الاثنين، 4 أكتوبر 2021

الحب التائه الفصل الأول

 


وقفت فريدة في النافذة شاردة الذهن وقالت في نفسها: "ما هذا الذي اشعر به، شعور غريب مازلت لا اعلم ماهيته، أهو الحب الذي أبحث عنه؟ أم هو الكره الذي يسيطر على نفسي؟ لا أدري، ولكنه شعور غريب ما بين الحنين إلى ماض حزين لا أجد فيه سوى شعاع بسيط من النور والحب لا ينير دربي وذكرى جميلة تحلق بي في سماء الحب، بعد مرور كل تلك السنوات التي قاربت على العشرين عام أو يزيد مازلت أتذكر ملامحه وطريقة كلامه وكيف كان يرتدي ملابسه وكيف كان يفكر. يا الله، ساعدني كي أتخلص من ذلك الشعور والرغبة في لقائه، أعتقد أنه نسى وجودي ولم يعد يتذكرني، فكيف السبيل إلى نسيان ذكرى تؤرق نومي وتقض عليّ مضجعي. أبحث عنه في وجوه المارة وفي مواقع التواصل الاجتماعي مازلت أبحث عنه بلا فائدة، ولكن تؤرقني فكرة أخرى، ماذا سيفعل عندما يراني؟ هل سيتذكر تلك الفتاة الذكية الماهرة في مادته، تلك الفتاة المتفوقة في صفها؟ هل كنت له مجرد تلك الفتاة المتفوقة التي تحتاج الدعم من مدرس رأى فيها نبوغ في مادته فأراد أن يدعمها ويترك بصمته في حياتها الدراسية؟ أم أنه أحبني كما أحببته؟ نعم لقد أحببته كما لم أحب أحدا في حياتي؟ ولكن مهلا، هل أنا فعلا أحببته أم أنه كان بصيص نور أنار لي جزء من حياتي؟ لقد كانت حياتي حزينة كئيبة مليئة بالكبت والحزن والانهيار وكان هو بصيص الأمل الذي أنار لي بعض دربي".

تركت فريدة النافذة التي كانت تقف بها باحثة عنه في وجوه المارة وعاد بها الزمن إلى الوراء قبل أن تراه. هي فريدة محمود علي هكذا كتب اسمها في دار الايتام التي تربت بها، إن هذا الاسم هو كل ما تعرفه عن نفسها، لقد حولت من قسم الشرطة إلى دار الايتام وكان عمرها وقتئذ أيام بعدما وجدها أحد المارة تحت إطار احدى السيارات في الطريق، قالوا لها أن أحد المارة سمع صوت بكاء طفل صغير يأتي من تحت احدى السيارات فأبلغ الشرطة التي حررت محضرا بالواقعة وحولتها إلى دار الايتام. كم كانت تتمنى لو أنه لم يسمعها ودهستها إطارات تلك السيارة، لقد أخذت وصمتها التي مازالت تطالها حتى الآن "ابنة حرام"، لقد جاءت إلى تلك الحياة كثمرة محرمة نتيجة لقاء محرم وها هي تحمل ذنب لا ناقة لها فيه ولا جمل، تحمل خطأ سيدة عالجت خطيئة ارتكبتها بجريمة أقبح منها وحملت وزرها معها ليظل حيا ما حيت هي. مازالت تتذكر ماما عايدة كما كانت تناديها في دار الأيتام، كانت المسؤولة في دار الايتام كانت فريدة في ذلك الوقت في السنة الأولى من المرحلة الابتدائية، كانت ماما عايدة شخصية طيبة ومحبوبة وتحب جميع الأطفال في الدار وتعلم أن كونهم بلا أهل هي أخطاء غيرهم وقع عليهم وزرها وهم لا ناقة لهم ولا جمل في تلك الخطيئة، كانت تتعامل معهم كأنهم ملائكة، ولكن الوضع تغير بعد أن تركتهم وفريدة في السنة الثانية من المرحلة الابتدائية وجاءت ميس ولاء، لم تكن تعرف معنى الطيبة أو الحب وكانت تنعتهم دائما بفتيات الحرام.

في السنة الثانية من المرحلة الابتدائية جاء لفريدة مدرس جديد، وأول شيء فعله عندما دخل الحصة سأل عنها وقال لها: "أنتِ التي جاءت من دار الايتام، أنتِ اللقيطة؟" لم تفهم فريدة وقتها معنى الكلمة ولا الاستهزاء الذي كان في مجمل السؤال وأجابته بمنتهى البراءة "نعم أنا المحولة من دار الايتام". وهنا بدأت معاناتها في المدرسة كان هذا المدرس اسمه محمد، كان طويل اسود الشعر، متوسط القامة، كان له دور مهم في حياة فريدة، نعم كان له دور البطولة. كانت فريدة في السابعة من عمرها، ذات شعر أشقر لونه بلون الذهب الخالص وعيون بنية اللون وجسد لا يوحي بأنها مازلت في السابعة، بل هو يوحي بأني فتاة في العاشرة أو أكبر قليلا.

في بداية الصف كان دائما أستاذ محمد ما يسألها أصعب الأسئلة التي لا يستطيع أي طالب حلها لكي تنال عقابها وتقف طوال الحصة مولية وجهها للحائط وهو يضربها بعصاة كلما مر من ناحيتها، ويجعلها أضحوكة الفصل كله، لقد ضايقها زملائها بعدما علموا من ذويهم أنها شيء مقيت لا يجب أن يقربوه أو أن يتقربوا منه، وهكذا ظلت وحيدة في الفصل، وأصبحت أضحوكة المدرسة جميعها، حتى جاء للصف مع فريدة طالب وطالبة من دار أيتام أخرى وهما ميساء وعلاء، حولوا من دار ايتام أخرى وانضموا لفريدة في العقاب فكانا هما أيضا أضحوكة الفصل، وفي يوم أسود وبعد أن ضرب جرس الفسحة وعندما همت فريدة بالنزول إلى فناء المدرسة طلب أستاذ محمد من فريدة الانتظار في الفصل وعدم مغادرته بينما نهر علاء وميساء وطلب منهما النزول وأغلق باب الفصل، لقد شعرت فريدة بالخوف والرهبة من نظرة في عيونه لم تفهمها وقتها وحركة من لسانه الذي مسح به شفاهه، ثم اقترب منها فخافت وجرت إلى آخر الفصل؛ فجرى ورائها وأمسك بها، وإذا بيده تتحسس جسمها وتلمس كل منحنى به، خافت وصرخت ولكن بلا جدوى، حتى اغتالها واغتال براءتها، لقد شعرت فريدة أنها ماتت منذ ذلك اليوم، وتكرر الأمر مرارا معها ومع ميساء وعلاء، لم يكن محمد يتركهم أبدا. حتى صادف في يوم أن مرت الأخصائية الاجتماعية في الفسحة على الفصول لترى من ينتظر في الفصل ولم ينزل وذلك لأن المدرسة في ذلك اليوم قررت إقامة حفل عيد الأم، وكأن المدرسة هي الأخرى تصر على عقابهم بأنهم بلا أهل، مرت الأخصائية وسمعت بكاء وصراخ فريدة في ذلك اليوم فاقتحمت الفصل لتفاجأ بمحمد وهو يعري فريدة ويغتالها لم تتحمل الأخصائية المنظر وخاف محمد وعدل ملابسه وجرى وراء الأخصائية التي نهرته وهددته بإبلاغ المديرة وترك فريدة وحدها تلملم شتات نفسها وبالفعل أبلغت الأخصائية مديرة المدرسة وتم الكشف على الفصل بالكامل وكذا الفصول الأخرى التي يدرس لها ذلك الوغد وكانت المفاجأة ليسوا وحدهم هناك العديد ممن تم انتهاكهم على يد ذلك المدرس من فتيات وفتيان، لم يكن لهم أحد، ومنذ ذلك الحين والجميع يتعامل مع فريدة على أنها عار وخاصة ميس ولاء التي كانت تقول لها دائما: "صحيح اكفي القدرة على فمها تطلع البنت لأمها، وأنتِ مثل والدتك عاهرة".

أما في المدرسة لقد اكتفت المدرسة بلفت نظره، فهم ليسوا سوى لقطاء لا يوجد من يدافع عنهم، وعندما فعل فعلته مرة أخرى، ولكن مع فتاة لها أسرة وأب وأم يدافعان عنها تم ابلاغ النيابة عنه واتخذت ضده الإجراءات القانونية وترك المدرسة ولا يعرف عنه أحد شيء بعد ذلك. ولكن يبقى أن الأيتام الذين بلا أهل يسألون عنهم هم الفريسة دائما لذوي النفوس المريضة التي لا ترحم الضعفاء، حتى المجتمع لا يعاقب الجاني إلا إذا كانت الفريسة لها سند وعائلة تسأل عنها.

لم يتوقف الأمر عند محمد وما فعله ولكن تلك المحاولات للتحرش والاغتصاب ظلت تحاوط فريدة وعلاء وميساء حتى انتهت المرحلة الابتدائية وبدأت المرحلة الإعدادية، كان كل تركيز فريدة في ذلك الوقت على الاستذكار لكي تتفوق ولا تكون "حثالة" كما تقول لها ميس ولاء، أما ميساء فلم تعر الدراسة هماً وكانت تقول "ماذا ستفعل لي الدراسة وقد أصبحت عاهرة بسبب ذلك العاهر؟!"، أما علاء فكان مثل فريدة، أراد أن يتفوق وشجعها على التفوق وعدم الاستماع لميساء كانوا يتقابلون بعد المدرسة يمشون سويا حتى يفترق كل منهم في طريقه عند دور الايتام التي ينتمون لها.

في المرحلة الثانوية قابلت فريدة مدرس جديد، إنه محمود، مدرس اللغة العربية، الوحيد الذي تعامل معها بلطف وكان يساعدها، رأى نبوغها ونباهتها في المدرسة وكان يجلس معها كثيرا في الفسحة ليشرح لها ما تحتاج إليه، كان يعلم أنها لقيطة ومع ذلك لم يجرح شعورها قط بتلك الكلمة التي علمت فريدة معناها وهي طفلة صغيرة، لم يحملها ذنب كونها بلا أهل، ساعدها كثيرا وكان يقول لها: "أنتِ نابهة وذكية، فحافظي على ذلك، سوف يكون لك شأن عظيم". كانت تذاكر وهي ترى صورته في خيالها وتجتهد قدر استطاعتها، لقد تولد داخلها شعور طيب ناحيته لم تدر كنه هذا الشعور، ولكنه شعور محبب لها، تشعر معه بالأمان الذي افتقدته منذ زمن بعيد. كانت تحكي عنه لميساء وعلاء، ولكن كلاهما حذرها من الوقوع في الحب لأنه قد يكون يتعامل معها بلطف باعتبارها طالبة نابهة ليس أكثر، ولكن ميساء طعنتها بكلامها حين قالت لها: "لا تنسِ لقد اغتالنا ذلك المدعو محمد وليس لنا الحق في الزواج أو الحب لقد أصبحنا عاهرات" كانت كلماتها كالخنجر يطعن قلب فريدة، لقد نسيت في غمرة حب نمى في قلبها لذلك المدرس ما حدث لها من قبل، وبدأت تحدث نفسها "ماذا سيقول إن عرف ما قد جرى، هل سيقول أني عاهرة ومومس كما كانت تصفني ميس ولاء ".

أكملت ميساء الثانوي التجاري بينما كانت فريدة وعلاء في الثانوي العام، كانوا يتجمعون بعد موعد المدرسة ويحكي كل منهم للآخرين ما حدث له في يومه ثم يفترق كل منهم في طريقه، وانتهت المرحلة الثانوية ودخلت فريدة الجامعة، لقد دخلت كلية التربية، ولكنها كانت تتمنى أن تدخل كلية سياسة واقتصاد لقد كان مجموعها يؤهلها لذلك، ولكن الدار رفضت ذلك وقالت أن كلية التربية مناسبة أكثر لها، وبالفعل دخلت فريدة كلية التربية وكان عزائها الوحيد أنها سوف تكون معلمة مثل محمود وربما تكون معه في ذات المدرسة، ودخل معها علاء كلية التربية كانا سويا في نفس المجموعة، أما ميساء فبعد أن انهت الثانوي التجاري عملت في كاشير في أحد المحلات الكبرى.

ثم كانت المفاجأة الكبرى، لقد أتموا الثامنة عشرة ولابد أن يتركوا دار الأيتام، ولكن ماذا يفعلون، لقد اضطرت فريدة للبحث عن عمل وهي مازالت في الكلية وعملت نادلة في أحد الكافيهات الجديدة وكذلك فعل علاء، ولكن كانت المشكلة أين يقضون ليلهم؟

علاء: مش عارف ح نبات فين؟ حد منكم عنده اقتراحات؟

ميساء: أنا لقيت شقة غرفين في عمارة بس البواب رفض اننا نبات هناك لوحدنا أنا وفريدة عشان العمارة مش عايزة تأجر غير لأسر فقط

فريدة: طب والحل ح نعمل ايه؟ احنا المفروض نسيب الدار خلال أسبوع بالكتير وكمان أنا لسه مقبضتش من الكافيه وبرضه علاء زيي؟

ميساء: مش مشكلة الفلوس المهم المكان، بصوا أنا عندي فكرة مجنونة شوية

علاء: فكرة ايه؟ اتحفينا

ميساء: بعد ما نخرج من دار الايتام تتجوزنا أنا وفريدة

فريدة: انتي مجنونة أكيد

علاء: مش بقولك انتي مجنونة وطقة كمان

ميساء: خلونا نتكلم بالعقل شوية، احنا التلاتة عارفين ظروف بعض كويس ومحتاجين مكان نكون فيه مع بعض نقوي بعضنا، وكمان حتى لو لقينا مكان ليا أنا وفريدة ح نكون مطمع لكل من هب ودب عشان لوحدنا ومالناش أهل وكلام الناس مش ح يسيبنا، وفيه مشكلة كمان لو واحدة فينا فكرت تتجوز ح تتجوز ازاي وهي ما اتجوزتش قبل كده وهي مش بكر، ما فكرتيش يا ست فريدة شكلنا ح يكون ايه؟ انتوا نسيتوا أستاذ محمد ولا ايه؟! فوقوا احنا ولا لينا أي لازمة احنا حثالة المجتمع كله. وبعدين احنا ح نتجوز على الورق بس يعني الشقة ح تكون لينا انا وفريدة اوضة وانت اوضه، منه نكون قصاد الناس معانا راجل نحتمي بيه ولو واحدة منا قابلت نصيبها يبقى كانت متجوزة واهو مطلقة أحسن من مغتصبة ولو انت حبيت تتجوز طلقنا واتجوز اللي بتحبها برضه ح نكون ساعتها في مكان يلمنا أنا وفريدة وكمان اسمنا مطلقات يعني مفيش مشكلة لما نتجوز ونكون مش بكر. فهمتوا؟

فريدة: انتي اكيد مجنونة أو شاربة حاجة

علاء: لا يا فريدة، ميساء بتتكلم صح.

فريدة: انت ح تعوم على عومها؟!

علاء: لا هي صح، احنا اللي نسينا ظروفنا واخدنا حماس اننا في مجتمع جديد علينا في الجامعة محدش يعرف عنه حاجة ونسينا أصلنا افتكرنا إننا نقدر نعمل مستقبل جديد

فريدة: وايه يمنع المستقبل الجديد، إن شاء الله؟

علاء: اللي يمنعه إني مسؤول عنكم من ساعة ما عرفنا بعض وعشان أقدر اكمل دوري معاكم بعد ما نخرج من دار الايتام وكمان محدش يتكلم عنكم انتم الاتنين يكون الجواز على الورق بس ولما واحدة فيكم يجي نصيبها ح اطلقها واسيبها تشوف نصيبها مع راجل يكون مسؤول عنها

فريدة: ازاي يا علاء احنا اخوات

علاء: بس احنا مش اخوات فعلا يا فريدة احنا اخوات بحكم ظروفنا المهببة اللي زي بعضها وأنا مش ح اقبل ابدا حد يسيء لواحدة منكم أو يشوفها قليلة وكمان اللي عمله الزفت التاني ما ينفعش يستخبى ح يتعرف من اول لحظة، لازم يكون فيه علاقة شرعية موثقة على ورق تقول انكم كنتم متجوزين، ولأول مرة أوافق ميساء على كلامها، لما أكون واحد متجوز بيدور على شقة ونتلم فيها حتى لو جايب اكتر من زوجة محدش ح يتكلم عليكم لكن لو انتم الاتنين وحدكم وكمان شغلكم اللي بيرجعكم بالليل ح تعملوا ايه وح ابقى مطمن عليكم ازاي، وما تنسيش يا فريدة انهم في الجامعة فاكرين اننا بنحب بعض عشان ديما سوى محدش يعرف الحقيقة فلما يعرفوا اننا اتجوزنا مش ح تبقى غريبة ومحدش فيهم يعرف حقيقة علاقتنا ببعض

فريدة: طيب وبعدين

علاء: ولا قبلين، انا ح اكتب كتابي عليكم أنتم الاتنين، ودلوقتي

ميساء: وأنا موافقة، وانتي يا فريدة؟

فريدة: رغم إني شايفة دا جنان بس امري لله، ياله بينا على المأذون

وبالفعل عقد قران فريدة وميساء على علاء، وتركوا دار الايتام، كان مع ميساء بعض الأموال التي تكفي أن يبيتوا بها في أحد الفنادق حتى يجدوا السكن المناسب وبالفعل بقسيمة الزواج اخذوا غرفة ثلاثية في أحد الفنادق لمدة ثلاثة أيام حتى وجدوا الشقة المناسبة. كانت شقة من غرفتين وصالة ومطبخ وحمام في الجيزة بالقرب من عملهم هم الثلاثة، وبالفعل ذهبوا إلى الشقة ولم يختلطوا بالجيران كان الاستغراب من البواب أنهما زوجتين لرجل واحد وبلا أثاث يسكنوا به، وأرشدهم البواب إلى محل للأثاث المستعمل اشتروا منه أسرة وبعض المقاعد ونفدت أموالهم هم الثلاثة وانتظروا بداية الشهر الجديد لكي يكملوا ما ينقصنهم في شقتهم الجديدة.

علاء: أخيرا العفش جه

ميساء: أنا تعبت من نومة الأرض، برضه السرير بيفرق

فريدة: أنا كمان عظمي اتكسر من نومة الأرض الحمد لله السراير والترابيزة والكام كرسي دول كويسين عشان نعرف ناكل ونذاكر كويس والحمد لله البوتاجاز كمان كان بسعر كويس، عايزين نركز بقى الأيام الجاية عشان الامتحانات

علاء: فعلا الامتحانات على الأبواب لازم يا فريدة تركزي في مذاكرتك عشان التقدير

ميساء: فعلا يا علاء انت كمان محتاج تركز على المذاكرة عشان تجيبوا تقدير امتياز زي السنتين اللي فاتوا عايزة الاقي اصحابي دكاترة في الجامعة وامشي اتفاخر بيكم

فريدة: حيلك حيلك مين دول اللي دكاترة مرة واحدة، أصلا كل اللي فاضل على الامتحان شهر واحنا التلاتة لازم نشتغل كويس عشان نعرف ندفع ايجار الشقة والمصاريف بتاعتنا

ميساء: ما تشيليش هم أنا لقيت شغل تاني بعد الظهر وبكده ابقى بشتغل فترتين وبالليل انضف الشقة واجهز لكم الاكل وانتم الاتنين تسيبوا الشغل وتركزوا على المذاكرة

علاء: أنا اسف يا ميساء بس ما ينفعش انتي اللي تصرفي علينا انا الراجل وأنا اللي لازم أكون مسؤول عنكم، فريدة مفيش شغل بعد الكلية تيجي على البيت تساعدي ميساء في التنضيف والاكل وتذاكري وأنتي يا ميساء مفيش فترتين شغل هو شغلك الأساسي بس وترجعي على البيت وأنا ح اشتغل بعد الكلية وبالليل ح اذاكر انتم دلوقتي مسؤولين مني مفهوم

ميساء وفريدة: بس كده كتير عليك يا علاء احنا تلاتة مش انت لوحدك ومصاريفنا كتير

فريدة: خلاص يا علاء انا كمان ح اشتغل بعد الكلية زي ما انا وميساء تفضل زي ما هي ولما نرجع من الشغل اساعد ميساء في التنضيف والاكل واقعد اذاكر ودا قرار نهائي

ميساء: فعلا يا علاء فريدة بتتكلم صح، لازم احنا التلاتة نظبط وقتنا وانا مساهمة ومساعدة مني ليكم ح ارجع من الشغل اجهز لكم المكان والاكل لغاية لما تخلصوا امتحانات وبعد كده في الاجازة نوزع شغل البيت علينا احنا التلاتة

ومرت الأيام وجاء موعد الامتحانات لنهاية العام الثالث في الجامعة وكان كل منهم يعمل ويتحمل جزء من مصاريف المعيشة وقامت ميساء بالعناية بالمنزل وإعداد الطعام كما وعدتهم لتوفر الوقت والمكان المناسب لهم للمذاكرة بعد العودة من العمل، لقد كانت تلك الحياة رغم قسوتها عليهم هم الثلاثة الا أنهم شعروا بالحرية والفرحة وعمل ما يرونه مناسبا دون تحكم الآخرين بهم، دون أن يسمعوا كلمة لقيط او مومس، وانتهت الامتحانات أخيرا وظهرت النتيجة وحصل علاء وفريدة على تقدير امتياز كالعادة  وعلم الجميع في الجامعة أن علاء وفريدة تزوجا، لم تكن مفاجأة لزملائهما لتلازم فريدة وعلاء المستمر. وبدأ شعور الحب ينمو في قلب علاء تجاه فريدة، ولكنه لم يصارحها، خاف من ردة فعلها ان هو صارحها او ان تعتقد أنه يريد أن يجعلها زوجة فعلية دون إرادة منها وكان ذلك ينغص عليه حياته وشعرت ميساء بحب علاء لفريدة وانتهزت فرصة وجود علاء وحده في المنزل معها وعدم وجود فريدة وقررت مصارحته بالأمر:

 ميساء: بتحبها يا علاء صح

علاء: هي مين مش فاهم قصدك

ميساء: طالما اتلخبط كده ووشك جاب الوان يبقى صح انت بتحب فريدة، ليه بتنكر؟

علاء: لا خالص ليه بتقولي كده

ميساء: باين عليك من زمان وفريدة عارفة على فكرة ومنتظرة انك تتكلم

علاء: انتي كلمتيها

ميساء: اه طبعا، كلام بنات بقى.

علاء: وهي موافقة؟

ميساء: طالما مستنية تكلمها يبقى موافقة عشان كده أنا كلمتك بس خلي بالك فريدة حساسة جدا وفاكرة انك بتشفق عليها عشان حالها

علاء: ابدا والله يا ميساء أنا بحبها فعلا بس خايف انها تفتكر اني بجبرها على الجواز منها

ميساء: يبقى يا بطل تعزمها بره وتتكلم معاها بصراحة وشوف رأيها وخلي بالك احنا التلاتة مالناش غير بعض

علاء: خلاص ح اطلب منها نتقابل بعد الشغل واتكلم معاها بصراحة

ميساء: خير ما تعمل

علاء: مش عارف اشكرك ازاي يا ميساء انتي نورتي لي حياتي ودنيتي بموافقة فريدة على حبي ليها اطلبي كل اللي نفسك فيه وانا اعمله ليكي

ميساء: بص يا سيدي انا كل اللي عايزاه انك تسأل على زميل ليا في الشغل صارحني انه بيحبني وعايز يتجوزني وانا بحبه بس خايفة

علاء: من ايه

ميساء: من الماضي والحاضر

علاء: مش فاهم

ميساء: الماضي اننا من غير أهل ولقطاء زي ما بيقولوا في الدار والحاضر إني متجوزة

علاء: وانتي قولتي له ايه لما صارحك؟

ميساء: قلت له اني مطلقة وعايشة مع اختي وجوزها

علاء: كان لازم يعرف الحقيقة يا ميساء عموما هاتي بياناته وأنا ح أسأل عليه واشوف اذا كان مناسب ولا لأ وبعدين نشوف ح نقوله الحقيقة ازاي

ميساء: لازم يعرف انكم اهلي لأني ما اقدرش ابعد عنكم احنا كبرنا سوا حتى الهم شيلناه سوا يبقى لازم نفضل كده على طول على الحلوة والمرة


ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق

الفصل الثالث والأربعون الأخير

  قرر اخوة علاء عدم زيارته مرة أخرى وغلق باب القرابة أمامهما، لم يفهم علاء السبب وكذا ميساء ولكنهما لم يحزنا كثيرا لأن هناك خبرا آخر جعل علا...