الخميس، 3 سبتمبر 2015

الفصل الرابع عشر (لست عاهرة)

سافر الجميع للقاهرة، عندما وصلوا كان عادل في المستشفى، لم يتوف ولكنه أصيب بطلق ناري في الصدر، كاد أن يدخل قلبه مباشرة ولكنه استقر قرب الرئة، ذهبت علياء له مع والدها وأخيها وابن عمها وطلبت أن تظل معه ترعاه. نقلته سيارة الإسعاف التي طلبها أمين الفراش لمستشفى حكومي، لم يعرف أمين كيف يتصرف أين يذهب به ولأي مستشفى.
طلب عبد الخالق نقل عادل من المستشفى الحكومي لمستشفى خاص كبيرة، وبالفعل نقلته عربة الإسعاف، واهتمت الشرطة بالبحث عن الجاني، استخدم عبد الخالق نفوذه، فمنذ أصبح عضوا بمجلس الشعب وعضوا في الحزب الوطني، يفتح أمامه كافة الأبواب المؤصدة وتصبح رغباته أوامر لغيره.
ظلت علياء في غرفة عادل ولم تتركه، ورغم قول الأطباء أنه أجرى العملية وأمامه وقت طويل ليفيق من آثار البنج، وأنه لن يكون قادراً على الكلام، وأن وجودها لا فائدة منه، لم تهتم بما قالوا وأصرت على المكوث بجانبه.
ذهب محمد ومأمون مع عبد الخالق لقسم الشرطة لكي يعرفوا ما حدث تحديدا، وظلت علياء مع عادل، رغم تعبها ورغبتها في النوم بسبب السفر الطويل والخوف والقلق عما أصابه، لم تستطع أن تغلق جفنها وعندما حاولت سمعت صوت عادل يتحدث، لم تتبين ما يقوله، ولكنها حاولت جاهدة الاقتراب منه وسماع ما يقول، وجدت كلمات قصيرة "علياء، أحبك، أنت من أجبرني على أن أفعل ما أفعله، لا تتركيني، علياء" أدركت علياء من هيئة عادل أنه مازال في مرحلة البنج وأنه مازال لا يدري ما يقوله، ولكنها كانت مخطئة في ذلك.
فعندما بدأ عادل يسترد وعيه لم يتوقع أن يجد علياء جانبه، وجدها متعبة باكية، تستجديه أن يعيش ظنا منها أنه لا يشعر بها، وقالت له:
"مازالت أحبك يا عادل، لم يتوقف قلبي عن حبك حتى بعد ما قلته لي، كيف أجعلك تصدق أني لست عاهرة أو ساقطة، لست كالنساء الذين تلقي بهن وتفعل معهن ما تفعل، أخاف الله وأراعي حدوده لأنه موجود ويراني أينما كنت، لا أهل ولا رقابة تجعلني أبتعد عن الحرام، فقط خوفي من الله. كنت أظن أنني كرهتك ولم يعد هناك مكان في قلبي لك، لقد أكثرت من إهانتي رغم عدم إهانتي لك، أهنتني في كل مرة تسافر فيها وتعود وأنت تعرف أنك تحمل بقايا خطاياك على ملابسك جراء مغامراتك العاطفية، لم تكلف نفسك حتى عناء إخفاء ما قمت به، أعلم نظرة استمتاعك بإهانتي، لذلك تظاهرت بعد الاهتمام، تركت لك الغرفة ونمت في غرفة عمتي بعد وفاتها، ولكنك لم تكترث حتى أن تسألني لما تركت غرفتنا. كنت أخدمك بحب بعد الوعكة الصحية التي ألمت بك في أول زواجنا، وكنت تقابل ذلك بالإهانة، وتحملت بسبب حالتك الصحية، أصبحت تعيب عدم حملي رغم مرور فترة طويلة على زواجنا، ولكن هل كنت ستشعر بالسعادة إذا أنا حملت؟؟!! لقد اعتقدت أن حبك ذبل في قلبي ومات، ولكن كل الحب ظهر مرة أخرى حين سمعت صوتك يستنجد بي ويستغيث، لقد اتصلت بي أنا ولم تتصل بغيري، كم شعرت بأهميتي عندك في تلك اللحظة، لم أكن أدري ماذا أفعل، أعانني محمد ووالدي على التفكير والتصرف، لذا لن أتركك حتى تعود لك صحتك، وبعد ذلك لأتحمل منك ما تفعله، أحبك يا عادل ولكنك لا تفهم، أرجوك أن تعيش، أن تتمسك بحياتك، فأنا لا أستطيع أن أتخيل حياتي بدونك حتى وإن كنت تعاملني بهذه القسوة، آآآآآآآآآآآآآآآآآآه يا عادل يا من أحببتك قدر ما كرهتك، ولكن للأسف اكتشفت الآن أني لم أكرهك أبدا". كان عادل يشعر بما حوله؛ شعر بها بجانبه، وسمعها وسمع كل ما قالته هذه المرة. رغم توقعه أنها أول من سيفرح بخبر وفاته، ولكنه فوجئ بوجودها وكلامها له. استمع لكل ما قالته علياء، ولكنه غير قادر على الكلام أو حتى الحركة، كان يرد في كلمات متفرقة لتظنه نائما، كم سعد بكلامها معه وهي تعلم أنه فاقد الوعي، كان يتوقع أن تسبه، تحاول النيل منه، تعترف له بخطيئة ارتكبتها، ولكنها لم تفعل، أعلنت عن حبها له رغم قسوته معها، وكانت تطلب منه أن يعيش حتى وإن لم يتغير معها، فرد عليها بكلماته المقتضبة.
عندما سمعت علياء صوته، لم تستطع أن تحبس دموعها فأطلقت لها العنان، لا أحد في الغرفة ولا أحد يسمعها أو يراها، فرحت لأنه بدأ يتكلم، بدأت تدب فيه الروح ثانية، فرحت لأنه حتى وهو في غائب عن الوعي بسبب المخدر والعملية يذكرها، ويعتذر.
نامت علياء وهي جالسة على الكرسي بجانب فراشه، واستيقظت فزعة عندما وجدته يحاول إيقاظها، "عادل، ءأنت بخير، أتشعر بخطب ما" عندما وجدها جزعت كذلك أمسك على يديها أن اطمئني، وحاول أن يبتسم، حتى هدأت لتعرف ما يريد، ضغطت على زر استدعاء الممرضات وجاءت الممرضة لتطمئن عليه وعندما أفاق ذهبت الممرضة لتستدعي الطبيب للكشف عليه والاطمئنان على صحته. اتصلت علياء بوالدها لتطمئنه وتقول له أن عادل أفاق وتسأله عما توصل إليه، وقال لها أنه هو محمد ومأمون في الطريق للمستشفى.
عندما وجدت علياء أن عادل استرد وعيه ولكنه مازال غير قادر على الحركة أو الكلام، لم تعد تتحدث إليه، في حبها له، عادت لما كانت عليه قبل الحادثة، وجه بلا تعبير، فهم عادل أنه هو من تسبب في ذلك الأمر، لو كان عاملها بالحسنى، وحاول أن يتقرب إليها لكانوا في أفضل حال، ولكنه متعب ولا يستطيع أي شيء الآن.
جاء عبد الخالق ومحمد ومأمون واطمئنوا على عادل، وطلبت الشرطة التحدث مع عادل للوصول للجاني.
لم ير عادل وجه الجاني، لقد كان يخفي وجهه بقناع ويرتدي القفازات، عندما ذهب ليفتح الباب ليذهب إلى عمله وجد أمامه شخص لم يتحدث فقط وجه له المسدس وأطلقه، عندما وجد عادل المسدس مشهر في وجهه حاول الجري والهرب والابتعاد عن المسدس خاصة أن الرصاصة قد أطلقت بالفعل، جرى الجاني بمجرد أن رأى إصابة عادل وظن أنه قتله، أخرج عادل أثناء محاولته الابتعاد عن المسدس هاتفه ليستغيث، ولا يدري لما اتصل من هاتفه على رقم علياء ليستنجد بها بعد أن استقرت الرصاصة في صدره، لم يعد يستطيع الكلام فأغلق الهاتف ولم يشعر بشيء آخر.

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق

الفصل الثالث والأربعون الأخير

  قرر اخوة علاء عدم زيارته مرة أخرى وغلق باب القرابة أمامهما، لم يفهم علاء السبب وكذا ميساء ولكنهما لم يحزنا كثيرا لأن هناك خبرا آخر جعل علا...