السبت، 14 نوفمبر 2015

إسماعيل- الفصل الرابع (أطياف من الماضي)


قبل وصول خبر وفاة عثمان لبيته، ظهرت ليلى في أحلام خوشيار ونيغار مع عثمان ليعلما منهما خبر الوفاة، وليطمئن فؤاد والدته عليه، كان ذلك العشية السابقة لوصول نبأ الوفاة. بعد أن كانت خوشيار تشعر بالقلق على ولدها لا تعلم لماذا شعرت بالاطمئنان عندما وجدت معه ليلى؟ هل ذلك لعلمها بحب ليلى له؟ هل هي بالفعل تشعر أن عثمان توفى وأنها مطمئنة لأن ليلى معه ولا تفارقه؟ شعرت خوشيار بالحيرة الشديدة والحزن لفقدان ولدها، ولكنها اطمأنت عليه، إنها تعرف الآن أنه في الحياة الأخرى ينعم بها، وإن كانت تشعر بغصة من فراقه ووفاته، ولا تعلم سر اليقين الذي تشعر به أنه توفى بالفعل وأنه بخير ما دام مع ليلى؟!
بالنسبة لنيغار لم تعتقد كثيرا في الحلم الذي شاهدته هي ووالدتها في نفس الوقت؛ فهي لم تكن تعلم أنهما شاهدتاه معا في نفس الوقت. أما شمس فقد ظهرت لها ليلى كما هي عادتها وقالت لها مباشرة أن هناك رسول سيأتي بالغد ليخبرهم بخبر سيء عن عثمان، توقعت شمس الخبر، وقالت مباشرة "هل توفى عثمان؟" أجابتها ليلى "نعم، لقد توفى عثمان منذ شهور وتحديدا عندما ظهرت لها أول مرة لتخبرها بنبأ حملها"، وهنا فهمت شمس لماذا لن يكون لها طفل آخر. طلبت شمس أن ترى عثمان وتتحدث إليه، ولكن ليلى أخبرتها أنها لابد أن تحتشم في وجوده لأنها الآن ليست زوجته، لم تستوعب شمس كثيرا ما قالته ليلى، ولكنها الآن تعلم أنها سترى هي وولدها عثمان وليلى دائما وأبدا، وعليها أن تحضر إجابة للصغير عندما يكبر ليعرف من هم.
عندما وصل الرسول للمنزل لينقل لهن لهم خبر وفاة عثمان كانت خوشيار وشمس في أتم الاستعداد لتقبل ذلك الخبر، بل قد فكرتا في التدابير التي لابد من اتخاذها حتى ينتهي العزاء. فكرت خوشيار في ذلك الوقت في التجارة المناسبة التي يمكنها القيام بها، ومن يمكنه أن يديرها ويساعدها؛ فلم تجد خيرا من إبراهيم للقيام بتلك المهمة. لم تحتج خوشيار لإعلام إبراهيم خبر وفاة عثمان؛ لقد علم بالفعل من عمله أن عثمان توفى هو والضباط الذين سافروا معه بعد غرق السفينة التي كانوا على متنها.
وصل جثمان عثمان للمحروسة، وتم الدفن وتلقي العزاء. بعد مرور الأربعين على وفاة عثمان –الذي لم يكمل عامين في المحروسة –قررت خوشيار أن تبدأ العمل على بدء تجارة تدر لهما دخلا وتكون عونا لشمس وولدها على الحياة، كما قررت أن إسماعيل لن يدخل الجيش سيكون تاجرا ولكن عليه أولا أن يتعلم في الأزهر الشريف ويحفظ القرآن كما كان والده. تحركت خوشيار على الفور وتكلمت بعد الأربعين مع إبراهيم أن يترك الخدمة في الجيش ويبدأ مراعاة شئون تجارة العائلة، ووجد إبراهيم أنه من الأفضل أن يتزوج من نيغار ليكون تواجده معهن بلا حرج، ومستمرا.
وافقت خوشيار على زواج نيغار من إبراهيم، وكان الزواج بعد مرور السنة على وفاة ولدها، وحتى تكون درست أخلاق إبراهيم جيدا في إدارة التجارة، بدأت تجارتهم كما اقترح إبراهيم في البن، وأن يشتروا أحد الأراضي لزراعتها بمحصول البن للتجارة فيه. وبالفعل بحث عن الأرض المناسبة واشتراها وبنى بها استراحة للمبيت بها ومباشرة العمل منها، وكانت في جنوب المحروسة.
وزفت نيغار على إبراهيم، وأكمل أبراهيم إدارة شئون التجارة ومراعاة المنزل؛ حيث أصبح فردا فيه. أخو شمس وزوج نيغار، وبالتالي أصبح تواجده مرغوبا، شارك هو الآخر بأمواله في التجارة ووافقت خوشيار على ذلك، وكبرت التجارة وزاد خيرها وفاض.
رزق إبراهيم بابنته خديجة بعد مرور عام على زواجه من نيغار، في تلك الفترة وحتى بدء دراستي في الأزهر، استقدم لي إبراهيم معلمين لأتعلم العربية والفرنسية والإنجليزية والقرآن الكريم والموسيقى والشعر. عندما أتممت عامي السادس كنت قد حفظت القرآن كاملا، واقتربت من حفظ الأحاديث الشريفة كاملة.



ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق

الفصل الثالث والأربعون الأخير

  قرر اخوة علاء عدم زيارته مرة أخرى وغلق باب القرابة أمامهما، لم يفهم علاء السبب وكذا ميساء ولكنهما لم يحزنا كثيرا لأن هناك خبرا آخر جعل علا...