الثلاثاء، 12 يوليو 2016

اليتيمة -الفصل الثاني



إنها ولاء محمد سمير عبد الواحد، ولاء فتاة ذات ملامح مصرية، خمرية اللون، محجبة وملتزمة بالزي الشرعي، سوداء الشعر، ينسدل شعرها الناعم ليغطي كامل ظهرها، عيونها سوداء واسعة وأهدابها كثيفة وطويلة تحب النظر إليها، خاصة مع تناسبها مع رسمة أنفها الصغيرة ووجها المستدير، طويلة ونحيفة، ملابسها بسيطة دائما، تعكس ألوانها حالة الحزن الدائم وعدم الشعور بالأمان. أنهت ليسانس الحقوق من جامعة القاهرة بتقدير عام جيد جدا وكانت من العشر الأوائل على دفعتها؛ لذا التحقت بالعمل في أحد المصالح الحكومية، حيث تلتزم الحكومة بتعيين العشر الأوائل من كل كلية وجامعة.
كانت ولاء يتيمة الوالدين وتربت في دار للأيتام، لم تكن تعرف ولاء أن حظها العسر هو ما وضعها في تلك الظروف، كما لم تكن تعرف في ذلك الوقت أن وفاة والديها وتربيتها في دار للأيتام ستكون وصمة عار –من وجهة نظر المجتمع –تعير بها طوال حياتها.
حيث بدأت معاناة ولاء عندما وصلت لسن المدرسة، لم تكن معاناة لها وحدها فقط، ولكن معاناة لكل من جعلته ظروفه يلتحق بدار للأيتام، -الملجأ، كما اعتادت سماع هذه الكلمة –ابتعد عنها الطلبة، بجانب النظرات الجارحة من ذويهم، وتعمد بعض المدرسين معايرتها بأنها لقيطة. ولكنها ليست كذلك لقد شاء الله أن يموت والديها في الحادث وتبقى هي وحدها تصارع هذه الحياة، بلا أم تحن عليها ولا أب يشعرها بالأمان.
عاشت هذه المعاناة حتى تخرجت من الجامعة وكانت متفوقة مما أهلها للعمل موظفة في الشئون القانونية بأحد المصالح الحكومية، ولأول مرة استطاعت ولاء أن تخفي حقيقة أنها تربت في دار للأيتام؛ حيث أن مصوغات التعيين المطلوبة منها شهادة ميلادها موجودة ومذكور بها اسم والديها وكذا شهادات اتمامها مراحل التعليم وهي لحسن حظها أنها لم تحتج أن تذكر أنها تربت في دار للأيتام، فلأول مرة لا يذكر أن ولي أمرها دار الأيتام، لأول مرة منذ أنهت تعليمها لا يكون هناك مجال لأوراق الملجأ في أوراقها.
لم تكوِّن ولاء أية صداقات في الكلية أو العمل؛ فهي تعرف مسبقا مصير هذه الصداقة، معايرة لها بشيء ليس لها فيه يد. وهناك –في العمل –تعرفت على فارس، الذي أعجب بها وطلب يدها للزواج.
تعيش مع زوجها في شقة متوسطة مكونة من حجرتان وصالة كبيرة تتسع لغرفتي السفرة والصالون، والحجرة الكبرى خصصتها لغرفة نومها والثانية غرفة نوم للضيوف وتحولت لغرفة لولدها عندما حملت به، ومطبخ كبير وحمام. تقع شقتها في حي السيدة زينب، حيث تزوجت هناك، وتركت الحجرة التي كانت تعيش بها قبل زواجها من فارس في بين السرايات.
تذكرت ولاء كيف تعرفت ولاء على فارس في العمل، كان زميل لها في العمل يعمل في إدارة أخرى غير إداراتها ولكنه كان يزور زميل له بالإدارة التي تعمل بها، وعلمت أنه يسأل عنها منذ رآها. وكيف طلبها للزواج.
العمل ما يزيد عن خمس سنين
فارس: أستاذة ولاء ممكن أتكلم مع حضرتك شوية؟
ولاء: طبعا اتفضل.
فارس: انا اسف مش ح ينفع نتكلم هنا ممكن اشوف حضرتك في أي مكان بعد انتهاء العمل؟ صدقيني مش ح أعطلك بس الأمر مهم.
ولاء (خافت كل ما جال بخاطرها وقتها أنه علم عنها شيئا): حاضر، بس انا ما اعرفش مكان اختار حضرتك المكان بس لو سمحت مش عايزة حد من زمايلنا يشوفنا مع بعض
فارس: حاضر عارفة الكافيه اللي على أول الشارع؟
ولاء: ايوة
فارس: تمام نتقابل هناك بعد الشغل على طول
ولاء: حاضر
خافت ولاء أن يكون فارس عرف عنها شيئا وعن تربيتها في دار الأيتام، ثم طردت هذه الفكرة من عقلها، فكيف له أن يعرف وهذه الأوراق معها هي وأصبحت في طي النسيان بعد أن التحقت بالعمل، ثم خافت أن يكون سبب طلبه لقائها أن يمضي معها بعض الوقت ويتركها؛ فهي لا تزال تعتقد أن الجميع يرى فيها صيدا سائغا لوفاة والديها؛ رغم أنهم يعرفون أنها تعيش مع عمتها، ترددت كثيرا أن تذهب للقائه ولكنها حسمت أمرها في النهاية، ستذهب وتعرف ما يريد وإن كانت الأولى أو الثانية فليهمها الله ما تفعله.



ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق

الفصل الثالث والأربعون الأخير

  قرر اخوة علاء عدم زيارته مرة أخرى وغلق باب القرابة أمامهما، لم يفهم علاء السبب وكذا ميساء ولكنهما لم يحزنا كثيرا لأن هناك خبرا آخر جعل علا...