها، خفت عليها كثيرا وكان لابد أن تعلم أن هذه الملكات هي هبة من الله لنا ولا يجب أن نتحدث عنها لأي شخص أيا كان.
ولدت ابنتي آمال بعد زواجي من أمها بحوالي العام حيث تزوجت عام 1958 وولدت آمال عام 1959، حزنت عليها لأني علمت أنها لن تنجب ولكني في حياتي لم أكن أعرف أنها أيضا لن تتزوج، لقد اعتقد أنها ستكون عاقرا كما كانت ليلى، ولكن لم يخطر لي على بال أن هذا الملاك لن يتزوج.
كنت أخاف أن تتوفى عقيلة بعد ولادة آمال كما يحدث دائما في عائلتي، تلك العائلة الغريبة، ولكن لم تتوف عقيلة وحمدت الله كثيرا على ذلك. لقد أحببت عقيلة وارتبط قلبي بها بشدة، ولم أكن لأحتمل ألم فقدها، كنت أخاف أن أفقدها وأتعذب لفقدها كما حدث مع جدي عثمان.
لاحظت بعد ولادة آمال بفترة أن عقيلة تتكلم أحيانا مع أحد وهي في غرفتنا أو وهي في المطبخ، في الأثناء التي لا أتواجد بجانبها، وكان ذلك يشعرني بالقلق؛ لذا قررت أن أخرج من خلوتي على حين غرة وهي تتكلم، فوجئت حيث وجدتها تتكلم مع ليلى وتتحاور معها، في أمور تخص حياتنا معا وأمور أخرى تخص آمال. أتذكر جيدا حين جاء عقيلة ألم المخاض، لقد باغتني النوم في غرفة خلوتي وكنت أغلقها من الداخل، ولم أسمع عقيلة وهي تنادي عليّ ولكني وجدت ليلى توقظني من النوم وتقول لي أن عقيلة تلد الآن، أفقت من النوم وجدتها تطلب مني أن أذهب لأحضر الطبيبة لعقيلة، لقد أتتها آلام المخاض. بالفعل لم أكن لأعرف ما أفعله، لذا عندما حددت لي ليلى مهمتي بأن أذهب لأحضر الطبيبة ففعلت، نزلت من المنزل وذهبت لوالدتها أخبرها بخبر مخاض ابنتها وأعطيتها مفتاح المنزل، وذهبت لأحضر الطبيبة.
تركت الجميع أثناء ولادة عقيلة ودخلت غرفة الخلوة أصلي وأدعو الله أن يحفظ عقيلة لي ولابنتها الوليدة، وتكلمت مع ليلى أن تطمئن على عقيلة وتخبرني، كانت ليلى تطمئنني على عقيلتي ومنية قلبي، وسألت ليلى عن علاقتها مع عقيلة
توفيق: وجدتك أكثر من مرة تتحدثين مع عقيلة، والآن وجدتك توقظيني لأنها تلد، منذ متى تراكِ عقيلة؟
ليلى: عقيلة تراني منذ دخولها هذا المنزل، بل وترى عثمان وإسماعيل أيضا
توفيق (وهو مصدوم): ماذا؟
ليلى: لقد نسيت أني قلت لك أن عقيلة كانت تراني أثناء حادثة هاني، لقد قلت لك أنها تراني حتى قبل أن أظهر لها.
توفيق: فعلا، لقد نسيت تلك الواقعة ونسيت كلامك عنها، بل انتظري أنا لم ألحظ بالفعل أنها كانت تنظر ناحيتك أثناء حديثي معك، ولم تندهش أو تسألني مع من أتكلم. كيف عرفتي أنها تراكِ؟ ومنذ متى تراكِ؟
ليلى: توفيق، من فضلك لا تقلق، عقيلة ترانا جميعا، ولا تخاف منا. عرفت ذلك منها، لقد تحدثت معها بعد حادثة هاني وكانت تحب الكلام معي، وأنا أيضا أحببتها. عرفت منها أنها ترانا منذ وطئت قدمها هذا المنزل. بل الأغرب أنها ترى شمس أيضا.
توفيق: من هي شمس؟
ليلى: شمس جدتك ووالدة جدك إسماعيل
توفيق: وكيف تعرفها؟!!! إن شمسا لم تظهر لأي شخص منذ وفاتها كما فعلتي أنتِ وأجدادي عثمان وإسماعيل، فكيف ذلك؟
ليلى: شمس ظهرت لها منذ تزوجتك وأنا رأيتها وتكلمنا سويا، وعلمت منها أن لها صلة قرابة لجدتك شمس، وذلك المشعوذ الذي تغلب عليه جدك إسماعيل.
توفيق: جدتي مهلا، ما عدت أفهم شيء
ليلى: لا وقت لذلك الآن، لقد تم مخاض زوجتك، ووضعت آمال ابنتك الآن، أخرج واطمئن عليها وتكلم مع عقيلة وهي تحكي لك كل شيء
وبالفعل خرجت ووجدت عقيلة وضعت لي آمال، ابنتي وحيدتي، وآخر نسل عائلتي. وبعد أن وضعت عقيلة وأتمت الأربعين بعد ولادتها لابنتي وحبيبة قلبي ونور حياتي، تكلمت معها عما قالته لي ليلى؛ فلم أكن أعلم أنها تقرب لجدتي شمس، معنى ذلك أن لها صلة قرابة لعائلتي وكيف هي أيضا لها صلة قرابة مع ذلك المشعوذ. عرفت أن خالة جدتي شمس رحمها الله هي زوجته وأن لها منه ولد، طلقها بعد أن عرفت عنه اشتغاله بالسحر والكفر بالله. وبالطبع لم يكن إبراهيم يعرفه لأن الطلاق تم وإبراهيم في سن صغير لا يتذكره وكانت شمس حديثة الولادة، كان يعرف أن خالته تزوجت وطلقت من زوجها ولكنه لم يكن يعرف من هو ذلك الزوج، ولم يكن ذلك المشعوذ يعرف أن زوجته تحمل في أحشائها ابنا له، لأنه لم يهتم يوما أن يسأل عنها، كما تزوجت هي بعد ولادتها لابنها من رجل آخر عرف عنه التقوى والصلاح وسعة الرزق.
علم ذلك المشعوذ قبل وفاته أن له ابنا وأن ابنه هو ابن خالة شمس والدة إسماعيل، لذا قرر قبل وفاته أن يبر بابنه ويرسل كل خدامه لإسماعيل ثم تاب وعاد إلى الله قبل وفاته بأيام قليلة، وبالطبع لم يعلم إسماعيل سبب إرسال ذلك المشعوذ لخدامه من الجان لخدمته.
كما علمت من عقيلة أيضا أنها مثلي ترى الجان والأطياف والأرواح، ولكنها لا تملك القوة التي أملكها في طرد الأرواح الشريرة وعلاج المس والأذى. كما أخبرتني أنها لم تخبر أحدا بهذه الهبة، ولكنها عرفت منذ رؤيتها لي أول مرة أني أملك هذه الهبة، ولم ترد أن تفسد عليّ خلوتي التي أردتها لنفسي.
منذ لك الوقت وبعد أن علمت بموهبة زوجتي، أصبحنا نجلس سويا مع أطياف الأجداد، وكانت شمس تظهر لنا من وقت لآخر وتسر برؤية أحفادها، ولكن لأن شمس لم تكن بقوة ليلى في الدفاع عمن تحب، آثرت أن تكون ليلى معنا دائما؛ فهي قوية دائما في حياتها وموتها.
كنت أصر أن تتعلم ابنتي كتاب الله، كنت أعلمها أن الحافظ هو الله؛ فهي ترى هؤلاء الذين يقصدون بيتنا لطلب العون أو الحماية، ولصغرها كان عليا أن أجعلها تفهم أن الحماية من الله كنت أجعلها تقرأ ما تيسر من آيات لفك سحر أو طرد روح.
طبعا كان منزلنا يحوي من الأشباح الكثير، منهم من تركه ومنهم من أصبح من التابعين ومنهم من حاول أن يؤذيني ويؤذي عائلتي بشتى الطرق، كانت بعض هذه الأشباح من سكان البيت والبعض الآخر يتركه أحد الذين يأتون لطلب العون أو المساعدة، والبعض الآخر يأتي مسلطا علينا من بعض الأفراد.
كان الله يحفظنا دائما؛ فهو حسبي ووكيلي، وهو أقرب لنا من حبل الوريد. لقد أمرنا الله بالاستعاذة به من الشيطان الرجيم فقال تعالى في سورة الأعراف (وَإِمَّا يَنْزَغَنَّكَ مِنَ الشَّيْطَانِ نَزْغٌ فَاسْتَعِذْ بِاللَّهِ إِنَّهُ سَمِيعٌ عَلِيمٌ (200) إِنَّ الَّذِينَ اتَّقَوْا إِذَا مَسَّهُمْ طَائِفٌ مِنَ الشَّيْطَانِ تَذَكَّرُوا فَإِذَا هُمْ مُبْصِرُونَ 201). لم أنس يوما هذه الآيات ولم أترك يوما الاستعاذة وكذلك علَّمت آمال.



ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق

الفصل الثالث والأربعون الأخير

  قرر اخوة علاء عدم زيارته مرة أخرى وغلق باب القرابة أمامهما، لم يفهم علاء السبب وكذا ميساء ولكنهما لم يحزنا كثيرا لأن هناك خبرا آخر جعل علا...