الخميس، 7 أكتوبر 2021

الفصل الرابع


 انقضى التدريب العملي الخاص بكل من فريدة وعلاء، وطلب كل منهما أجازه من العمل لمدة ثلاثة أيام سافرا فيها إلى الإسكندرية لقضاء أيام العسل الخاصة بهما، ونزلا في أحد الفنادق المعقولة في عروس البحر.

في اول يوم لهما كزوجين بمجرد دخولهما غرفتهما

-         مبروك يا فريدة

-         مبروك يا علاء

-         بحبك جدا ونفسي اعوضك عن كل حاجة وحشة شوفتيها في حياتك

-         احنا الاتنين بنعوض بعض عن كل اللي شوفناه في حياتنا

-         اوعدك أكون سندك وضهرك وحماك من الدنيا وقسوتها

-         وانا اوعدك ح احبك واكون عون ليك على قسوة الدنيا وغدرها وعمري ما اغدر بيك

واحتضن كل منهما الآخر بمشاعر متباينة بين الحب والامتنان، حب ومشاعر امتزج فيها الحب بالأحضان التي بدأت كأنها لحظات يخطفانها من الزمن وتطورت الاحضان حتى انتهت على فراش الزوجية.

في صباح اليوم التالي

-         صباح الخير يا عروسة

-         صباح الخير يا عمري

-         يا ايه؟ قوليها تاني

-         ما تكسفنيش بقى يا علاء

-         وحياتي عندك قوليها تاني مرة واحدة بس

-         صباح الخير

-         يا ايه؟

-         يا عمري

-         الله، اوعدك أكون احلى عُمر تعشيه يا قلبي، والله لأعوضك عن كل يوم وحش مر في حياتك وان كل يوم جاي ح يكون اسعد يوم في حياتك

-         بجد يا علاء

-         بجد يا قلب علاء

إن علاء أحب فريدة منذ أول لحظة شاهدها بها في المدرسة وهم أطفال، شعر أنها هي من تكمل حياته لم يفهم ذلك حينها، كل ما كان يعرفه أنها كل ما له في هذه الدنيا، أنها حب عمره الضائع وتعويض الدنيا له. كم غضب عندما علم ما فعله محمد بها، كم كان يريد أن يقتله على كل لحظة اغتصب فيها براءتها، على كل دمعة فرت من عينها بعد كل مرة ينتهكها فيها، لم يشعر بذات المشاعر مع ميساء ولم يشعر بذات الكره عندما اغتصبه هو، شعر بكل ذلك الكره عندما اغتصب فريدة فقط، كره محمد وتمنى قتله، ولكن أنى له ذلك وهو مازال طفل صغير، خاف بعد أن انتهت المرحلة الابتدائية ألا يرى فريدة مرة أخرى، لذا كان يصر أن يذهب إلى حيث دار الايتام التي هي بها وينتظرها حتى تخرج في طريقها إلى المدرسة ليتحدث معها ويطمئن عليها. كم غضب من مشرفة الدار المدعوة ولاء لما أثارته من حزن في عين فريدة، كم كرهها وتمنى قتلها هي الأخرى لانها لم تكن السند الذي تحتاج إليه معشوقته. لقد علم أنه يحبها وهو في المرحلة الإعدادية، ولكنه لم يعلن عن تلك المشاعر خوفا من فقد فريدة، يعلم أن ما فعله محمد بها جعلها تكره الرجال، وهي لا تراه مثل الرجال تراه أخيها وسندها وقرر أن يظل سندها حتى يشاء الله أن يجمعهما في زواج يربطهما معا.

وظلت علاقة الثلاثة معا حتى انتهت الثانوية العامة، كم فرح من فكرة ميساء بالزواج من فريدة، حتى لو كان زواجا صوريا، حتى لو كان مجرد حبر على ورق، كم فرح من اقتران اسمه بها، لقد قرر أن يدخل كلية التربية التي التحقت بها ليكون معها بالقرب منها، كم يحبها ويتمنى أن يصارحها بحبه لها ولكن يخاف، يخاف أن يخسرها إلى الابد فقرر الانتظار حتى يقضي الله امرا كان مفعولا.

وها هي الان في أحضانه، زوجة فعليه له، يحبها وتحبه، كم كانت كلماتها حلوة على مسامعه، لكنه مازال خائفا، لم تنم فريدة في تلك الليلة بعد أن قضى منها وطرا، لقد ظلت الكوابيس تطاردها ولم يعرف كيف يخفف ذلك عنها، لذا قرر إن استمرت الكوابيس معها أن يذهب إلى معالج نفسي كي يعالجها من آثار صدمة الاغتصاب، فهو رجل ناضج ويعلم أن ما مر كل منهما به صعب على بشر أن يمر به ويخرج سليما معافا كأن شيئا لم يكن، لذا قرر أن يذهب بكلا من ميساء وفريدة إلى معالجة نفسية لكي يتخطى ثلاثتهم آثار تلك الحادثة البشعة التي مروا بها.

وبالفعل في اليوم الثاني والثالث أيضا لم تنم فريدة من جراء الكوابيس التي تطاردها، لم تحك أي شيء عنها ولكنه يخاف عليها كثيرا لذا تكلم معها عن ضرورة الذهاب لمعالجة نفسية

-         فريدة احنا لازم نروح لدكتور نفسي

-         ليه احنا مش محتاجين دا

-         لا يا فريدة محتاجينه احنا التلاتة جدا، اللي حصل لنا مكانش قليل ولا سهل، انتي مش بتنامي من ساعة ما لمستك، رغم انك مش بتعترضي وانتي صاحية لكن صراخك وانتي نايمة بيقتلني، أنا خايف عليكي

-         مفيش تلاقي شوية كوابيس عادي

-         لا يا فريدة مش كوابيس، انتي بتصرخي وتضربي جامد، أنا بحبك وخايف تكرهيني

-         عمري ما ح اكرهك يا علاء، لأنك حبيبي وحنين عليا وما أخدتش حاجة مني غصب

-         بس دا ما يمنعش اننا ان شاء الله بكرة لما ننزل القاهرة ح ندور على دكتورة كويسة نروح لها احنا التلاتة مع بعض احنا التلاتة محتاجين دا

وبالفعل عندما سافرا إلى القاهرة مرة أخرى بحث علاء عن طبيبة نفسية لكي تتابع علاج ثلاثتهم، ولكن كانت المفاجأة عندما عادوا من السفر أن وجد علاء وفريدة غرفة علاء أصبحت غرفة مشتركة لهما وبها فراش كبير ودولاب كبير به ملابس كلاهما، ووجد عشاء كبير محضر على الطاولة وكانت ميساء لا تزال في غرفتها، تفكر في حالها وحال فريدة، كم تمنت ميساء أن يحبها علاء، لكنه لم يفعل سوى أن أحب فريدة، أرادت أن تنساه عندما أعلن لها عادل عن حبه لها، لكنها وجدته نذلا آخر يطمع في شرفها، لن تخون صديقة عمرها واختها التي لم تعرف من الدنيا غيرها، سوف تنسى علاء، لذا قامت بشراء سرير كبير ودولاب كبير ونقلت به ملابس فريدة وباعت السرير الثاني في غرفتها لم تعد بحاجة له، كم تمنت أن تظل زوجة لعلاء حتى لو على الورق فقط، إنها تعشق الثرى الذي يلمسه، ولكن لا مجال لذلك الآن، يجب وأد ذلك الحب. تبا لهذا الحب من طرف واحد، لقد أحب هو فريدة، التي أحبت مدرسها الذي لم يشعر بها.

غريبة هذه الدنيا، كل شخص تمنى شيء لم يحصل عليه، بل حصل على عذاب من نوع جديد، هي تعلم أن فريدة ما تزال تحب محمود، حتى وإن أنكرت ذلك، ترى في عينيها حب محمود، ولكنها تعرف أن علاء هو الحب الوحيد المتاح لها، لذا قررت أن تعطيه قلبها، أو على الأقل أن تحاول أن تعطيه قلبها، الوحيد الرابح من تلك الحالة هو علاء الذي أخيرا تزوج من حب حياته من فريدة التي لا طالما حلم بها.

كانت ميساء تبكي بصمت ودون دموع كما تعودت، كانت تنزف مشاعرها التي لا سبيل لخروجها، كم تمنت أن تصارح علاء بمشاعرها، ولكنها تعلم أنها إن هي فعلت ذلك خسرت كلا من علاء وفريدة، وهي تريد الاحتفاظ بكليهما.

عندما شعرت بدخول علاء وفريدة قررت رسم ابتسامة على وجهها، ابتسامة لا طالما نجحت في رسمها حتى وهي تبكي دما، وضعت ابتسامتها وخرجت لهما:

-         اهلا بالعرسان

-         اهلا بيكي يا حبي، واحتضنتها فريدة

-         كل دا عملتيه

-         طبعا دا اقل واجب للعرسان، وبعدين انتي يا ست فريدة خلاص مالكيش مكان معايا في الاوضة بتاعتي دي اوضتي لوحدي من هنا ورايح انتي مع جوزك

-         طب وجوزها مالهوش راي

-         لا يا سيدي مالهوش راي معندناش رجالة يبقى لها راي انت تنفذ بس

وضحكوا جميعا، ولا احد منهما يدري ببكاء ميساء الصامت، ولا بجرحها الغائر الذي لا تريد اظهاره واكملت ميساء

-         بص بقى أنا كده عايزة اتطلق بقى ما بحبش يبقى لي ضرة

-         علاء بغضب: انتي بتقولي ايه

-         فريدة بدهشة: انتي اتجننتي يا ميساء، ازاي تطلقي

-         زي الناس، انتم الاتنين اتجوزتم خلاص، وأنا قاعدة على قلبكم برضه، الناس فاهمين اننا احنا الاتنين متجوزينك ودا كان المطلوب دلوقتي بقى من حقي اشوف حظي وادينا مع بعض

-         انا اسف يا ميساء مش ح اطلقك الا إذا كان فيه حد مناسب ليكي غير كده انتي مراتي برضه ولا ايه يا فريدة

-         طبعا يا علاء، وبعدين الفكرة المجنونة دي مش كانت فكرتك انتي، ايه اللي حصل بقى غير دا

-         اللي حصل انكم بتحبوا بعض واتجوزتم وخلاص اننا يبقى معانا راجل موجودة وكمان اني ابقى مطلقة وبالتالي عادي ما ابقاش عذراء برضه موجود ايه بقى هو تلاكيك ولا انتم مش قادرين تستغنوا عني

-         نستغنى عنك؟ قصدك ايه

-         قصدي اني ما ينفعش ابقى ضرتك يا فريدك ولا ابقى مراتك خلاص يا علاء

-         ابدا مش ح يحصل يا ميساء غير لو لقيتي الشخص المناسب ليكي ولو دا ما حصلش ح اتجوزك بجد انتي كمان

-         بطل هزار يا علاء فريدة تصدقك

-         أنا كمان مع علاء يا ميساء

-         بطلوا هزار انتم الاتنين ازاي دا؟

-         زي الناس ولو تحبي ادخل بيكي دلوقتي كمان

-         بطل هزار يا علاء مش عايزة اخسر حد منكم انتم الاتنين، انتم اخواتي ح تفضلوا اخواتي

يبقى تبطلي هبل، وورينا عملة ايه للعشا احنا ح نموت من الجوع

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق

الفصل الثالث والأربعون الأخير

  قرر اخوة علاء عدم زيارته مرة أخرى وغلق باب القرابة أمامهما، لم يفهم علاء السبب وكذا ميساء ولكنهما لم يحزنا كثيرا لأن هناك خبرا آخر جعل علا...