لم يذهب عادل إلى عمله في ذلك اليوم وقرر أن زهرة يجب أن تعلم أنه
متزوج منذ عام ونصف وأن زوجته حامل في شهرها الخامس
عادل: زهرة أنا
أجازة من المدرسة النهاردة، يا ريت انتي كمان تاخدي أجازة
زهرة:
يااااااااااااااه، غريبة يا عادل أول مرة من أكتر من سنتين تاخد اجازة انت عيان؟
عادل: هو أنا لازم
أبقى عيان عشان آخد أجازة؟ عايز أقعد معاكي شوية
زهرة (متوجسة من عادل وما يريد أن يقوله): حاضر ح أكلم المدرسة وأطلب أجازة مفيش مشكلة خير
عادل: خير ايه،
بقولك ح نقعد سوا
زهرة: اصلك مش بتعمل
كده الا لما تكون عايز تقول حاجة، اخر مرة عملتها كنت بتقولي بلاش حمل واطفال
وخلينا نبني مستقبلنا، النهاردة ح تقول ايه
عادل (وقد شعر أن زهرة تعرف شيئا ما): من امتى يا زهرة بتسألي، مش عادتك
زهرة: ابدا بس حبيت
اعرف، وبعدين أنا قلت لك حاضر ح آخد الأجازة
عادل: ايه رأيك نخرج
النهاردة سوا نروح النادي؟
زهرة (وقد أرادت أن تنهي حيرته): انت اتجوزت من امتى يا عادل؟
عادل (شعر بصدمة من معرفتها ولكنه أراد إنهاء الموضوع): من سنة ونص لكن انتي عرفتي ازاي؟
زهرة (بدون أي رد فعل كما هي عادتها): جت لك رسالة افتكرته موبايلي شفتها عرفت إنك اتجوزت، عارفة إنك ما
لكش في المشي البطال
عادل(بعصبية): وسكتي هو أنا
مش فارق معاكي للدرجة دي، عموما أنا قلت لك لأنها حامل في الشهر الخامس
زهرة (صدمها خبر الحمل ولكنها لم تبد ذلك): بجد مبروك، اعتقد مفيش لزوم للأجازة، أنت فطرت الحمد لله، أنا نازلة
رايحة المدرسة وبعد المدرسة رايحة النادي
كان رد فعل زهرة مفاجئ تماما لعادل، أن تعرف أنه متزوج ولا تتكلم ولا
يظهر منها تلميح وحتى خبر حمل زوجته لم تبد له أي رد فعل، أي جماد هي!!! جالت
بخاطره الكثير من الأفكار عن برودتها في استقبال الخبر، أيجب عليه أن يفرح أم يغضب؟!
ظل عادل جالسا على مقعده لا يبارحه حتى ارتدت زهرة ملابسها وأخذت
مفاتيح سيارتها دون أن تنطق بكلمة واحدة، دخلت لتلقي التحية على والدته وتنظر
طلباتها –كأن عادل لم يقل للتو أي شيء –ونزلت للمدرسة.
وبمجرد أن ركبت زهرة السيارة أحست فياضا وشلالات من الدموع تريد أن
تغادر عينيها وتنهمر على وجهها، كم عانت حتى لا تظهر عليها أية تعبيرات، كم عانت
حتى لا تغضب وتلقي بكل ما أمامها في وجهه. ولكنها دائما تعودت أن تكبت مشاعرها ولا
تظهرها لأحد، تعودت أن تتألم في صمت، دون أن يعلم أحد.
كانت زهرة على يقين من أن لا أحد يهتم بها ويهتم لمشاعرها، آخر من كان
يهتم بها حقا كان والدها ثم توفى، أما والدتها فكانت تحبها، ولكن لم تكن والدتها
تعير مشاعرها اهتماما ولا تعيرها أي اهتمام لتوضح سبب اختيارها، ولكن زهرة كانت
على يقين من أن والدتها تعرف الأفضل لها. حتى عندما تقدم عادل لخطبتها لم تكن
تعرفه، ولكن والدتها نصحتها وقالت لها أنه يحبها وأنها بخبرة الأم علمت ذلك، لذا
فهو أفضل من تقدم لها، فتزوجته.
لم يساعدها عادل أن تشعر بقربها منه، ولم يبذل أي مجهود ليقترب منها.
وهي أيضا تعرف أنها لم تبذل مجهود لتقترب منه ولكنها تعاملت كما أخبرتها والدتها،
الطاعة المطلقة للزوج لأنه هو المسئول عن كل شيء وحب أهله لأنهم جزء منه وهم من
سيكون لها سند إذا هو أخطأ في حقها.
ظلت زهرة على حالها في السيارة فترة طويلة لم تدركها حتى وجدت هاتفها
المحمول يطلق نغمته المعتادة، إنها علياء زميلتها في المدرسة، وفوجئت أن الساعة
تجاوزت العاشرة؛ بما يعني أنها ظلت هكذا ثلاث ساعات متواصلة لم تشعر كيف مرت عليها
وهي في السيارة تبكي، ردت على هاتفها واعتذرت عن الذهاب للمدرسة وطلبت منها أن
تقدم لها أجازة مرضية لمدة أسبوع بسبب متاعب الحمل وأعطتها رقم هاتف آخر لأنها
ستغلق ذلك الخط.
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق