ذهبت زهرة بعد طلاقها لشقة والدتها، التي كانت تتمنى أن تعيش بها منذ
علمت زواج عادل. ولكن كانت تشعر بالحزن لفقد طفلها. ذهبت للمدرسة بعد الطلاق
لتمارس حياتها الطبيعية، وكانت تذهب للنادي بعد المدرسة، وتقضي بقية اليوم على
الفيسبوك ومواقع التواصل الأخرى باسمها "زهرة الياسمين".
في المدرسة –وكما كانت تتوقع –بدأت المضايقات ومحاولات التودد من بعض
المدرسين صائدي المطلقات، والذين يرون المطلقة أنثى تسعى للحصول على متعتها –وبدأت
مضايقات أخرى؛ مثل، تهرب زميلاتها منها خوفا أن تخطف زهرة منهن أزواجهن. إن ما
يحدث الآن مع زهرة كانت تتوقعه؛ فهي كانت تعرف كيف ينظر المجتمع ويتعامل مع
المطلقة، دائما ما يتعامل معها على أنها جرثومة ومرض يجب القضاء عليه. وكما هي
عادة زهرة لم تكترث لكل ذلك. أما في النادي فلم يكن أحدا يعرفها أو يعرف زوجها؛
فهي لم تكن تذهب معه إلى هناك، حيث كانت دائما تذهب وحدها. وقررت زهرة أن يكون لها
معارف وأصدقاء، لابد أن تنتهي فترة الوحدة هذه.
حاولت التواجد أكثر في النادي، والاشتراك في المسابقات الثقافية
المقامة به، والذهاب للمكتبة للقراءة، كم كانت تحب القراءة –خاصة الشعر والروايات –والغريب
أن زهرة لم تشعر بالوحدة والفراغ بعد الطلاق؛ فكان وقتها مشغول دائما بالقراءة
والعمل والنادي والمسابقات والندوات. وعندما ينتهي يومها وتذهب للمنزل تفتح
الفيسبوك وتبحث عن ساقي الورد لتتحدث معه.
لم تعرف زهرة من هو ساقي الورد ولا شخصيته الحقيقية، ولا هو يعرف
شخصيتها الحقيقية ولكنها كانت تثق في آرائه، كانت تحكي له ما تمر به وينصحها بما
تفعل. ولكن المضايقات التي كانت تتعرض لها زهرة كانت كثيرة وشديدة لم تحتملها، وفي
احدى المرات وهي تتحدث معه كانت منهارة، اضطر مع انهيارها أن يحدثها صوتا لأول مرة
وطلبها على برنامج المحادثة
ساقي الورد: مالك يا زهرة الياسمين؟ في ايه؟
زهرة الياسمين
(منهارة): تعبانة مش قادرة اللي بيحصل دا كتير
قوي، دا حرام وانهارت باكية
ساقي الورد: شغلتيني ارجوكي قولي ايه اللي حصل؟
زهرة الياسمين: مش قادرة، بجد مش قادرة، كل اللي أقدر أقوله إني كرهت الناس كلها
وتعبت
ساقي الورد: بصي الحل الوحيد دلوقتي يا زهرة إنك تروحي لدكتور نفسي، لازم وضروري
زهرة الياسمين
(باندهاش وهي لا تزال تبكي): انت عرفت اسمي
منين؟
ساقي الورد: ايه دا انتي اسمك الحقيقي زهرة؟ انا قلته اختصار لزهرة الياسمين
ندمت زهرة على تسرعها في أن يعرف اسمها الحقيقي،
ولكنها قبلت فكرة أن تذهب لطبيب نفسي. إنها تعلم من داخلها أنها تحتاج من يرشدها
للطريق الذي تمشي به، لا يمكن أن يكون أحد لا يعرف عنها شيء، بل لابد أن يكون شخص
يعلم عنها كل كبيرة وصغيرة. بحثت زهرة عن أسماء الأطباء النفسيين، حتى أنها سألت
ساقي الورد إذا كان يرشح طبيب بعينه، حتى قررت الذهاب لطبيبة كانت قد قرأت لها
مقالات عدة في عدة دوريات وأعجبها أسلوبها وطريقتها في الكتابة وتشخيص الحالات
المجتمعية.
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق