الخميس، 12 يناير 2017

يوميات مدرس


الحكاية الرابعة

روحت البيت واستنيت لغاية لما يسر جت، النهاردة عندها محاضرات كتير واليوم طويل، ولأني أنا ويسر مرتبطين ببعض وبنحب بعض جدا قررت أساعدها وأجهز الغدا على ما هي تيجي، هي كمان بتتعب بتروح الجامعة وبتذاكر وبتشوف طلبات البيت، جهزت الغدا اللي هي عملته بالليل عشان يدوم يستوي على النار لما تيجي وجهزت السفرا على ميعاد وصولها.
يسر: حبيبي انت جهزت كل حاجة ليه ما اسنيتش اما اجي؟
اياد: انتي بتتعبي وانا حبيت اساعدك، وبصراحة عايز رايك في موضوع كده
يسر: اها، رشوة يعني، طيب استغلك بقى واقولك اغسل المواعين بدالي النهاردة
اياد: ماشي يا مستبدة
يسر: خير، موضوع ايه
اياد خلصي اكل الأول وبعدين نتكلم
وبعد الغدا وغسيل المواعين بدل يسر المستبدة، على فكرة انا اللي سميتها مستبدة، عشان دايما انا اللي باعمل اللي هي عايزاه
يسر: خير يا ابني فيه ايه
اياد: عندي طالبة في الفصل اتحولت السنة دي على فصل المتفوقات اللي انا بدرس له، المشكلة انها لقيطة، ما اعرفش البنات في الفصل عرفوا ازاي، وبيعايروها ومحدش بيكلمها غير طبعا الكلام اللي يضايق، وانا عايز اتصرف في الموضوع دا
يسر: هو التخلف اللي احنا عايشين فيه، طيب كلمت الاخصائية الاجتماعية في المدرسة دا دورها انها تعمل توعية وتعرف مين من البنات اللي نشرت الموضوع وتعاقبها
اياد: روحت للاخصائية قالت ايه المشكلة ما هي فعلا لقيطة
يسر: يا ساتر يا رب، التخلف مفيش فايدة، طيب بص الموضوع دا محتاج تصرف جماعي منك ومن المدرسين كلهم، ايه رأيك تتكلم مع الناظرة والمديرة وتشرح لهم الموضوع والتأثير السلبي على البنت والمدرسة لو الموضوع دا استمر
اياد: ازاي يعني؟
يسر: يعني لو المديرة اقتنعت ان الموضوع دا له تأثير سلبي على المدرسة وسمعتها، وخلت المدرسين كلهم يتكلموا مع الطلبة بنفس الرسالة، إنها زيها زي أي حد منهم ومحدش بيختار أهله، وإن الرسول عليه الصلاة والسلام أمر بعدم معايرة هؤلاء ح يكون الوضع أفضل
اياد: عموما ح أحاول وربنا يسهل والمديرة تقتنع
يسر: يا رب
اياد: وانتي أخبارك ايه النهاردة؟
يسر: النهاردة كان يوم صعب جدا، نورا زميلتنا في الكلية في المستشفى، حاولت تنتحر ونقلوها المستشفى في آخر لحظة
اياد: تنتحر يا ستار يا رب ليه كده
يسر: الأغرب من كده إننا اكتشفنا إنها مدمنة كمان
اياد: ازاي المدمن دايما بيظهر عليه اعراض الإدمان
يسر: نورا مش مدمدنة بالمعنى الحرفي، نورا بتاخد المخدرات مش منتظمة بس المشكلة مش كده،
اياد: أومال ايه المشكلة
يسر: نورا عرفت صدفة لما قعدت معاها إنها ممزقة نفسيا، والدها ووالدتها مطلقين، وهي حاسة بالوحدة، وصل الإحساس بيها للاكتئاب ومن غير علاج، اكتئاب حاد وصلها لمرحلة الانتحار، وأمها مش مقتنعة بحاجة اسمها مريضة نفسيا، شايفة المرض النفسي دلع، وادي النتيجة، نورا في المستشفى لحقوها على آخر لحظة، والله أعلم أمها فهمت وح تابع معاها العلاج ولا ح تعاقبها على محاولة الانتحار
اياد: التخلف ورانا ورانا سواء هند أو نورا، اليتم والمرض النفسي وعدم فهم المجتمع إن الناس دي طبيعية وظروفها مش كويسة، الاكتئاب عادي زيه زي الضغط والسكر ايه المشكلة فيه، يعني لو كانت بدأت العلاج بدري ما كانتش وصلت للانتحار، وانتي ح تعملي ايه
يسر: ح أروح أزورها بكرة بإذن الله بعد الكلية بكرة عندي محاضرة واحدة، وح أرجع قبل ما أنت تيجي من المدرسة
سمعت كلام يسر وفعلا طلبت أتكلم مع المديرة، وبصراحة هي تفهمت الموضوع ووجهة نظرها كانت من وجهة نظري، وعملنا اجتماع للمدرسين كلهم واتفقت المديرة على الرسالة اللي كلنا ح نوصلها في حصصنا كمدرسين ووقت مستقطع من كل حصة للأخصائية الاجتماعية تتكلم فيه عن ضرورة التعامل الحسن مع الأيتام لأنه أمر من أوامر الرسول عليه الصلاة والسلام، وعدم السخرية من ظروف الآخرين، عارف إن دا ممكن ما يكونش كفاية، بس كفاية لو من كل فصل عشرة فهموا الرسالة وقدروا يوصلوها لغيرهم.

فضل موضوع زميلة يسر، نورا البنت دي مسكينة لأن أهلها أهملوا في علاجها والله أعلم ح تمر المحنة دي على خير معاها ولا لأ، خايف برضه على يسر لأن البنت مدمنة، أختي ومن حقي أخاف عليها بس لازم أسيبها تخوض التجربة في إنها تقف مع حد محتاج لها وربنا يسهل وأقدر أحافظ على يسر من إنها تقع في نفس الحفرة.

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق

الفصل الثالث والأربعون الأخير

  قرر اخوة علاء عدم زيارته مرة أخرى وغلق باب القرابة أمامهما، لم يفهم علاء السبب وكذا ميساء ولكنهما لم يحزنا كثيرا لأن هناك خبرا آخر جعل علا...