ظل أمير جالسا في الصالة منتظر وصولي ومقرر
ان يطلقني، وصلت البيت ودخلت وجدت أمير جالسا في الصالة أكلمه لكنه لا يرد، دخلت
أبدل ثيابي وأنا أحدثه وهو لا يرد عليّ بكلمة
شذى: ايه يا أمير عمالة أكلمك وانت مش بترد عليا
مالك
أمير (وشه متضايق) ما يردش عليها وينزل على
وشها بألم شديد ويسيبها وينزل
بكيت وأنا لا أفهم أي شيء ولا أعرف سبب ما
فعله حتى وجدت الكمبيوتر المحمول الخاص بي مفتوح على الفيس بوك والرسائل مفتوحة
ففهمت أنه قرأها جميعا
جلست على الكرسي في الصالة وفتحت الكمبيوتر
المحمول على مذكراتي وتذكرت لقد عدت من ألمانيا منذ أربع سنوات في ذلك الوقت ومر
على زواجي من أمير ست سنوات والسنة السابعة أمامها أيام قليلة وتنتهي ورغم حزني من
عدم وجودي في حياة أمير وعدم تفرغه لي وأنه لم يعد يتحدث معي كما كنا في بداية
الزواج وشعوري أنه بعيد عني رغم حاجتي الماسة له، وحاحتي لحبيبي الذي يقف أمام
الجميع من أجلي.
تذكرت منذ ثلاث سنوات مضت عندما فاتحتني
حماتي كي أقنع أمير أن يتزوج كي ينجب وسكوتي وخوفي من فتح الموضوع أمامه لبعده عني
وخوفي أن يكون يفكر في الزواج من أجل الانجاب لأنه لا يحبني مثل زمان، وحمدت ربنا
ان والدته لم تفتح معه الموضوع، كما تذكرت شعور الفراغ الشديد الذي شعرت به وهو
يسافر لمؤتمراته التي لا تنتهي وعمله في الكلية والتعليم المفتوح والجامعات
الخاصة، لقد انشغل كثيرا في عمله حتى نسى وجودي وأصبحت أكاد لا أراه
كثيرا جدا كنت أحتاج إلى وجوده بجانبي وأن
يحضتنني ويحميني من الناس من حولي، ولكنه غير موجود طوال الوقت. لمت نفسي على حبي
له وأني أكملت حياتي معه وتمنيت لو أنني لم أحبه، كم فكرت كيف أجرحه، ولكن أتذكر
دائما أن الرجل إذا قابل مشكلة ما يحتاج إلى الابتعاد عن الناس وأن يدخل كهفه
الخاص ولكن المشكلة أنه دخل الكهف ونسى أن يخرج.
تذكرت محاولاتي المستميتة مي يعود لي وأن
أذكره بوجودي ولكنه دائما يقول لي أني أبالغ في ردة فعلي وأنه يتعب كثيرا في العمل
من أجلي ومن أجل توفير احتياجاتي ولكنه نسى أنه ضمن احتياجاتي.
تذكرت عندما احتجت أن أتحدث معه وارتمي في
حضنه بعد أن عايرتني سلفتي وحماتي بعد الانجاب، وعندما جاء امير وحاولت الكلام معه
ووجدته مشغول لم يسمعن ولم ير دموعي عندها شعرت أن خنجرا انغرس في قلبي.
كما تذكرت أيضا يوم كنت محتاجة أمير الزوج
والحبيب وأريد أن أتكلم معه أريد أن أتحدث أن يستمع أحد إليّ، كنت محتاجة حضن كنت محتاجة
أن أشعر أنني أنثى مرغوبة وأن حبيبي يرغب فيّ.
تذكرت حسابي على الفيس بوك وفكرة صفحة
المشاكل الاجتماعية التي أنشأتها حتى أشغل وقت فراغي بها وكيف شجعتني هبة عليها وقالت
لي انها فكرة جيدة سوف تشغل وقت فراغي كما أنها تجعلني أشعر أنني أفعل شيء مفيد، تذكرت
الكلام المعسول الذي كنت أسمعه من الناس على الصفحة وكنت أرغب أن أسمعه من زوجي، وتذكرت
الناس التي فهمتها غلط وهم كان غرضهم اصطياد السيدات والحصول على أي مصلحة منهن.
تذكرت احساسي انني فقدت انوثتي لأنني وصلت لمشارف
الاربعين، احساسي انني كبرت وشخت ولم أعد تلك الشابة الصغيرة، خوفي من أول شعرة
بيضاء ظهرت في شعري، خوفي عندما لاحظت أول تجعيدة صغيرة غير ملحوظة جانب عيني، تذكرت
أنني لم أعد أنثى مرغوبة كما كنت سابقا ومن أجل ذلك ابتعد عني أمير، شككت انه من
الممكن أن تزوغ عينيه على أي بنت صغيرة من البنات في الجامعة او ممكن اي واحدة منهن
ترسم عليه لتتزوجه، وعندها الفرصة ان الدكتور زوجته لا تنجب ولا يمكنها أن تنجب
أبدا، أما عن الحب فقد طار من الشباك منذ ما يقرب من ثلاث سنوات.
وبكيت بحرقة شديدة، ياااااااااااااااه يا
أمير، كم أشعر بحاجتي إليك، حاجتي للمسة من يديك، لكملة حنونة، لحضن دافئ كم أحتاج
لكملة حلوة تشعرني أنني أثنى ومرغوبة. لماذا أشعر بتلك الرغبة من رجال غيرك، لماذا
لا أستطيع أن اخونك؟ لماذا أشعر أن كل كلمة حلوة أسمعها من رجل غيرك أنك أنت من
تقولها لي؟ لماذا لا أستطيع أن أرى رجل غيرك في حياتي؟ لماذا لا أستطيع أن أنهي
حياتي معه برفضه لي؟ لماذا شعوري برفضه لي ولماذا لا يطلقني؟
مشاعر كثيرة مرت في تفكيري، تذكرت عندما فرضت
على أمير أجازة من أجل السفر فيها كما فكرت أن ذلك قد يكون حل ويجعل أمير يعود لي،
شذى: أنا حجزت نسافر اسكندرية اسبوع
أمير: نسافر ليه؟ انا مش فاضي
شذى: مش فاضي مش فاضي، ايه يا اخي حس بيا شوية
أنا مش كنبة أو كرسي في البيت، حرام عليك
أمير:يووووووووووووووووووه هوا الموال دا مش
بيخلص أنا تعبت منك ومنه حرام عليكي يا شيخة انتي مش بتزهقي
شذى: بص بقى أنا حجزت وكده كده مسافرة يا تيجي
معايا او ح اسافر لوحدي بس انت من طريق وانا من طريق
أمير: للدرجة دي بتتلككي ماشي يا شذى سافري لوحدك
شذى (بتعيط): طلقني يا أمير
أمير (اتضايق انه وصلها للمرحلة دي رغم انه
مش فاهم السبب): أنا اسف يا شذى، ارجوكي انتي عارفة اني ما اقدرش اشوف دموعك، دموعك دي
غالية عليا قوي، خلاص يا ستي احنا ح نسافر امتى؟
شذى: بعد اسبوع عشان تقدر تخلص اللي وراك بعد
كده ح ننشغل عشان امتحانات التيرم والكنترول
أمير: اللي تشوفيه
تذكرت انه فعلا ترك كل شيء وقضى معي أجمل اسبوع
في حياتي كلها، اسبوع عاد لي أمير حبيبي القديم، وبعدما كنت أنوي طلب الطلاق وقتها،
تصالحنا مرة أخرى، ولكن "يا فرحة ما تمت، ورجعت ريما لعادتها القديمة" وانشغل
أمير مرة أخرى كما كان وأكثر، وبدأت أنا أيضا ابتعد عنه واشغل نفسي بصفحتي
الاجتماعية ومشاكلها وأحاول أن أتكلم عن مشاكلي مع أي أحد علني أجد الإجابة يجوز
أن أكون أنا السبب ولا أدري، حتى لو لم أكن السبب قد أجد الحل النهائي للمشكلة.
ولاء: ياااااااااه يا شذى كل دا كان جواكي
شذى: وأكتر كمان
ولاء: وايه حصل تاني
شذى: افتكرت الناس اللي عملت لها بلوك،
والناس اللي فعلا ساعدتها بحلول كتير في مشاكلها، افتكرت حاجات كتير، افتكرت
الفترة اللي قربت فيها من ستات ورجالة كتير على الصفحة مشاكلهم كانت قريبة منها
والحلول اللي هما وصلوا ليها وهي رفضتها. فكرة الخيانة، انك تخون بدرجات مختلفة،
افتكرت الست اللي كانت بتحب واحد في التليفون عشان تحس بالحب اللي جوزها حرمها
منه، والراجل اللي خان عشان مراته مش مكفياه. وراجعت حياتي كلها هي ازاي وصلت لكده
مع أمير، الأول اتجوزته عشان بيحبني وعشان أسافر، بس بعد كده حبيته حب كان مالي
عليّ حياتي ودنيتي وسألت نفسي هو ايه اللي اتغير عشان حياتنا توصل لكده، ليه أمير
بِعِدْ عني قوي كده، طب الحل ايه؟ أعمل ايه؟ هل فعلا احنا وصلوا لطريق مسدود؟ هو
أمير لما قرا الرسايل دي اتنرفز ليه؟ أنا مش بخونه، أنا بفضفض مع أصحابي شوية ومع
ناس ما اعرفهاش شوية، بحاول اوصل لحل لمشكلتي معاه، يبقى ليه اتنرفز كده؟ ليه مد
ايده عليّ؟ انا عملت ايه؟ هو مين فينا الغلطان أنا ولا هو؟ وفي وسط التفكير
واللخبطة دي كلها وصل أمير وفتح الباب: أمير: شذى عايز اتكلم معاكي
شذى: تحت أمرك
أمير(بعصبية): ممكن افهم ايه الكلام اللي شفتته عندك على
الفيس؟ ممكن افهم ايه المحادثات دي؟
شذى (بتعيط) ومش بترد
أمير (بعصبية ونرفزة): انتي بتعيطي ليييييييييييييييييه، حرااااااااااااااااام
عليكي اللي انت بتعمليه فيا دا، وكمان بتعيطي. بقى فيه واحدة محترمة تتكلم كده مع
ناس ما تعرفهاش
شذى (بتعيط) ومش بترد
أمير (بعصبية ونرفزة): عبريني وردي عليا أنا بني ادم بكلمك، يا
بنت الناس يا متربية، يا ست الاستاذة الجامعية المحترمة، ازاي تسمحي لنفسك ولرجالة
غريبة تكلمك في علاقتنا الشخصية ازاي تسمحي لحد انه يعاكسك ويكلمك بالتساهل دا، لا
وكمان بتضحكي، اومال بتعملي ايه في الجامعة مع الناس زمايلي بيقولوا عليا ايه
دلوقتي، مركب قرون اييييييييييييييييييه ما تردي
أمير: بصي يا بنت الناس مش شايف حل تاني دلوقتي
غير ان كل واحد يقعد لوحده شوية أهدى وبعد كده اما نكمل مع بعض او ننفصل
حاولت أرد عيطت زيادة وما قدرتش اتكلم وغيبت
عن الوعي
عندما شاهدني أمير أغيب عن الوعي جن جنونه وخاف
عليّ كثيرا ولام نفسه على شدته عليّ، هو يحبني وخائف عليّ وعلى شكلي أمام زملائنا
والناس كلها، يخاف عليّ ويحبني وكان يشد عليّ من احساسه بالجرح انني فعلت ذلك وفي
نفس الوقت احساسه بالخوف والغيرة عليّ من نظرة الناس لي.
حملني وذهب بي إلى المستشفى، التشخيص كان
انهيار عصبي، ظل أمير بجنبي لا يريد تركي، اعتذر عن محاضراته وكل التزاماته من أجل
البقاء معي، واكتشف انه يحبني اكثر مما كان يفعل من قبل، وانه يعشق كل شيء فيّ حتى
جناني، قال الطبيب أنني أحتاج إلى بعض الوقت حتى أعود لوعيي مرة أخرى وأن فقدي
الوعي كان تصرف لا إرادي أخذه عقلي الباطن للهروب من مشاكل لم يستطع مواجهتها وحكي
أمير ما حدث للطبيب الذي طمأنه وطلب منه انه يكون بجانبي ويتكلم معي ويطمئنني أنه
لن يبتعد عني، بعدما تأكد الطبيب أن أمير لا ينوي الابتعاد عني فعلا.
وفعلا ظل أمير معي في المستشفى 24 ساعة لا
يتركني وكان يتحدث معي وأنا فاقدة الوعي وهو يعرف أني أسمعه كما قال له الطبيب
ولكني لا أقوم بأي رد فعل، عرف أمير أنه يحبني أكثر مما كان يفعل وأنه لن يتركني
أبدا. وقال لي أمير أنه تذكر بينه وبين نفسه الأوقات الحلوة اللي مرت علينا أنا وهو،
تذكر لحظة اعترافي له بحبي، وعندما عمل الحادثة وكنت بجانبه لم اتركه لحظة واحدة،
وانني سمعت كلامه ولم يعرف أحدا أي شيء عن الحادثة فعلا. قال لي أنه ظل يتذكر فترة
من الزمن ويعتذر عن معاملته الجافة لي فترة أخرى ويقول لي أنه توحشني كثيرا.
ظللت غائبة عن الوعي لمدة اسبوع، كان هو يعمل
لي كل شيء ويتكلم معي، كنت أسمعه لكني غير قادرة حتى على فتح عيني أو أن أرد عليه،
كنت أريد الاعتذار له بالرغم انني لا أعرف ما الذي ضايقه وعدم فهمي لتصرفات كثيرة عملها
وأنا فهمتها خطأ، كانت أريد أن أقول له سامحني ولا تتضايق مني، كنت أريد أن أقول
له أحبك وقابلة منك اي شيء الا ان ننفصل او أن نبتعد، وعدت لوعيي ولكن لم أكن
قادرة على الكلام، وفرح أمير جدا برجوعي لوعيي، وتعبيراتي على كلامه هي تعبير واحد
وهو أنني أحبه، أما عن أهلي فقد قال لهم أمير أننا سافرنا لعمل خارج مصر حتى لا
يعرف أحد ما حلّ بي. لقد رأيت خوفه عليّ حتى تذكرت ما حدث لي في ألمانيا وخوفه
عليّ وقتها
فلاش باك ألمانيا بعد سنة بيت شذى
وأمير
أمير (خايف ومش عارف في ايه): شذى شذى ارجوكي ردي عليا مالك؟
شذى (بتتألم ومش قادرة ترد ونزيف شديد مغرق
هدومها وكل حاجة): اااااااااااااااااااااااه الحقنيييييييي وفقدت الوعي
أمير (خايف ومش عارف يعمل ايه طلب الاسعاف)
المستشفى في ألمانيا
أمير (خايف): خير مالها يا دكتور في ايه؟ مالها؟
الدكتور: حضرتك مين؟
أمير: انا زوجها
الدكتور: الفحص والاشاعات بتقول ان مراتك عندها ورم
في الرحم
أمير (مرعوب): ورم ايه؟ نوعه ايه؟
الدكتور: الورم حميد، بس النزيف الشديد دا خطر
أمير: الحل ايه؟
الدكتور: لازم نستأصل الرحم والا ممكن الورم يتحول
ويبقى ورم سرطاني
أمير: اعمل اللي حضرتك شايفه مناسب يا دكتور
الدكتور: امضي على الاقرار وح نجهزها للعملية
بعد العملية
شذى: هو حصل ايه يا أمير
أمير (بلهفة): شذى انتي فوقتي؟حمد لله على سلامتك
شذى: هو في ايه؟
أمير: انتي جالك نزيف شديد، وبعد كده فقدتي الوعي
خالص وانتي بتصرخي وتقولي الحقني. انتي ليه ما قولتيش انك بتشتكي من آلام في الرحم
شذى: انت كنت مشغول وقربت تخلص الرسالة، ما كانش
ينفع اشغلك معايا
أمير: على فكرة عيب عليكي تقولي كده، انتي مراتي
وحبيبتي وكل ما ليا في الدنيا. في حاجة عايزك تعرفيها
شذى: خير؟
أمير: انتي شيلتي الرحم
شذى (ما ردتش وعيطت)
أمير: بصي يا شذى صحتك عندي اهم من اي حاجة
تانية، ما ينفعش اشوفك بتموتي قصادي وانا متكتف
شذى (بعيط): انا كده مش ح اخلف خالص، وانت بتحب الأطفال
وكان نفسي اشيل طفل منك
أمير (بيضمها ليه): انتي حياتي وكل ما ليا في الدنيا
عدت من ذكرياتي في المستشفى والعملية على صوت
أمير والطبيب وحاولت أن أتكلم وخرج صوتي أخيرا
أمير (حضنها وضمها بقوة لما سمع صوتها): بحبك وعمري ما أقدر أبعد عنك
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق