تعرف محمد على المشاكل التي أحاطت بزهرة وحياتها، كما أخبرها أنه طبيب
نفسي. كانت زهرة سيدة ذكية ميزت بذكائها حب محمد لها واهتمامه بها، وعلمت أنه حب
وليس مجرد رغبة أو انجذاب كما حدث مع عادل.
أرسلت زهرة لعمها تخبره أن هناك من تقدم لخطبتها أنها تريده أن يراه
وأن يقول رأيه في زواجها، وكان رده أنه سيصل خلال أيام مع زوجته. كانت زهرة تحتاج
أن تجد قربها أهلها يساعدونها ويشاركونها فرحتها بزواج وحب افتقده كثيرا.
عاد عم زهرة من الكويت، ولكنه أخبرها أنه لن يمكث طويلا. أحبت زهرة
آية زوجة عمها، وكانتا تجلسان سوية جلسات مطولة، حكت فيها زهرة لآية كل شيء عنها،
وشعرت خلالها بحب آية لها وانشغالها بكل شيء يخص زواجها. طلبت آية من زهرة عدم
التسرع في الزواج؛ وذلك حتى تتأكد من مشاعرها تجاه محمد، وتتأكد أنها بالفعل نست
عادل ونست كل ما يخص تجربتها معه حلوها ومرها.
كانت آية تخاف أن يكون شعور زهرة بالحب نحو محمد سببه الألم الذي سببه
لها جرح عادل لها؛ فكانت تعلم بخبرتها أن الأنثى عندما تجرح لا تستطيع أن تحب.
كانت زهرة لا تزال تشعر بجرحها من عادل، إلا أنها بالفعل كانت تحب محمد، وأرادت حضور
عمر وآية زواجها.
تم زواج زهرة ومحمد في وجود عمر وآية، كان الزفاف عبارة عن كتب كتاب
في قاعة مناسبات أحد المساجد حضره أهل محمد وزهرة وأصدقائهما المقربين. كانت
الفرحة هي التي تسيطر على المكان، وبعد عقد القران خرج محمد وزهرة وعمر وآية في
رحلة نيلية على متن أحد المراكب السياحية. كان اليوم رائع بالفعل، لأول مرة تشعر
زهرة أنها زوجة، وأن اليوم هو زفافها. لم تشعر بتلك الفرحة وذلك الاشتياق من قبل
نحو عادل كما تشعر به الآن نحو محمد.
كانت مشاعر زهرة متداخلة، مشاعر تمتزج بالخوف من تجربة زواج جديدة، والحب
والاشتياق لمحمد حتى وهو بجانبها. إنه الحب الذي لم تعرفه قبلا، عرفته الآن وشعرت
به، لأول مرة تعرف زهرة الحب، وتلمع عينها به وتنطق بالاشتياق.
تغيرت زهرة كثيرا في تلك الفترة، أصبحت شخصية أخرى. أصبحت تعرف ماذا
تريد، وأدركت أنها ليست تابعا لأي شخص، إنها هي زهرة وليست شخصا آخر، إنها هي ما
تريد وليست ما يريده غيرها لها.
كان محمد يشعر بمشاعر زهرة المتباينة، إ نه هو الآخر يشعر نحوها بمشاعر متباينة؛ ما بين حب واشتياق،
ورهبة من زواج جديد وكذا شعور بالذنب نحو حبيبته المتوفاة.
انتهى حفل الزفاف وذهب كل من عمر وآية لمنزلهما ومحمد وزهرة لمنزلهما.
عندما دخلت زهرة منزلها، شعرت أنها عروس لأول مرة، ولكن داهمها شعور بالرهبة
والخوف عندما لمحت حجرة نومها. لقد تذكرت زهرة ذلك اليوم الذي بدأت فيه حياتها مع
عادل، ومأساتها التي استمرت طيلة فترة زواجها بسببه، والتي لا تدري حتى الآن من
منهما المسئول عن ذلك، هل هو عادل لتعجله البناء بها؟ أم هي لخوفها وصمتها وجهلها؟
أم كلاهما معا لعدم مصارحة كل منهما الآخر بما يشعر به؟!
لاحظ محمد شرود زهرة وملامح الخوف والقلق التي ارتسمت على ملامحها،
فاقترب منها وهمس في أذنها "زهرة ما تخفيش، بحبك، ومش مستعجلين على حاجة"
كانت كلمات محمد لها كأنه قرأ ما يدور بذهنها؛ فنظرت له نظرة حملت الكثير من المعاني
من حب وشعور بالأمان والامتنان وخوف من المستقبل، لم تحتمل المشاعر تسيطر عليها،
أرادت أن تقول لمحمد ما تشعر إلا أنها لم تشعر بشيء وأغشي عليها.
أدرك محمد مأساة زهرة التي سببها لها زواجها السابق، حملها وأدخلها في
غرفتها وتركها بملابسها، كي لا تخاف منه. وجلس يفكر كيف يستطيع أن يتعامل معها
وينتزعها من مشاعر الخوف والألم التي تسيطر عليها، شعر الآن كم كان عادل همجيا في
تعاملها معها أول مرة، وفهم سبب اعتقاده أن زهرة جماد لا يشعر. لقد جعلها عادل
كذلك دون أن يدري، لقد خلق لديها عقدة من العلاقة تجعلها تخاف وتحجم عنها؛ حتى وإن
كانت تريدها، كم كان غبيا متسرعا.
ارتدى محمد ملابس النوم ودخل غرفة المكتب اختار لنفسه كتابا ليقرأه
حتى تستيقظ زهرة ويتحدثان سويا عن خطة علاجها، أراد أن يتعامل مع زهرة بوضوح
وصراحة، أرادها أن تتعلم كيف تعبر عن نفسها ومشاعرها صراحة دون خجل.
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق