كانت تقضي زهرة معظم وقتها بعد عودتها من عملها في حجرتها، فهي تأتي
من العمل تتأكد من أن والدة زوجها تناولت أدويتها وطعامها، وتدخل حجرتها تعد دروس
اليوم التالي، ثم تراجع على حفظها من القرآن، وبعد ذلك تفتح اللاب الخاص بها تتصفح
الأخبار وتدخل على حسابها على مواقع التواصل الاجتماعي.
كانت تشعر بوحدتها تزداد يوما بعد يوم، لم تكن تعرف السبب ولم تفكر أو
تشغل نفسها يوما بالبحث عن سبب ذلك. كانت كثيرا ما تقف أمام المرآة تنظر لوجهها
وجسدها. وتتساءل أليست جميلة، أبها عيب ما يبعد عنها زوجها، ثم تضع مساحيق التجميل
وتتأمل نفسها وتنتظر وتنتظر رجوع زوجها من الدروس حتى تيأس من رجوعه فتخلد للنوم.
لم تشعر يوما وهي بين يديه أنها أرتوت منه وانتهت ولكنها كانت تخجل أن
تصرح بذلك له، كانت تشتاق لكلمة غزل تصف جمالها، تشتاق لنظرة حانية منه ولكنها
تخجل أن تعلن عن ذلك، تتمنى أن يحتضنها لتذوب فيه عشقا ولكن تخاف أن يسيء الظن
بها.
كانت أحيانا تسأل نفسها عن سبب انشغاله الدائم عنها، عن سبب عزوفه
عنها وعن ممارسة الحب معها، أهو الملل؟ ولكن أي ملل وهي لم يمض على زواجها أربعة
أعوام. بعد زواجها بشهر واحد بدأ عادل مشوار البحث عن الدروس حتى يوفر لها الحياة الكريمة
التي تليق بها. ولكن منذ أول يوم وهي تشعر أنه عندما أنهى رغبته أصبح شخصا آخر،
ولم تدر ما السبب ولكنها خجلت من أن تحادثه.
لا تنسى زهرة ذلك اليوم، منذ ما يقارب الأربعة أشهر تقريبا، الذي كانت
تفتح فيه هاتف زوجها –عندما فتحته على أنه هاتفها على سبيل الخطأ –ووجدت هذه
الرسالة
" عادل حبيبي اسفة مش ح ينفع تيجي النهاردة أنا مشغولة
جدا"
كانت هذه الرسالة من نمرة دون اسم، لم تجد الجرأة التي تجعلها تسأله
عن صاحبة الرسالة ولا معنى هذه الجملة، أكانت خائفة من الحقيقة، هي تعلم أنه لن
يخونها ولكن قد يتزوج عليها، ولكن جل ما كان يشغلها هو لماذا؟
ولكنها تعي أنها منذ ذلك الشهر وهي أصبحت زهرة أخرى غير التي تعرفها،
كثر ذهابها للنادي، فأصبحت تذهب يوميا للنادي تجري حتى تنهك قواها، ثم تذهب للمنزل
تقوم بطقوسها المعتادة، حتى إيقاظ زوجها ليتناول طعامه معها صباحا والنزول للعمل.
وفي احدى المرات أثناء تصفح موقع الفيسبوك وجدت مجموعة تسمى
"نساء حائرات" جذبها اسم المجموعة وقررت الانضمام لها، ومنذ ذلك الحين
وهي تتابع المجموعة وجدت مشكلة تشبه مشكلتها وتابعت الموضوع بشغف حاد، ولأول مرة
قررت أن تشارك فكتبت
" أول مرة أشارك في حياتي في موضوع منشور ولكني عندي
نفس المشكلة وقررت أن أرد على الخيانة بالخيانة، انتظر أرائككم"
لم تكن تريد حقا أن تكتب ما كتبته، ولكنها لم تعلم أن ذلك كان بداية
تمرد الأنثى بداخلها على أوضاع تنتهك أنوثتها، الأنثى بداخلها أعلنت التمرد
والعصيان –حتى التمرد على زهرة نفسها. كانت تلتمس آلاف الأعذار له في غدره بها،
ليس حبًا ولكن حفاظًا على كبريائها.
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق