الخميس، 7 مايو 2015

المتمردة- الفصل التاسع والأخير- الجزء الأخير

اهتمت زهرة في تربية أبنائها بكل ما افتقدته هي في حياتها، اهتمت أن تعلمهم كيف يكونوا أنفسهم، علمتهم كل ما افتقدته هي. كانت القراءة والمعرفة هي أول ما اهتمت زهرة في تعليمه لأولادها، واهتمت مع علياء أن تعلمها كيف يجب أن تكون الأنثى، كيف يكون لها حياة ورأي، كيف تعبر عن نفسها ولا تكون تابع لآخر، علمتها –كما علمت باقي أبنائها –كيف يكون الاختيار وضرورة تحمل مسئوليته بدءا من الملابس والكتاب الذي يفضلونه ودراستهم، حتى الزواج واختيار الزوج المناسب.
ها هي زهرة الآن تستعد لمقابلة عريس ابنتها، كم كبرت علياء سريعا، حتى محمد لا يصدق أن ابنته أنهت كلية الطب وناقشت رسالة الماجستير وها هي الآن أخيرا دق قلبها وقررت الارتباط. كم يشعر كل من محمد وزهرة بالفرحة، لفرحة ابنتهما بعريسها، لقد اختارت علياء زوجها المستقبلي كما علمتها زهرة، إنه يحبها كثيرا ليس قولا بل فعلا، لقد تعلمت علياء من أمها كيف يكون الحب الحقيقي وكيف تميزه، يكفي أن محمد عريسها –الذي شاءت الصدفة وحدها أن يكون على اسم والدها –ظل معها يساعدها حتى ناقشت الماجستير واختار معها موضوع رسالة الدكتوراه، إنه يساندها ويساعدها ويحبها.
لم تترك زهرة علياء تمر بالتجربة القاسية التي مرت بها هي عند زواجها، لقد كانت معها تعلمها معنى الزواج والحياة الجديدة التي ستبدأ مع زواجها، حتى كيف تكون أنثى لزوجها، علمتها زهرة ذلك وعلمتها ألا تخجل من زوجها وأن تطلب منه ما تريده وتصارحه بما تشعر به.
تزوج أولاد زهرة جميعا، وأصبحت جدة لسبعة أحفاد، وقررت أن تبدأ هي ومحمد شهر عسل جديد، يكون لهما وحدهما دون شريك، لم يخرجهما منه سوى مرض زهرة الشديد، اكتشفت زهرة منذ سنة إصابتها بورم في الثدي ولكنها لم تخبر أحدا، قررت أن تكون قوية وتتحمل، لم تأخذ أدوية لعلمها أنها في آخر مرحلة من المرض، أجرت بعض الفحوصات التي طلبها منها الأطباء علمت منها أن المرض انتشر في جسمها كاملا.
كانت قوية لتتحمل وحدها الخبر دون أن تخبر أحدا عنه، حتى محمد الذي لاحظ شحوبها وهزالها المستمر، ولكنها قالت له أنها سن اليأس لم يصدقها محمد، لقد كان ذكيا ليعرف حقيقة ما تمر به، صارحها بما يشعر به، كانت صدمته قوية حين أخبرته زهرة بحالتها وطلبت منه عدم إخبار الأولاد، لينعم كل منهم بحياته.
لقد كانت زهرة متمردة في حياتها وحتى في وفاتها، لقد تمردت زهرة على مجتمع كان يفرض على الأنثى أن تكون تابعا واختارت حياتها التي تريدها، طلبت الطلاق وأعلنت التمرد على مجتمع ينظر للمطلقة على أنها جرثومة يجب القضاء عليها، تمردت على مجتمع يجد أن الطلاق نهاية حياة وبدأت حياتها الحقيقية بعد الطلاق. تمردت على كل شيء لتعيش وتحيا؛ وها هي حتى في مرض يدمر كل شيء كانت أقوى منه، كانت تتألم في صمت وتحتمل حتى كلَّ منها المرض، ماتت المتمردة، بعدما ورثت تمردها لابنتها وعلمتها أن تتمرد على كل ما يقيد حريتها، علمتها أن الحرية في طاعة الله عز وجل فقط، أما المجتمع والعادات والتقاليد فهي تتغير من وقت لآخر وعليها أن تغيرها بيدها ولا تنتظر أحدا يغيرها.

تمـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــت

الأربعاء، 6 مايو 2015

المتمردة- الفصل التاسع الجزء الرابع

ذهبت زهرة للطبيبة بعد زواجها من محمد كثيرا، ولكن الآن وقد مر على زواجها ما يقرب من ستة أشهر كانت مختلفة. لقد عرفت زهرة للتو أنها تحمل في أحشائها طفلها وثمرة حبها لمحمد. كانت تشعر بسعادة غامرة، لم تخبر محمد بعد، أرادت أن تعرف من طبيبتها أولا هل انتهى علاجها أم لا، أرادت أن يكون حملها نهاية فترة علاج، يتلوه حب ومشاعر وأمان لا ينقضي.
د. رقية: ازيك يا زهرة عاملة النهاردة.
زهرة: الحمد لله تمام
د.رقية: شكلك فرحانة شوية، صح؟
زهرة: ايوة، أنا لسه جاية من معمل التحاليل وعرفت إني حامل
د.رقية: مبروك يا زهرة
زهرة: أنا عايزة أعرف أنا علاجي كده خلص ولا لسه؟
د.رقية: انتي خلاص يا زهرة كده مش محتاجة علاج تاني. كل اللي انتي محتاجاه انك ما تعمليش حاجة مش مقتنعة بيها وانتي ساكتة، سكوتك مش دليل على انك مش راضية، لما بنسكت اللي قدامنا مش بيحس بألمنا أو رفضنا. بالعكس ممكن يترجم دا عدم اهتمام او قبول. اتكلمي يا زهرة، ناقشي، خليكي نفسك، خليكي زهرة، فاكرة اول مرة شوفتك فيها قولتي ايه، قولتي انك متمردة
زهرة: فاكرة طبعا، كنت مش طايقة الدنيا أو الناس، كنت رافضة كل حاجة
د.رقية: الأهم من دا كنتي عايزة تلاقي نفسك، انتي دلوقتي لقيتي نفسك، اوعي تضيعيها تاني، ابقي كلميني باستمرار ولو حستي إنك محتاجة تتكلمي معايا تعالي. باركي لدكتور محمد.
بعد أن انصرفت زهرة من عيادة الطبيبة، اتصلت بمحمد وقالت له أنها تريده في أمر هام وقال لها أن تمر عليه في العيادة ولا تنتظره حتى يعود مساءا، وبالفعل ذهبت له زهرة العيادة، كانت أول مرة تذهب لعيادته منذ أن تعرفت عليه. انتظرت حتى انتهى آخر كشف ودخلت لمحمد، لم تعرف كيف تزف له خبر حملها، ولكن وجدت نفسها تحتضنه بشدة كأنه والدها وليس زوجها وأخبرته خبر حملها.
فرح محمد كثيرا بحملها وإن كان يشعر ببعض الخوف، ولكنه كان يشعر بفرحة غامرة سيكون أبا لأول مرة، ستكون زهرة أم ولده. لكم أحبها وكان يدعو الله أن يرزقه منها طفلا، وكان يسمع دعائها وهي تصلي أن يمحنهما الله طفلا يكون ثمرة حبهما، لقد استجاب الله لهما ورزقهما.
مرت سبعة أشهر على حمل زهرة وفاجأتها آلام الوضع في الفجر، ذهبت مع محمد للمستشفى لقد ولدت في شهرها السابع، لم يخبرهما الطبيب من قبل أنها تحمل في أحشائها ثلاثة تواءم. ولدت زهرة أولادها محمود وأحمد وعلياء.


 ********************** انتظروا الجزء الأخير**********************

الثلاثاء، 5 مايو 2015

المتمردة- الفصل التاسع الجزء الثالث


استيقظت زهرة بعد وهلة قصيرة من الإغماء الذي أصابها، واستغربت أن محمد تركها ولم يحاول الحصول على حقه منها وهي في هذه الحال –كما اعتاد عادل أن يفعل معها. لقد اعتاد عادل عندما يطلبها أن يغشى عليها ولا تشعر بشيء، ولكنه بعد المرة الأولى لم يعد يهتم بذلك ويحصل على ما يريد ويتركها تفيق متى شاءت. أما محمد لم يقربها، لقد تركها حتى تفيق، نادت عليه وعندما لم يسمعها خرجت ترى ماذا يفعل.
وجدته في غرفة المكتب يقرأ أحد كتبه هناك، وكان مستغرقا في الكتابة فلم يشعر بدخولها. غرفة المكتب عندما تدخلها تجد مكتبة كبيرة هائلة تضم العديد من الأقسام بها كتب عربية وأجنبية بلغات كثيرة، وفي الجانب الأيسر تجد مكتب له إنارة منفصلة، منفصل عن باقي الحجرة حيث يستطيع الجالس على المكتب الانفصال التام عن باقي الغرفة.
وقفت زهرة خلف محمد وطوقته بذراعها، لأول مرة تشعر زهرة بهذه الرغبة في أن تحتضن حبيبها، لم تشعر بهذه الحالة من قبل. شعور مختلط بين الحب والشوق والرغبة والخوف والأمان معا، مشاعر مختلطة لم تجرب قبل ذلك منها سوى الخوف وانعدام الأمان.
شعر بها محمد وهي تحتضنه، وشعر بأنفاسها المتلاحقة
محمد: حبيبتي، عاملة ايه دلوقتي
زهرة: الحمد لله
محمد: انتي حاسة بايه، وايه اللي حصل عشان الاغماءة اللي حصلت دي
زهرة (نظرت في عين محمد، ثم بكت): مفيش افتكرت طليقي وأول يوم جوازي حسيت بنفس الخوف
محمد (وقد ضايقه تذكرها لزواجها الأول ولكنه لم يفصح عن ذلك وحاول أن يتركها تخرج كل ما تشعر به): طب هو ايه اللي حصل عشان يحصل كده
زهرة: بصراحة كل مرة كان عادل بيطلب فيها حقه الشرعي مني كنت مش بحس بالدنيا وأفوق يكون عادل خد حقه وسابني.
استغرب محمد كثيرا مما حكته زهرة؛ كيف يمكن أن تصل الحيوانية بشخص لهذه الدرجة. كيف يمكن أن تكون شهوته أكبر من طمأنة زوجته وشريكة حياته!
محمد: زهرة أنا بحبك، الحكاية مش مجرد رغبة، العلاقة معناها أنها بين اتني حاسين بالحب فيها وكل واحد فيهم بيدي التاني زي ما بياخد منه. انتي خايفة مني؟
زهرة: أنا لأول مرة معاك أحس بالحب وأعرفه، لأول مرة أحس بالأمان اللي كنت نسيت احساسي بيه بعد وفاة والدي، أنا بحبك يا محمد، أول مرة أحب وحاسة كأني أول مرة أتجوز، بس خايفة
محمد (احتضنها وقبلها على جبهتها ثم أجلسها على قدمه وهو جالس على المكتب): انسي اللي فات كله يا زهرة، افتكري منه بس إنك لازم تكوني نفسك، وخلي بالك مش معنى اننا اتجوزنا إنك ح توقفي علاجك
زهرة: انت بقى كمل علاجي، مش لازم اروح للدكتورة
محمد: ما ينفعش يا زهرة، لازم تكملي معاها للآخر، أنا لو كنت عايز أعالجك كنت قلت لك وأنا ساقي الورد على عنوان العيادة، بس أنا بحبك وما ينفعش يكون فيه علاقة بين الدكتور والمريض، وبعدين هي ست ح تقدر تفهم كلامك ومشاعرك وفي نفس الوقت تفهمك بالطريقة المناسبة ليكي
احتضنها واحتضنته ولم يشعر كل منهما وقد أخذهما الحب في وصاله، لأول مرة شعرت زهرة بالحب والأمان وذاقت حلاوته، لأول مرة ترتوي من الحب. لقد علمت زهرة أنها أبدا لم تكن باردة المشاعر ولكنه عادل من لم يعرف كيف يعطيها الأمان والحب لتعطيه الحب ألوانا.



الاثنين، 4 مايو 2015

المتمردة- الفصل التاسع الجزء الثاني

عندما علمت ندى خبر زواج زهرة من محمد، شعرت براحة لتأكدها عدم تفكير زهرة في الرجوع مرة أخرى لعادل، ولكن خامرها شعور بالخوف من رد فعل عادل على خبر زواج زهرة. كانت تخاف أن يكون عادل لا يزال يحمل داخله مشاعر حب لزهرة.
شعر عادل بالراحة الشديدة بعد خبر زواج زهرة؛ فهو لم يكن يعرف حقيقة مشاعره تجاه زهرة، ولكنه وبعد زواجها تأكد أن المشاعر التي كان يشعر بها تجاهها كان سببها شعوره بالذنب والمسئولية تجاهها وما سببه من آلام.
الآن تحرر من شعوره بالذنب تجاهها وأصبح تركيزه على حياته وبيته، وطلب من ندى أن تفكر في طفل جديد فولدهما الآن يبلغ من العمر عامان، وعادل يريد أن يشعر بفرحة مكتملة لا ينغصها إحساس بالألم أو الذنب تجاه حمل مطلقته الذي يكتمل بسببه، يريد أن يفرح بولادة طفل جديد كما لم يفرح قبل ذلك.
رحبت ندى بفكرة ولادة طفل الآن، شعرت أنها تريد أن توطد صلتها بعادل من جديد. لأول مرة تشعر الآن أن عادل زوجها وحدها، لا تشاركها فيه أخرى. كما رحبت بعرض عادل بعودتها لشقته مرة أخرى ولكن هذه المرة بعد أن تغير في الشقة والأثاث كما ترى وتحب.
لأول مرة تشعر ندى –منذ زواجها من عادل –أنه زوجها وحدها؛ حتى بعد طلاقه لزهرة لم تكن تشعر أنها وحدها في حياته، ربما يكون شعورها ذلك هو ما دفعها لإطلاق الشائعات حول زهرة ومحمد. ندمت ندى لما فعلته في حق زهرة؛ ولكن ماذا يفيد الندم الآن، لقد تزوجت زهرة ولم يعلم أحد أنها هي مصدر هذه الشائعات، انتهى الأمر الآن، وخرجت زهرة من حياتها تماما، حتى سبب كلام عادل معها وهو نفقتها الشهرية انتهى هو الآخر.
الآن تستطيع ندى أن تطلب من عادل الاكتفاء براتب المدرسة وبعض الدروس، إنها تريده قربها، تريد أن تشعر بقربه وحبه أكثر من ذي قبل. كانت الأجازة الصيفية قد بدأت وسافر عادل مع زوجته ووالدته ليقرب بينهما. فوالدة عادل، وبعد زواج زهرة، أدركت أن زهرة لا يمكن أن تعود مرة أخرى لحياتهم؛ لذا أدركت أنها يجب أن تعامل ندى باعتبارها زوجة ولدها وأم ابنه وتنسى أن هناك من مرت بحياته من قبل، يجب عليها أن تنسى زهرة من أجل ولدها.




السبت، 2 مايو 2015

المتمردة- الفصل التاسع


تعرف محمد على المشاكل التي أحاطت بزهرة وحياتها، كما أخبرها أنه طبيب نفسي. كانت زهرة سيدة ذكية ميزت بذكائها حب محمد لها واهتمامه بها، وعلمت أنه حب وليس مجرد رغبة أو انجذاب كما حدث مع عادل.
أرسلت زهرة لعمها تخبره أن هناك من تقدم لخطبتها أنها تريده أن يراه وأن يقول رأيه في زواجها، وكان رده أنه سيصل خلال أيام مع زوجته. كانت زهرة تحتاج أن تجد قربها أهلها يساعدونها ويشاركونها فرحتها بزواج وحب افتقده كثيرا.
عاد عم زهرة من الكويت، ولكنه أخبرها أنه لن يمكث طويلا. أحبت زهرة آية زوجة عمها، وكانتا تجلسان سوية جلسات مطولة، حكت فيها زهرة لآية كل شيء عنها، وشعرت خلالها بحب آية لها وانشغالها بكل شيء يخص زواجها. طلبت آية من زهرة عدم التسرع في الزواج؛ وذلك حتى تتأكد من مشاعرها تجاه محمد، وتتأكد أنها بالفعل نست عادل ونست كل ما يخص تجربتها معه حلوها ومرها.
كانت آية تخاف أن يكون شعور زهرة بالحب نحو محمد سببه الألم الذي سببه لها جرح عادل لها؛ فكانت تعلم بخبرتها أن الأنثى عندما تجرح لا تستطيع أن تحب. كانت زهرة لا تزال تشعر بجرحها من عادل، إلا أنها بالفعل كانت تحب محمد، وأرادت حضور عمر وآية زواجها.
تم زواج زهرة ومحمد في وجود عمر وآية، كان الزفاف عبارة عن كتب كتاب في قاعة مناسبات أحد المساجد حضره أهل محمد وزهرة وأصدقائهما المقربين. كانت الفرحة هي التي تسيطر على المكان، وبعد عقد القران خرج محمد وزهرة وعمر وآية في رحلة نيلية على متن أحد المراكب السياحية. كان اليوم رائع بالفعل، لأول مرة تشعر زهرة أنها زوجة، وأن اليوم هو زفافها. لم تشعر بتلك الفرحة وذلك الاشتياق من قبل نحو عادل كما تشعر به الآن نحو محمد.
كانت مشاعر زهرة متداخلة، مشاعر تمتزج بالخوف من تجربة زواج جديدة، والحب والاشتياق لمحمد حتى وهو بجانبها. إنه الحب الذي لم تعرفه قبلا، عرفته الآن وشعرت به، لأول مرة تعرف زهرة الحب، وتلمع عينها به وتنطق بالاشتياق.
تغيرت زهرة كثيرا في تلك الفترة، أصبحت شخصية أخرى. أصبحت تعرف ماذا تريد، وأدركت أنها ليست تابعا لأي شخص، إنها هي زهرة وليست شخصا آخر، إنها هي ما تريد وليست ما يريده غيرها لها.
كان محمد يشعر بمشاعر زهرة المتباينة، إينه هو الآخر يشعر نحوها بمشاعر متباينة؛ ما بين حب واشتياق، ورهبة من زواج جديد وكذا شعور بالذنب نحو حبيبته المتوفاة.
انتهى حفل الزفاف وذهب كل من عمر وآية لمنزلهما ومحمد وزهرة لمنزلهما. عندما دخلت زهرة منزلها، شعرت أنها عروس لأول مرة، ولكن داهمها شعور بالرهبة والخوف عندما لمحت حجرة نومها. لقد تذكرت زهرة ذلك اليوم الذي بدأت فيه حياتها مع عادل، ومأساتها التي استمرت طيلة فترة زواجها بسببه، والتي لا تدري حتى الآن من منهما المسئول عن ذلك، هل هو عادل لتعجله البناء بها؟ أم هي لخوفها وصمتها وجهلها؟ أم كلاهما معا لعدم مصارحة كل منهما الآخر بما يشعر به؟!
لاحظ محمد شرود زهرة وملامح الخوف والقلق التي ارتسمت على ملامحها، فاقترب منها وهمس في أذنها "زهرة ما تخفيش، بحبك، ومش مستعجلين على حاجة" كانت كلمات محمد لها كأنه قرأ ما يدور بذهنها؛ فنظرت له نظرة حملت الكثير من المعاني من حب وشعور بالأمان والامتنان وخوف من المستقبل، لم تحتمل المشاعر تسيطر عليها، أرادت أن تقول لمحمد ما تشعر إلا أنها لم تشعر بشيء وأغشي عليها.
أدرك محمد مأساة زهرة التي سببها لها زواجها السابق، حملها وأدخلها في غرفتها وتركها بملابسها، كي لا تخاف منه. وجلس يفكر كيف يستطيع أن يتعامل معها وينتزعها من مشاعر الخوف والألم التي تسيطر عليها، شعر الآن كم كان عادل همجيا في تعاملها معها أول مرة، وفهم سبب اعتقاده أن زهرة جماد لا يشعر. لقد جعلها عادل كذلك دون أن يدري، لقد خلق لديها عقدة من العلاقة تجعلها تخاف وتحجم عنها؛ حتى وإن كانت تريدها، كم كان غبيا متسرعا.
ارتدى محمد ملابس النوم ودخل غرفة المكتب اختار لنفسه كتابا ليقرأه حتى تستيقظ زهرة ويتحدثان سويا عن خطة علاجها، أراد أن يتعامل مع زهرة بوضوح وصراحة، أرادها أن تتعلم كيف تعبر عن نفسها ومشاعرها صراحة دون خجل.



الفصل الثالث والأربعون الأخير

  قرر اخوة علاء عدم زيارته مرة أخرى وغلق باب القرابة أمامهما، لم يفهم علاء السبب وكذا ميساء ولكنهما لم يحزنا كثيرا لأن هناك خبرا آخر جعل علا...