الثلاثاء، 14 أبريل 2015

المتمردة -تابع الفصل الثالث


بعد أن علمت زهرة من الرسالة التي وصلت لمحمول عادل أنه متزوج، قررت أن يكون لها طفل ترعاه وتحبه وتعوض به ما فاتها من حياتها، وبالفعل منذ ثلاثة أسابيع علمت أنها حامل في شهرها الثاني وحمدت الله على ذلك ولم تقل لأحد سوى علياء زميلتها في المدرسة وطلبت منها عدم اخبار أحد، لم ترد زهرة أن يعلم عادل بحملها الآن، خافت أن يجبرها على الإجهاض لذا كتمت خبر حملها.
كما أعادت فتح شقة والدتها واشترت أثاث جديد لها واشترت رقم جديد لهاتف المحمول الخاص بها، عادل لا يعلم أن شقة والدتها مازالت موجودة فهو اعتقد أنها باعتها بعد وفاة والدتها. ولكنها بعد أن أعلنت عنها للبيع لم تستطع أن تبيع مكان حمل كل ذكرياتها؛ فتراجعت عن البيع وأغلقتها، ولم يسلها عادل ما حدث للشقة وهي لم تخبره.
ذهبت زهرة لشقة والدتها، كانت قد اكتملت الشقة من أثاث وطعام وحتى ملابسها نقلت جزء كبير منها هناك. كانت تؤهل نفسها لليوم الذي تعلم فيه خبر زواج زوجها منه هو، كانت تحلم أن تقول له أنها حامل ثم تطلب الطلاق وتتركه؛ ولكنها سرعان ما تراجعت عن هذه الخطوة، كانت تحسب لكل ما تقوله وتفعله ألف حساب -كما علمتها والدتها -وكان كبريائها يمنعها أن تبكي، أو تعترض، أو حتى تعلن خبر حملها.
قررت زهرة أن تترك المنزل لعادل ووالدته دون أن تقول له أنها ستتركه، تريده أن يبحث عنها، تريده أن يعرف إن كان حقا يريدها أم لا، ولكنها قررت أنها لا تريده. لم تحبه في يوم من الأيام وبعده عنها بعد الزواج جعلها تتيقن أنه لم يحبها قط، قد يكون أعجب بها وبأخلاقها وبمعاملتها مع الآخرين ومع أهله، ولكنه لم يحبها لذاتها. فهي متأكدة أنه إذا كان أحبها من كل قلبه –كما يدعي دائما- فكان لابد له أن يحاول أن يغيرها، أن يعلمها كيف تكون الزوجة لزوجها، وكيف تكون الانثى إذا دخلت خدرها. كان ما يجمعها به الزواج والعشرة، أما الآن فما يجمعها به جنين في أحشائها، لن تخاف أن يعرف الآن بحملها في قاربت على إنهاء الشهر الثالث.
فتحت زهرة منزل والدتها ودلفت لغرفتها وهي مازالت تبكي، حتى أحست بألم في أسفل بطنها فهاتفت طبيبتها وأخبرتها بما تشعر به وطلبت منها الطبيبة تناول بعض الأدوية مع الراحة وعدم الانفعال واستمعت لكلامها ووجدت نفسها دون أن تشعر تكلم جنينها
-         حبيبي معلش حقك عليا غصب عني زعلت واتضايقت، أنا آسفة أوعدك ح آخد بالي منك أكتر من كده معلش سامحني
لم تدر لما كلمته ؟ وكيف قامت بذلك –رغم علمها أنه لم يصل لعُمر يسمعها أو حتى يشعر بها؟ ولكنها تشعر أنه يشعر بها وبكل ما تشعر به، أرادت أن تجعله مطمئنا لرغبتها فيه وفي خروجه للحياة. وقررت أنها ستطلب الطلاق من عادل؛ لأنه لا يستحق أن يعيش معها ولا يستحق أن تكون هي زوجته، فلينعم بزوجته الأخرى وحملها. ثم نامت براحة لم تشعر بها منذ غادرت هذا المنزل لمنزل زوجها.

أما عادل فكان الذهول هو المسيطر عليه، مع من كان يتحدث؟! أهذه هي زهرة التي يعرفها؟! كلا، ليست هي. إنها شخصية أخرى قوية صلبة لم يعرفها من قبل، بل وتأخذ قراراتها دون نقاش معه، لقد تركته بعد أن طلب منها أن تأخذ اليوم إجازة من المدرسة ومع ذلك خرجت، وهنا توقف عادل مع نفسه، كيف لم يلحظ ذلك!!!
لقد تغيرت طريقة ارتداء زهرة لملابسها وتغيرت ألوانها، إنها اشترت ملابس جديدة وذات ألوان زاهية غير هذه التي كان يشتريها لها، لقد كان يشتري لها الألوان الداكنة والتي كان يشعر أنها تصلح لوالدته أو لسيدة مسنة لأنه كان يشعر أن زهرة كذلك حوهي كانت ترتديها دون نقاش. كيف لم يلحظ أن زهرة لها ما يزيد عن أربعة أشهر تغيرت فيها طبيعة ملابسها وألوانها، إنها ترتدي ملابس زاهية الألوان ملابس تصلح لفتاة في مقتبل العمر في بداية عقدها الثاني، وليس ما كان يختاره لها.
بل كيف لم يلحظ أن زهرة لها ما يزيد عن الأربعة أشهر لا تأكل معه، إذن هي علمت بأمر زواجه منذ ذلك الوقت. ولكن ما كان يحيره هو لماذا صمتت ولم تتكلم؟ لما هذا الصمت المطبق؟ وكيف لم يلحظ هو التغير؟ أنه يعرف أنه يحبها ولكن كيف إذا كان يحبها لم يلحظ تغيرها؟ لقد صدم من الحقيقة؛ إنه لم يحب زهرة ولكن كان منجذبا إليها، ثم -حفظا لقسمه لوالدتها –أكمل حياته معها، لولا ذلك لكان طلقها منذ أمد بعيد.
صدم عادل من تلك الحقيقة، كانت صدمة قاسية أحس بها، لم يخطر على باله ولو للحظة أنه ما عاد يحب زهرة، أيمكن أن يكون ذلك بسبب برودة مشاعرها؟ لقد أبقى عليها لأنها لم تتذمر من خدمته وخدمة والدته، ولم تطالبه يوما بخروج، أو بتواجده معها. حتى عندما كان يتأخر خارج المنزل، أو يبيت لم تتذمر ولم تعلن تضايقها.
لم يعلم عادل أنه مع كل يوم كان يمر عليه وعلى زواجه من زهرة كان يقتل فيها شيئا ما، رغم أن زهرة لم تكن تحبه؛ فهي تزوجته وتركت نفسها لتحبه وتتعايش مع طباعه، ولكنه لم يعطها الفرصة أو يعلمها كيف يجب أن تكون. كان كثيرا ما يعنفها، ويتعامل معها على أنها سيدة مسنة لا تصلح سوى للمنزل، ولا تصلح لتكون أم أولاده؛ وهي -رغم عدم اعتراضها –منعها كبريائها من الاعتراف بحقيقة أنه ما عاد يرى فيها الانثى المرغوبة.

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق

الفصل الثالث والأربعون الأخير

  قرر اخوة علاء عدم زيارته مرة أخرى وغلق باب القرابة أمامهما، لم يفهم علاء السبب وكذا ميساء ولكنهما لم يحزنا كثيرا لأن هناك خبرا آخر جعل علا...